لا أستمتع بإجازاتي سوى في مصر

رحلة مع الفنانة نيللي كريم

الجونة
الجونة
TT

لا أستمتع بإجازاتي سوى في مصر

الجونة
الجونة

الفنانة المصرية نيللي كريم، تتميز بشخصية وطابع بسيطين للغاية، ينعكس على مظهرها وحديثها، وحتى على اختياراتها في السفر. في حوارها مع «الشرق الأوسط» تؤكد نيللي أن تأمين الصحبة أكثر ما تحرص عليه عندما تقرر السفر إلى أي بلد. في حديثها كشفت عن سر اهتمامها بالسفر وما يمثله لها قائلة:
> من دون أدنى شك، يأتي السفر داخل مصر على قائمة اختياراتي. فرغم أني تجولت في الكثير من بلدان العالم، تبقى مصر الأقرب إلى قلبي وأكثر الأماكن التي أستمتع فيها بإجازاتي، خصوصاً أنها لا تفتقر إلى الأماكن السياحية المثيرة. أكثر ما أحبه فيها المدن الساحلية، مثل الجونة والساحل الشمالي، وأحرص دائماً على أن أكون برفقة عائلتي وأصدقائي. لكن عندما تكون الرحلة من أجل تصوير عمل فني، وهو ما يحصل في الغالب، فلا يكون لدي وقت فراغ للتنزه والسياحة؛ لأني أفضّل قضاءه في النوم والراحة حتى أكون في حالة جيدة لإتمام العمل.
> لكل بلد إيجابيات وسلبيات؛ لهذا أحرص على أن أركز على نصف الكوب الممتلئ، ولا أبحث عن الجزء المفقود حتى لا أنغص على نفسي وأستمتع برحلتي. وبشكل عام لكل بلد ثقافتها الخاصة ومعالمها المختلفة وثقافاتها الغنية، والسائح الذكي من يستمتع بهذا الاختلاف ويفتح عقله وقلبه للتعرف عليه. لكن من واقع تجربتي، أستطيع أن أقول بكل ثقة إنني لا أتخيل نفسي أعيش في أي بلد آخر سوى مصر، وكل زياراتي الخارجية كانت لمجرد تغيير الجو والبحث عن الأشياء المختلفة، لكن في النهاية أنا كالسمك، لا يمكن أن أعيش إلا في بيئتي ولا أستمتع بإجازاتي سوى في مصر. ومع ذلك، لا بد من القول إن كل بلد زرته، تمنيت العودة إليه حتى أغرف من ثقافته ومعالمه المزيد، ولا سيما مدن مثل باريس ودبي. فهذه الرحلات بالنسبة لي ثقافة أكثر منها استجماماً وراحة.
> الصحبة هي أكثر ما أبحث عنه في السفر. أنا محظوظة بأن لدي مجموعة من الأصدقاء المقربين، أحرص على السفر معهم كلما أتيحت لي الفرصة. اكتشفت مع الوقت أن متعة السفر، لا تكتمل من دون رفقة طيبة مهما كانت الوجهة رائعة. فالأصدقاء هم الذين يضيفون إليها نكهة ممتعة، بدليل أنه في الكثير من الأحيان لا يفرق معنا المكان بعينه بقدر ما تفرق معنا التجربة.
> أكثر ما أحب القيام به في السفر، ممارسة رياضة المشي في الشوارع. فالمشي أسهل طريقة للتعرف على معالمها وثقافتها، عدا أني بطبيعتي أحب أن أمشي لساعات، أراقب أهل البلد وأحادثهم كأي سائحة عادية، وهو أمر أفتقده للأسف في شوارع القاهرة بسبب عملي وكوني فنانة مشهورة. صحيح أني أحب الناس جداً، وأستمتع بحب جمهوري لي، لكني أبقى إنسانة عادية في النهاية، أريد أن أنفرد مع نفسي، وهذا ما أقوم به خارج مصر أكثر.
> مقتنياتي في السفر بسيطة للغاية وحقيبة سفري صغيرة، الأهم بالنسبة لي هو اقتناء عدد من الهدايا التذكارية تجسد ثقافة البلد الذي أزوره كي تذكرني به.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».