جدل سياسي في الجزائر بعد فرض قائد الجيش موعداً للرئاسيات المقبلة

أكبر أحزاب المعارضة يعلن تأجيل موقفه من المشاركة في الاستحقاق

TT

جدل سياسي في الجزائر بعد فرض قائد الجيش موعداً للرئاسيات المقبلة

قالت «حركة مجتمع السلم»، أكبر الأحزاب الإسلامية المعارضة في الجزائر، إنها ستعلن عن موقف بخصوص مشاركتها في انتخابات الرئاسة بالجزائر، عندما «يتم استدعاء الهيئة الناخبة رسمياً». في إشارة ضمناً إلى أن تحديد موعد الاستحقاق يكون من طرف رئيس الدولة، وليس من طرف قائد الجيش، الذي يثير جدلاً كبيراً بعد أن طالب بإجراء انتخابات رئاسية في نهاية العام الجاري.
وذكر الحزب الإسلامي في بيان، عقب اجتماع قيادته أمس، أن «التحدي الحقيقي الذي يعيق أي مسار سياسي ويديم الفساد ويصنع العصابات، هو عدم نزاهة الانتخابات، وعدم حياد مؤسسات الدولة في المنافسة السياسية، والتحول الديمقراطي الحقيقي لا يتحقق إلا بالإرادة السياسية الحقيقية قبل الهيئات والنصوص القانونية، والإجراءات الرسمية التي يمكن تجاوزها والانقلاب عليها». وتحدث الحزب الذي يرأسه عبد الرزاق مقري عن «وجود مؤشرات تتسبب في تخوفات كثيرة على صعيد الحريات والديمقراطية، ومن ذلك التحكم في الإعلام، والتضييق على تأسيس الجمعيات والأحزاب، واعتمادها وفق قاعدة الولاء القديمة، والتضييق على الأحزاب ذات الرأي المخالف، ومحاولات تبييض أحزاب السلطة، وعودة فقاعة الانتهازية وثقافة الوصولية والزبونية».
وأضاف مقري أن الجزائر «ستعرف مصاعب اقتصادية كبيرة، والمخرج من كل الأزمات لا يكون إلا بالحوار الجاد والمسؤول والتوافقات الكبرى، وبضمان الحريات والرضى الشعبي العام، وأي تحايل على الإرادة الشعبية العامة الحقيقية ستكون تكلفته عظيمة على استقرار البلد».
من جهته، أعلن سليمان شنين، رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، أمس بمناسبة افتتاح دورة للبرلمان، دعمه لخطة الجيش استدعاء الهيئة الناخبة في 15 من الشهر الجاري، وما يعنيه ذلك من أن الاقتراع سيعقد في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال شنين في خطاب تابعه أعضاء الحكومة إن «هيئة الحوار» المحسوبة على السلطة «استطاعت أن تتقدم بخطوات مهمة في الاتجاه الصحيح. فقد أحدثت ديناميكية داخل المجتمع من أجل التعجيل بالحل السياسي، المتمثل في تنظيم انتخابات رئاسية في أحسن الظروف».
وتواجه «الهيئة» رفضا شعبيا واسعا بسبب انخراطها في خطة السلطة تنظيم رئاسية في أقرب وقت، وهو خيار يرفضه الحراك بشدة.
وأكد شنين أن المظاهرات الأسبوعية ضد النظام «تحمل رسائل يجب أن تحظى بالاهتمام، والترجمة العملية على مستوى القرارات. لكن لا بديل عن الانتخابات التي لها حصرية الحسم والتمثيل الشعبي». مشيدا بالجيش الذي «استطاع أن يحافظ على محورية دولتنا في الإقليم والمنطقة عموما، وهو ما ساهم في زيادة الاحترام الدولي للجزائر... احتراما زاد منه تلاحم الشعب مع جيشه، والمناعة المكتسبة ضد أي نوع من أنواع التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية».
وأحدثت دعوة رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح، أول من أمس، إلى استدعاء الهيئة الناخبة جدلا كبيرا في البلاد، إذ أعاد طرح نقاش قديم حول «أولوية السياسي على العسكري» في اتخاذ القرار.
وبهذا الخصوص، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي هواري عدي، المقيم بفرنسا، إن «التصريح الذي أدلى به الجنرال (استدعاء الهيئة الناخبة) قايد صالح مفاجئ وغير واقعي. لكن وجب العلم أن قيادة الأركان مكونة من عدة جنرالات، منهم الكبار في السن ومنهم الشباب، وهم ليسوا على رأي واحد بخصوص إجراءات الخروج من الأزمة. وبالنسبة لي، أرى أن ما يفسر هذا الإعلان هو أن الحمائم دفعوا الصقور إلى تنظيم انتخابات رئاسية، في حدود منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول). لكن لن تجري الانتخابات لأسباب بديهية، وهذا سيؤدي إلى تقوية الحمائم. وسيضطر قايد صالح للاستقالة. أعتقد أنه سيتم تجديد قيادة الأركان في حدود منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) لأجل تهيئة الظروف لمخرج حقيقي من الأزمة، يكون مقبولا لدى الشعب». وبحسب عدي فإن «الشروط السياسية لإجراء انتخابات غير متوفرة. ولن يجرؤ أي مترشح جاد على المشاركة فيها في الوقت الذي يتظاهر فيه مئات الآلاف من الأشخاص كل يوم جمعة. وإذا ما وجد مترشحون فلن يكون بإمكانهم تنظيم تجمعات انتخابية. وحتى إن جرت الحملة الانتخابية في أماكن مغلقة، وعلى بلاطوهات التلفزيون العمومي، فإن المواطنين سيقومون يوم الانتخاب بمنع فتح مكاتب الاقتراع. كما أن استعانة مصالح الشرطة بالجيش لن يُسعفهم تأمين الآلاف من مكاتب الاقتراع. ولن تكون هناك انتخابات ولا يمكن لها أن تكون».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.