التسوق في ميلانو متعة ونزهة

شارع واحد من شوارعها يدر 12 % من إجمالي الناتج المحلي للمدينة

التسوق في ميلانو متعة ونزهة
TT

التسوق في ميلانو متعة ونزهة

التسوق في ميلانو متعة ونزهة

عريقة في معمارها ومبانيها التي تختزن روائع الفنون الإيطالية من عصر النهضة، حديثة في مبتكراتها وقدرتها التي لا تنضب على التجدد والاستباق، إنها ميلانو عاصمة التصميم ومحجة الساعين وراء السعادة الكامنة في طقوس التسوق والبحث عن الجديد، أو ما يتناسب مع الأمزجة الخاصة والاحتياجات المعينة.
ميلانو من المدن النادرة التي يتساوى فيها الجمال والأناقة بين ما تراه العين للوهلة الأولى وما يتكشف عبر الفضول والبحث عن الكنوز المخفية وراء الظواهر. يقصدها عشاق الأناقة والمدمنون على التسوق من كل أنحاء العالم وهم على يقين من أنها لن تخذلهم، وسيجدون فيها ضالتهم، مهما كانت غريبة أو معقدة.
التسوق في ميلانو متعة، ونزهة مريحة تعفيك من عناء التنقل ومشقة المواصلات؛ كل المخازن الفخمة والمتاجر الأنيقة والمطاعم والمقاهي الراقية تقع داخل «المربع الذهبي» الذي تحده أربعة شوارع، تجتمع على أرصفتها ونواصيها منتجات فاخرة ترتجف لأسعارها الجيوب وبطاقات الاعتماد. لكن المتعة هنا ليست مقصورة على الشراء، بل هي أيضاً في زيارة هذه المتاجر من داخلها البديع، والتجول أمام معروضاتها وواجهتها المصفوفة بذوق رفيع.
نقترح بداية لجولتنا شارع Monte Napoleone الذي يكاد وحده يختصر حكاية التسوق والأناقة في ميلانو؛ كل العلامات الإيطالية الكبرى تتنافس هنا مع علامات عالمية في واحد من أغلى الشوارع في العالم، إذ يُقدَّر أن مدخوله يعادل 12 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمدينة.
في هذا الشارع، قرر المصمم الإيطالي الشهير جياني فرساتشي أن يقيم مجمعاً ضخماً، ليكون معرضاً لأزيائه ومبتكراته في عالم الأثاث المنزلي، ومدرسة يتدرب فيها المصممون الشباب الموهوبون، لكن اغتياله في ميامي صيف عام 1997 حال دون تنفيذ المشروع.
وإلى جانب مخزن فرساتشي، نجد المقر الرئيسي لدار المصمم جيورجيو آرماني، الذي اختار ميلانو أيضاً ليبني فيها مسرحاً كبيراً، تقام فيه استعراضات غنائية وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة، إضافة إلى عروض أزيائه الموسمية، وصالات دائمة لمبتكراته في عالم المفروشات. وقد وقع اختياره لتصميم المبنى على المهندس المعماري الياباني تاداو آندو، المعروف بصفاء أسلوبه وبساطته. وبالفعل، حول المبنى الذي كان في الماضي مصنعاً لشركة «نستلية» إلى قطب عالمي للأزياء والتصميم.
ومن المباني الأخرى الشهيرة في المربع الذهبي «Brian & Barry»، بطوابقه الاثني عشر التي تضم تشكيلة واسعة من الأزياء النسائية والرجالية لأهم العلامات الدولية والمصممين الطليعيين، إضافة إلى عدد من المطاعم والمقاهي، بعضها يطل على معظم أحياء المدينة. متجر «10 Corso Como» هو أيضاً من المؤسسات العريقة التي لا بد من زيارتها للتسوق من عند نخبة من المصممين الحرفيين الذين ليسوا معروفين على نطاق واسع، لكنهم يتميزون بمبتكرات يدوية متقنة، يستخدمون فيها أجود الأنسجة والجلود. كما يضم هذا المتجر الكبير مطعماً راقياً في حديقته الداخلية الجميلة، وفندقاً صغيراً فخماً، تحوي أجنحته الخمسة مجموعات نفيسة من التحف واللوحات.
وقبل مواصلة تجوالنا في إرجاء المربع الذهبي، نقترح استراحة قصيرة عند «Cova»، أحد أقدم المقاهي في إيطاليا، الذي منذ تأسيسه في عام 1817 ما زال يتميز بخدمة لا تضاهى، وبحلوياته التي يقدمها في قاعاته الوثيرة على أطباق من الخزف الثمين الذي يعود لمطالع القرن التاسع عشر. وبعد استعادة النشاط، نتوجه إلى متجر «Fornasetti» القريب، الذي يقوم في المنزل الذي عاش فيه المصمم المبدع الشهير Filippo Marinetti، حيث يعرض «Piero» أحدث مبتكراته المتنوعة، من أثاث منزلي وخزف وأوانٍ للمطبخ وحقائب للسفر وقرطاسية.
