الرئيس الأفغاني يتسلم مسودة «اتفاق السلام» بين واشنطن و«طالبان»

أميركا تعد بالانسحاب من 5 قواعد عسكرية

أحد أفراد قوات الأمن أثناء دورية حراسة أمام مؤسسة حكومية عليها ملصق دعائي للمرشح الرئاسي أشرف غني في كابل أمس (رويترز)
أحد أفراد قوات الأمن أثناء دورية حراسة أمام مؤسسة حكومية عليها ملصق دعائي للمرشح الرئاسي أشرف غني في كابل أمس (رويترز)
TT

الرئيس الأفغاني يتسلم مسودة «اتفاق السلام» بين واشنطن و«طالبان»

أحد أفراد قوات الأمن أثناء دورية حراسة أمام مؤسسة حكومية عليها ملصق دعائي للمرشح الرئاسي أشرف غني في كابل أمس (رويترز)
أحد أفراد قوات الأمن أثناء دورية حراسة أمام مؤسسة حكومية عليها ملصق دعائي للمرشح الرئاسي أشرف غني في كابل أمس (رويترز)

سلم المبعوث الأميركي للسلام في أفغانستان، زلماي خليل زاد، مسودة اتفاق السلام بين واشنطن وحركة «طالبان» إلى الرئيس الأفغاني أشرف غني، ورئيس الجهاز التنفيذي للدولة عبد الله عبد الله.
وقال وحيد عمر مدير العلاقات العامة والشؤون الاستراتيجية بالرئاسة الأفغانية، عبر «تويتر»، «غني وعبد الله التقيا السفير خليل زاد، أمس، الذي سلمهما نسخة من مسودة الاتفاق الإطاري بين الولايات المتحدة وحركة (طالبان). سننظر في الوثيقة، والمناقشات مع السفير خليل زاد وفريقه متواصلة».
ونقلت «رويترز» عن مصادر رسمية قولها إن التوقيع على اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه، سيتم بعد موافقة الرئيس غني عليه.
وأمضى زلماي خليل زاد نحو عام في إجراء محادثات مع «طالبان» في الدوحة، سعياً لإنهاء 18 عاماً من الصراع الدامي في أفغانستان.
ويتمحور الاتفاق المحتمل حول انسحاب للقوات الأميركية مقابل العديد من الضمانات الأمنية من حركة «طالبان»، وإجراء محادثات سلام أوسع نطاقاً بين «طالبان» والحكومة الأفغانية، ووقف محتمل لإطلاق النار.
وقال مسؤول، طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن خليل زاد وصل إلى كابل مساء الأحد، والتقى غني لمناقشة آخر التطورات بعد الجولة التاسعة من المحادثات في العاصمة القطرية.
ومن المتوقع أن تتواصل المشاورات مع مسؤولين أفغان آخرين من المحتمل أن يكون بينهم غني مجدداً، حسب المسؤول.
وتنطوي المحادثات على أهمية، نظراً لأن الحكومة الأفغانية تم تهميشها بشكل كبير في المحادثات حتى الآن، رغم أن أي اتفاق مستقبلي سيتطلب محادثات بين «طالبان» والقوى السياسية الأفغانية في كابل، وترفض «طالبان» الحوار المباشر مع الرئيس أشرف غني الذي تعتبره الحركة دمية بيد الأميركيين.
وقال خليل زاد إن الولايات المتحدة و«طالبان»، «على وشك» التوصل لاتفاق من شأنه خفض العنف وتمهيد الطريق أمام سلام «دائم». لكن رغم دخول المحادثات مرحلتها النهائية على ما يبدو، تواصلت أعمال العنف في أفغانستان.
والسبت سعت «طالبان» للسيطرة على قندوز في الشمال، والأحد شنت عملية في مدينة بولي خمري عاصمة ولاية بغلان المجاورة. وقال المسؤولون، أمس، إن هجوم مقاتلي «طالبان» على بولي خمري تم صده.
وأعلن الموفد الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، أمس، أن بلاده ستسحب قواتها من خمس قواعد أفغانية في حال التزمت «طالبان» ببنود اتفاق السلام الذي يجري التفاوض حوله حالياً بين الطرفين. وقال خليل زاد، وفق مقتطفات من مقابلة أجرتها معه قناة «تولو نيوز» التلفزيونية: «لقد اتفقنا على أنه إذا سارت الأمور وفقاً للاتفاق، فسننسحب خلال 135 يوماً من خمس قواعد نوجد فيها الآن». وقالت القناة على «تويتر» إن المقابلة الكاملة ستُبث في وقت لاحق، أمس. ومع ذلك، حتى لو غادر قسم كبير من 13 ألف جندي أميركي أفغانستان بعد التوصل إلى اتفاق، قال الرئيس دونالد ترمب، الأسبوع الماضي، إن واشنطن ستحتفظ بوجود دائم عبر إبقاء 8600 جندي في البداية، حتى بعد الاتفاق مع «طالبان».
كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قد أعلن في وقت سابق أنه يأمل في إنجاز اتفاق سلام بحلول الأول من سبتمبر (أيلول)، وقبل الانتخابات المقررة في 28 سبتمبر في أفغانستان. وقال المتحدث باسم «طالبان» سهيل شاهين، في الدوحة، السبت، إن «إنجاز الاتفاق بات قريباً»، لكنه لم يحدد العقبات التي لا تزال تحول دون إبرامه. في غضون ذلك، تواصلت المعارك والمواجهات بين القوات الأفغانية وقوات «طالبان»، وقالت قوات الأمن الأفغانية إنها قتلت 11 على الأقل من عناصر «طالبان»، في عمليتين منفصلتين بإقليم أوروزجان وسط البلاد. ونقلت وكالة أنباء «خاما برس» عن مسؤولين عسكريين القول أمس الاثنين، إن القوات الخاصة الأفغانية قتلت 7 من عناصر «طالبان»، أثناء غارة في شهيد حساس في أوروزجان. وأضاف المسؤولون أن القوات الخاصة دمرت أيضاً مخبأ أسلحة صغيراً خلال الغارة. وقال المسؤولون إن غارة جوية أخرى أسفرت عن مقتل أربعة من عناصر «طالبان» في المنطقة نفسها بالإقليم الذي شهد تدهور الوضع الأمني خلال الأشهر الأخيرة. وكانت القوات الأميركية نفذت مساء أول من أمس غارة جوية على إقليم لوجر بوسط أفغانستان، ما أسفر عن مقتل 14 على الأقل من عناصر «طالبان». ونقلت وكالة أنباء «خاما برس» عن الجيش قوله، في بيان له، إن القوات الأميركية شنت الغارة الجوية في المنطقة المجاورة لعاصمة إقليم لوجر، مضيفاً أن الغارة أدت إلى مقتل 14 من عناصر «طالبان»، وتدمير 14 دراجة نارية تابعة لـ«طالبان». كما ذكر الجيش أن القوات الأفغانية قتلت ثلاثة من مسلحي «طالبان» في منطقة شهباز في مدينة غزني، مضيفاً أن القوات الخاصة الأفغانية صادرت 63 كيلوغراماً من المواد الكيميائية، ودراجة نارية، وقذيفة مدفعية، وثلاثة ألغام أرضية، أثناء العمليات التي جرت في منطقة ديه يك في غزني.
ونقلت «سبوتينك» الروسية عن الداخلية الأفغانية قولها إن انتحارياً فجر نفسه في مدينة غرديز جنوب شرقي كابل، بعد ملاحقة الشرطة له، لكن التفجير لم يسفر عن قتلى، حسب ما قاله نصرت رحيمي الناطق باسم الداخلية. وأبلغ مراسل محلي، الوكالة الروسية، أن الانتحاري كان متوجهاً إلى مستشفى ولاية بكتيا، ولم تعلن أي جماعة تبنيها التفجير الانتحاري.
ونقلت وكالة «باختر» الحكومية عن مسؤولين قولهم إن قوات الأمن الأفغانية قتلت 26 من مسلحي «طالبان» في ولاية جوزجان، وقال عبد الواحد وجدان قائد الشرطة في جوزجان للوكالة، إن العمليات شنتها قوات الأمن الأفغانية في منطقة أقتشا، وأدت إلى مقتل 26 من قوات «طالبان»، بينهم أحد القادة الميدانيين يدعى عبد المنان.
وفي خبر آخر نقلت باختر عن مسؤولين في ولاية غزني، أن قوات «طالبان» قتلت 6 من قوات الجيش الأفغاني في كمين في منطقة قره باغ، وأصابت 3 آخرين.
وفي حادث آخر، شنت قوات «طالبان» هجوماً انتحارياً ضد قافلة عسكرية حكومية على أطراف مدينة قندوز الشمالية، ولم تعط الداخلية الأفغانية تفاصيل عن الهجوم الذي جاء بعد 3 أيام من اقتحام قوات «طالبان»، المدينة، واستيلائهم على العديد من الآليات العسكرية قبل انسحابهم منها، لكن مصادر غير حكومية قالت لوكالة «خاما بريس» إن الهجوم أسفر عن مقتل 6 من القوات الأفغانية.



«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
TT

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة «اليونيسيف» من التحول الديموغرافي، والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحترار، وتهديد التكنولوجيا المتصلة، وكلها «توجهات كبرى» ترسم مستقبلاً قاتماً للأطفال في عام 2050، داعية إلى التحرك الآن لضمان آفاق أفضل لشباب الغد.

وحذرت كاثرين راسل، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، الثلاثاء، من أن «الأطفال يواجهون عدداً من الأزمات، بدءاً بالأزمات المناخية، إلى المخاطر عبر الإنترنت، ويتوقع أن تتفاقم في السنوات المقبلة».

