انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في تونس اليوم

الإنفاق على المواقع الإلكترونية سيُعتبر جزءاً من الصرف على الحملات الدعائية

رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بافون في مؤتمر صحافي (أ.ب)
رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بافون في مؤتمر صحافي (أ.ب)
TT

انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في تونس اليوم

رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بافون في مؤتمر صحافي (أ.ب)
رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بافون في مؤتمر صحافي (أ.ب)

تنطلق اليوم الحملة الانتخابية الرئاسية في تونس بشكل رسمي لتشمل 26 مترشحاً يخوضون المنافسات الرئاسية التي ستجري في 15 من الشهر الحالي. ومن المنتظر أن يقدم المترشحون خلال الفترة الزمنية الممتدة بين يومي 2 و13 من الشهر، برامجهم الانتخابية أمام الناخبين ومحاولة إقناعهم بجدوى التصويت لصالحهم. ويلاحظ أن عدد المترشحين هذا العام يقل بمرشح واحد عن عددهم في انتخابات الرئاسة السابقة في عام 2014 التي بلغ فيها عدد المتنافسين 27 مترشحاً.
ولمراقبة الحملة الانتخابية والوقوف على مدى احترام القواعد القانونية المنظمة لها، انتدبت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، 1200 موظف أُوكلت إليهم هذه المهمة التي تبدأ مع بداية الحملة الانتخابية، ويتم توزيعهم على الدوائر الانتخابية البالغ عددها 27 دائرة. وقال نبيل بافون، رئيس الهيئة الانتخابية، إنها وجهت رسائل رسمية للمترشحين بخصوص المواقع الإلكترونية والصفحات الممولة التي تدعمهم خلال الحملة الانتخابية، وذلك على خلفية ما أثارته هذه الصفحات من جدل سياسي واجتماعي. وأشار خلال مؤتمر صحافي عقده مؤخراً إلى أن الهيئة مدت المترشحين بقائمة الصفحات والمواقع الإلكترونية المعنية، باعتبار أن تمويلها يدخل في باب سقف التمويل الانتخابي المسموح به.
وفي محاولة للسيطرة على تمويل الحملات الانتخابية للمترشحين، فمن المنتظر أن تعقد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اجتماعاً اليوم بحضور ممثلين عن وزارة العدل ورئاسة الحكومة لمناقشة طرق رصد التحويلات المالية من الداخل والخارج للمترشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ويرى مراقبون أن انتخابات هذا العام مختلفة عن الانتخابات السابقة، ومن أهم مميزاتها دخول حركة «النهضة» بوجه مكشوف للمنافسة على كرسي الرئاسة بعد أن اكتفت في الانتخابات السابقة بالحياد في الدور الأول وتوجيه جهدها في الدور الثاني لدعم منصف المرزوقي الذي فشل في الفوز على الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي.
ويحظى، في انتخابات هذا الشهر، كل من يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية، وعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع المستقيل، وعبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة، باهتمام المراقبين باعتبارهم من أبرز المترشحين لكرسي الرئاسة. وخلافا لمرشح النهضة الذي يتمتع بـ«خزان انتخابي» مستقر، فإن مختلف المرشحين الآخرين يعتمدون على قاعدة انتخابية واحدة وهم في منافسة جماعية مع مرشح «النهضة». وفي هذا السياق دبت خلافات حادة بين قيادات حزب «النداء» الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي الراحل، كما اختلفت حول المرشح الذي ستدعمه في انتخابات الرئاسة. وفيما كان الموقف الرسمي لحزب النداء هو تقديم الدعم الكامل لعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع السابق الذي تربطه بالرئيس الراحل علاقات وطيدة، فقد عبرت قيادات من نفس الحزب عن دعمها يوسف الشاهد رئيس الحكومة ورئيس حزب حركة «تحيا تونس».
كما اتخذ رضوان عيارة رئيس المكتب السياسي لحزب النداء، بمعية مصطفى بن سعيد عضو لجنة النظام، وحازم القصوري ورجاء الجزيري ومحمد علي نصري ومعز بن سعيد - وكلهم أعضاء في المكتب السياسي - موقفاً مخالفاً للموقف الرسمي الذي اتخذه رئيس الحزب حافظ قائد السبسي وأعلنوا دعمهم ترشح يوسف الشاهد على حساب عبد الكريم الزبيدي، وهو ما خلف أجواء متوترة داخل الحزب الذي أسسه الرئيس الراحل في عام 2012 وتمكن عبره من الفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في 2014.
واعتبر المنجي الحرباوي المتحدث باسم حزب النداء أن موقف رضوان عيارة رئيس المكتب السياسي وبقية الأعضاء المساندين له، لا يلزم هياكل الحزب في شيء، مؤكدا أن اتخاذه لموقف داعم لرئيس الحكومة يوسف الشاهد في الانتخابات الرئاسية على حساب الزبيدي يمثل «انقلاباً على الموقف الرسمي للحزب». وفي رد فعله، قرر حزب النداء تجميد عضوية رضوان عيارة من كافة هياكل الحركة ونزع كل صفة عنه للتحدث باسمها أو تمثيلها، وذلك على خلفية تصريحه أن يوسف الشاهد هو مرشح «نداء تونس» للانتخابات الرئاسية المقبلة.
لكن الخلافات لم تكن في حزب «النداء» فقط، بل تطورت لتشمل حركة «تحيا تونس» التي يرأسها يوسف الشاهد، إذ عبّر الصحبي بن فرج، أحد مؤسسي الحزب وأحد نواب كتلة الائتلاف الوطني الممثلة للحركة في البرلمان، عن دعمه ومساندته لعبد الكريم الزبيدي على حساب مرشح حزبه، معتبراً أن إعلان دعمه للزبيدي لا يعني انسحابه من حركة تحيا تونس. ويتناقض موقف بن فرج مع مواقف سابقة قال خلالها إن يوسف الشّاهد هو الأقْدَرُ على الفوز بالانتخابات الرئاسية ويمتلك مواصفات تعدّ أهم ما يجب أن يتوفّر لدى رئيس الجمهورية بالإضافة إلى قدراته الدبلوماسية.



انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.