تعليق عمل قناة «الحرة» الأميركية في العراق 3 أشهر

إدارة القناة تؤكد إلتزامها بالثوابت المهنية وتفتح الباب للرد على مضمون تقريرها حول الوقفين السني والشيعي

TT

تعليق عمل قناة «الحرة» الأميركية في العراق 3 أشهر

قررت هيئة الإعلام والاتصالات المعنية بتنظيم قطاعي البث والإرسال في العراق، أمس، تعليق رخصة عمل مكتب قناة «الحرة» الأميركية في العراق لمدة ثلاثة أشهر، على خلفية بثها تحقيقاً بعنوان «أقانيم الفساد المقدس في العراق» تناول الفساد المزعوم في الوقفين السني والشيعي والمزارات الدينية في كربلاء.
وذكرت هيئة الإعلام مجموعة من الملاحظات والأسباب التي أدت إلى قرار التعليق، من بينها أن تحقيق القناة «أخل بالحياد ولم يراعِ حقوق بعض الشخصيات، ولم يوفر معايير الشفافية في عرض وجهات النظر، وانتهك الحقوق الشخصية والاعتبارية، إضافة إلى تكرار الإساءة وخرق لوائح البث الإعلامي».
وبناءً على لائحة «الاتهامات» ضد البرنامج والقناة، اتخذت الهيئة إلى جانب قرار «تعليق رخصة عمل قناة (الحرة) لمدة ثلاثة أشهر، وإيقاف أنشطتها لحين تصويب موقفها حيال التعاطي مع الشأن العراقي»، قراراً آخر يطالب القناة بـ«تقديم اعتذار رسمي»، وحذرت من أن قرار الإيقاف «إنذار نهائي للقناة، وسيتم اتخاذ عقوبة أكثر شدة في حال تكرار الإساءة، وخرق لوائح البث الإعلامي مرة أخرى».
في حين أصدرت قناة «الحرة» بياناً، قالت فيه إنها أنتجت عبر برنامج «الحرة تتحرى» يوم 31 أغسطس (آب) تحقيقاً استقصائياً منصفاً ومهنياً ومتوازناً حول شبهات فساد في بعض المؤسسات في العراق.
وأضافت في البيان، أنه طوال فترة إعداد التحقيق أعطى فريق العمل للأشخاص والمؤسسات المعنية الفرصة والوقت الكافيين للرد، لكنهم رفضوا ذلك.
وأكدت إدارة القناة، أن الباب لا يزال مفتوحاً للأشخاص والمؤسسات المعنية للرد على مضمون التحقيق، وأنها ملتزمة بالثوابت المهنية المتمثلة بالدقة والحياد والموضوعية.
وأضاف البيان، أنه «في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المنطقة، فإن هناك حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى الشفافية والأمانة في الطرح الإعلامي».
ومع ذلك تواصلت أمس حملة البيانات والاستنكارات ضد قناة «الحرة» من قبل غالبية الأحزاب والكتل السياسية الشيعية، باستثناء تيار الصدر وتحالف «سائرون» الذي يدعمه، كما لم يصدر عن القوى الكردية أي بيان إدانة ضد «الحرة».
وإلى جانب البيانات المنددة التي أصدرها تيار «الحكمة الوطني» بزعامة عمار الحكيم وتحالف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وحزب «الدعوة الإسلامية» بزعامة نوري المالكي، التحق رئيس مجلس النواب محمد الكربولي بحملة الاستنكار والتنديد، وقال في بيان أمس: «يدين رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي التقرير الذي بثَّته قناة (الحرة) الفضائية، الذي استهدف مؤسسات ومقام المرجعيات الدينية في العراق». وذكر الحلبوسي أن «الأوان قد حان لتمارس أجهزة الدولة دورها في تفعيل مدونات السلوك المهني الإعلامي المعتمدة في عمل القنوات الفضائية، وضبط الفضاء الإعلامي؛ لإيقاف الإساءة إلى مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية دون تحري الدقة والحقائق».
ولفت الانتباه عدم صدور أي بيانات إدانة وتنديد (حتى كتابة هذا التقرير) من قبل الوقفين الشيعي والسني المعنيين بما بثته «الحرة». كما لم يصدر عن نقابة الصحافيين العراقيين، أو بقية الجهات والمنظمات المدافعة عن الحريات والحقوق الصحافية بيانات ضد قناة «الحرة» أو دفاعاً عنها.
وبينما ترى اتجاهات صحافية وإعلامية كثيرة أن قرار هيئة الاتصالات «مجحف وغير متوازن؛ لأنه لم يقدم إنذاراً أولياً مثلما تقتضي لوائحها وتعليماتها»، تلقي اتجاهات أخرى باللائمة على الإدارة الجديدة للقناة التي خلفت الإدارة السابقة عام 2017، التي يديرها السفير الأميركي السابق من أصول لاتينية ألبيرتو فرنانديز، ويعاونه الأردني الشركسي نارت بوران. وترى تلك الاتجاهات أن الإدارة الجديدة «لم تأخذ في الحسبان الحساسيات حيال بعض القضايا، والخطوط الحمراء التي تكثر في بلد مثل العراق». كما أنها «لم تأخذ بنظر الاعتبار الأخطار التي قد يتعرض لها العاملون بمكتب بغداد، نتيجة إصرارها على إلزامهم بعمل مواد وتقارير تتعلق بقضايا حساسة».
وثمة اتجاهات غير قليلة ترى أن الحملة ضد القناة «غير ذكية»، وستجلب للحرة مزيداً من المشاهدين، نظراً للتفاعل الشديد الذي يبديه غالبية العراقيين مع التقارير والمواد الصحافية والإعلامية المتعلقة بقضايا الفساد.
بدوره، يرى الناشط والحقوقي مهند نعيم، أن «الحملة غبية، وكان المفروض ترك تقرير قناة (الحرة) دون أي اهتمام، كونه لم يأت بجديد، إنما نقل حديث الشارع». ويضيف نعيم في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار غلق القناة بهذه الطريقة السلطوية سيلفت انتباه الجهة الممولة للتقرير الذي استفز الحكومة العراقية. وربما سيجعل إدارة القناة في موقف معادٍ تماماً للحكومة، ويدفعها إلى عمل تقارير أقوى لاحقاً، بغية جلب أكثر عدد من المشاهدات». ويتوقع نعيم «أن تمضي القناة في سياستها، ولا تكترث لأي قرار حكومي».
وكانت السفارة الأميركية في بغداد قد نأت بنفسها، أول من أمس، عن المحتوى الذي بثته قناة «الحرة»، وذكرت في بيان أن «وزارة الخارجية والسفارات الأميركية حول العالم لا تملك سلطة رقابية على محتوى البرامج في (الحرة)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.