ونتابع جولتنا، وندخل شارع Via della Spiga، الذي يعده البعض أجمل شوارع التسوق في العالم، لمبانيه الحجرية العريقة التي سكن فيها عدد من كبار الأدباء والفنانين، وأيضاً لمتاجره والمطاعم التي غالباً ما يتردد عليها النجوم والمشاهير. هنا أيضاً أقام المصممون الإيطاليون والعالميون الكبار متاجر لهم، يتخصص معظمها بالزبائن الذين يبحثون عن منتوجات محدودة أو تحت الطلب.
لكن التفرد في هذا الشارع ليس وقفاً على الأسماء الشهيرة، بل فيه عدد كبير من متاجر العلامات غير المعروفة على نطاق واسع، التي يخرج من بين أيادي مصمميها ومحترفاتها أجمل المنتوجات وأفخمها، مثل Alba Eloisa D’alessandro، وهو مشغل لأثواب الزفاف رفع تصاميمه إلى مستوى الأعمال الفنية التي لا تتكرر «لأن كل ثوب هو فريدٌ مثلما هي فريدةٌ كل امرأة»، كما تقول مؤسسة الدار وصاحبتها التي تفاخر بأن بين زبائنها معظم العائلات المالكة في أوروبا.
وللأطفال أيضاً هنا متاجر متخصصة، مثل Monalisa الذي لا تقتضي خياطة أثواب الصغار لديه أقل من أسبوع، ولا تقل أسعارها عن أثمان الملبوسات لدى العلامات الكبرى. ولكي لا يخرج الزائر العادي خاوي الوفاض من هذا الشارع، نقترح أن يدخل متجر القفازات الشهير Sermoneta، حيث بإمكانه أن يجد ما يهدي لمن عز عليه، من غير أن يهدد ميزانيته بالخلل أو الانهيار.
المحطة التالية في جولتنا التسوقية هي شارع Via Brera الذي رغم كونه أحد أضلاع المربع الذهبي، تشعر فيه وكأنك خرجت إلى عالم آخر يتنفس العراقة، ويضج بالسكينة المنسدلة على محلات التحف والمجوهرات والمحترفات الصغيرة. حوانيت أنيقة هنا تجعل من المظلة تحفة تدفعك إلى تمني هطول المطر كي تستخدمها، ومن العطور بطاقة هوية شخصية تتباهى بها. أما متاجر المجوهرات هنا فمعالم معمارية بذاتها تفاخر بأنها زينت رؤوس نبلاء أوروبا وعائلاتها المالكة والحاكمة منذ القرن السابع عشر.
وقبل أن تغادر هذا الشارع، لا بد من محطة قصيرة في مخزن العطور الشهير Santa Maria Novella الذي كان في أصله صيدلية يرجح أنها الأقدم في العالم، وتعود إلى أواسط القرن الخامس عشر. كل العطور والمستحضرات هنا ما زالت تُصنَع وفقاً للأساليب والطرق القديمة، ولا يستخدم في إنتاجها سوى المواد الطبيعية التي يستخرج معظمها من النباتات والزهور التي تنمو في مزارع خاصة.
مغامرة التسوق في ميلانو لا تكتمل من غير زيارة أقدم مجمع تجاري في العالم، يحمل اسم أول ملوك إيطاليا بعد توحيدها، فيتوريو إيمانويل الثاني. وقد وُضِع تصميم هذا المجمع في عام 1861، واستغرق بناؤه اثني عشر عاماً، ويعد أحد أبرز رموز الطراز المعماري الإيطالي. ويتكون المبنى من رواقَين عاموديين تحت قبة زجاجية، متقاطعين على شكل مثمن الأضلاع، وأرضه من الفسيفساء التي اشتهر بها الرومان منذ القدم. ونظراً لأهميته التاريخية، وموقعه في وسط المدينة، تتنافس الأسماء الكبرى في عالم الموضة لتحتل فيه موقعاً تطل منه على مشهد الأناقة. وفي هذا المجمع بالذات، يقوم المقر الرئيسي للعلامة التي ارتبطت أكثر من غيرها باسم ميلانو في عالم الموضة (Prada)، حيث افتتحت أول متجر لها في الموقع نفسه عام 1913، حين كانت تبيع مستلزمات السفر للطبقة الميسورة، قبل أن تُوسع دائرة منتوجاتها لتشمل الملبوسات والأحذية. ويتميز هذا المتجر بعرضه منتوجات تاريخية للعلامة لا توجد في أي متجر آخر.



«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.