وقالت في بيان بمناسبة نشر تقرير «اليونيسيف» الرئيس، الذي يتناول موضوعاً مختلفاً كل عام: «إن عقوداً من التقدم، خصوصاً للفتيات، معرضة للتهديد».

وهذا العام تنظر «اليونيسيف» إلى عام 2050، وتُحدد «3 توجهات رئيسة»، تهدد -إضافة إلى النزاعات التي لا يمكن التنبؤ بها- «بشكل خطير» الأطفال إذا لم تتخذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب.

أولاً، التحدي الديموغرافي، فبحلول منتصف القرن، يفترض أن يكون عدد الأطفال (أقل من 18 عاماً) مماثلاً لعددهم اليوم، أي نحو 2.3 مليار نسمة، لكن مع زيادة عدد سكان العالم بشكل كبير بنحو 10 مليارات نسمة.

وعلى الرغم من انخفاض نسبة الأطفال في جميع المناطق، فإن أعدادهم ستزداد بشكل كبير في بعض المناطق الفقيرة، لا سيما في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى.

وتشير «اليونيسيف» إلى إمكانية «تعزيز» الاقتصاد فقط إذا جرى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حصول هذا العدد الكبير من الشباب على تعليم جيد وخدمات صحية ووظائف.

في بعض الدول المتقدمة يُمثل الأطفال أقل من 10 في المائة من السكان، الأمر الذي يُثير تساؤلات حول «تأثيرهم» وحقوقهم في المجتمعات التي ستُركز على مشكلات تقدم سكانها في السن.

والتهديد الثاني هو تغير المناخ، وتداعياته المدمرة أكثر وأكثر.

يقول مامادو دوكوريه (24 عاماً) من مالي: «تخيلوا مستقبلاً يرغم فيه تغير المناخ والظروف القاسية المدارس على التحول إلى النشاط الليلي بسبب الأوضاع التي لا تحتمل خلال النهار». وتعكس تصريحاته أصداء الشباب التي ترددت في التقرير بعد أن استجوبتهم «اليونيسيف» في جميع أنحاء العالم.

قرارات «من أجل البقاء»

وتشير توقعات «اليونيسيف» إلى أنه إذا استمر المسار الحالي لانبعاث الغازات الدفيئة، فسيتعرض عدد أكبر من الأطفال لموجات الحر في عام 2050 بنحو 8 أضعاف مقارنة بعام 2000، و3.1 مرة أكثر للفيضانات المدمرة، أو حتى 1.7 مرة أكثر للحرائق.

وثالث «التوجهات الكبرى»، التكنولوجيا الحديثة، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، وسيكون إتقانه بلا شك شرطاً أساسياً للمسار التعليمي، وجزءاً كبيراً من وظائف المستقبل.

لكن الفجوة الرقمية لا تزال آخذة في الاتساع؛ حيث أصبح اليوم 95 في المائة من السكان متصلين بالإنترنت في البلدان الغنية، مقابل 26 في المائة فقط في البلدان الفقيرة، خصوصاً في غياب القدرة على الوصول إلى الكهرباء أو شبكة إنترنت أو هاتف جوال أو جهاز كمبيوتر.

وتصر «اليونيسيف» على أن «الفشل في إزالة هذه العقبات أمام الأطفال في هذه البلدان، خصوصاً الذين يعيشون في كنف أسر فقيرة، سيؤدي إلى جيل محروم من التطور التكنولوجي».

لكن الاتصال بالإنترنت قد ينطوي أيضاً على مخاطر؛ حيث يشكل انتشار التكنولوجيا الجديدة دون رقابة تهديداً على الأطفال وبياناتهم الشخصية، ويُعرضهم بشكل خاص لمتحرشين جنسياً.

وصرحت نائبة مدير قسم الأبحاث في «اليونيسيف»، سيسيل أبتيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هناك مخاطر كثيرة تهدد أطفال المستقبل، لكن ما أردنا توضيحه هو أن الحلول بأيدي صناع القرار الحاليين».

وأضافت: «سيكون الاتجاه الصحيح هو الذي سيسمح للأطفال بالاستمرار والعيش بأفضل الطرق في عام 2050».

ويستكشف التقرير عدة سيناريوهات، تعتمد على الاستثمارات التي سيتم توظيفها من أجل تحقيق التنمية أو مكافحة ظاهرة الاحترار.

على سبيل المثال، إذا لم يتغير شيء، فيتوقع حدوث بعض التقدم للوصول إلى التعليم الابتدائي أو تقليص الهوة في التعليم بين الصبيان والبنات. لكن في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، قد يستفيد جميع الأطفال من التعليم الابتدائي والثانوي بحلول عام 2050، على أن تختفي الهوة بين الجنسين في جميع المناطق.