مظاهر اجتماعية جديدة تواكب «ثورة التغيير» السودانية

مظاهر اجتماعية جديدة تواكب «ثورة التغيير» السودانية
TT

مظاهر اجتماعية جديدة تواكب «ثورة التغيير» السودانية

مظاهر اجتماعية جديدة تواكب «ثورة التغيير» السودانية

أطاحت الثورة السودانية بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاماً، وهو يخضع الآن للمحاكمة بتهم الفساد. ورغم أنّ التحوّل الديمقراطي حديث العهد، لكنّ الكثير من الشبان لم يضيعوا أي وقت للاستفادة من تغيير النظام لممارسة بعض الحريات الشخصية التي ظلوا محرومين منها طوال حياتهم. وعلى سبيل المثال، أوقفت قوات شبه عسكرية الحلاق السوداني مازن كمال قبل عام في أحد شوارع الخرطوم بسبب شعره الطويل وقامت بقص شعره بالقوة على الفور. لكنّ عشرات الشبان الصغار يتدفقون الآن على المحل الذي يعمل فيه للحصول على أحدث قصات الشعر التي كانت لتعرضهم لمثل تلك العقوبة في عهد الرئيس السابق.
واسترجع كمال لحظة إجباره المريرة على قص شعره بقوله: «تمنيت لحظتها لو نستطيع الإطاحة بنظام البشير». وتابع متأثرا «لم أتخيل أن ذلك ممكن. فقدت الأمل في ذلك اليوم. ضربوني في الشارع على مرأى من الناس».
وأدت موجة الشعور بالحريات التي اجتاحت العاصمة السودانية منذ اندلاع المظاهرات إلى كسر محظورات اجتماعية مستمرة منذ عقود، وإلى تخفيف السياسات الإسلامية ولو مؤقتاً. وقال كمال داخل المحل: «اعتادت وضع قبعة لإخفاء شعري أثناء سيري في الشارع»، مضيفا: «كنت أشعر بالخوف لكنّ حياتنا أفضل الآن».
وفي محله الصغير بسيط التجهيزات، قام كمال بعمل قصة شعر لصديقه محمد الفاتح تدعى محلياً «واي فاي» وهي عبارة عن رسم ثلاثة خطوط على جانبي الرأس وفي الخلف. وقال فاتح الطالب الذي يعمل أيضا بدوام جزئي في محل الحلاقة: «لم يكن بوسع أي شخص أن يقوم بقصة شعر مختلفة أو مميزة في عهد النظام السابق، لقد كانت هناك عدة قصّات مختلفة للجميع».
وبالنسبة للفاتح فإنّ المظاهرات التي بدأت احتجاجاً على رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، كانت تهدف أيضا للمطالبة بمزيد من الحريات. وكشف الفاتح عن ندبة على ذراعه جراء إصابته بطلق ناري أثناء المشاركة في المظاهرات في يونيو (حزيران) الفائت. وقال الفاتح: «في البداية، كانت الاحتجاجات أساسا حول الوضع الاقتصادي. الحياة كانت صعبة على الجميع. لكنّنا نزلنا أيضا إلى الشارع من أجل الحرية».
وخلال عهد البشير، فرضت قيود صارمة على ملابس النساء، إذ طبقت قوات الأمن في كثير من الأحيان تفسيرا متشددا لقانون العقوبات بشأن «الملابس غير اللائقة». وتعرضت الكثير من النساء للجلد بسبب ارتدائهن سراويل جينز، تطبيقا لتفسيرات متشددة للشريعة الإسلامية التي فرضها البشير بعد وصوله للسلطة في عام 1989. لكن بات من الشائع مشاهدة فتيات يرتدين الجينز خارج جامعة الخرطوم أو حتى يدخنون الأرجيلة في المقاهي. وكان على الرجال الانزواء في مقاه سرية متوارية عن الأنظار خلال ما يسميه السودانيون الآن «العهد البائد».
وفي الحي القديم في الخرطوم، اعتاد محمد أحمد بدوي وأصدقاؤه التجمع والتدخين في طابق علوي في مقهى سري للأرجيلة. وقال المهندس الثلاثيني: «كان علينا إخبار مالك المقهى قبل حضورنا. كنا ندخل بحرص ونغلق الباب خلفنا بالقفل». وتابع: «حين نسمع الشرطة تشرع في تحطيم القفل، كانت أمامنا ثوان معدودة لنسير على هذه الحافة للهرب من السطح»، مشيرا إلى درج خارجي مرتفع. وفي هذا المقهى ذي الإضاءة الخافتة، بات بوسع الزبائن، وهم خليط من الفنانين والمهندسين والموظفين الحكوميين، تدخين الأرجيلة دون خوف من الاعتقال.
وعلى ضفة النيل، تعد مسائل الأزياء والترفيه بل حتى حرية التعبير اعتبارات بعيدة عن تفكير سامية صديق، التي تربي ثلاثة أطفال بمفردها. ويعد التغيير الملموس الوحيد الذي كسبته من الاحتجاجات ضد البشير هو حقها في كسب قوت يومها عن طريق بيع الشاي في الشارع. وقالت صديق وهي تغلي الماء استعدادا لإعداد أكواب الشاي في فرشتها الصغيرة: «لقد مات زوجي ولدي أطفال أعمل على إطعامهم». ونصبت سيدات أخريات فرشات مماثلة في هذه المساحة الكبيرة المفتوحة، حيث يأتي الشبان للترويح عن أنفسهم ليلاً ويحتسون الشاي في مجموعات على كراسي بلاستيكية زاهية الألوان.
وقالت صديق: «منعت الشرطة هذا النوع من الأنشطة في العام الماضي. قالوا إن الأمر مخالف للنظام العام. داهمونا وصادروا جميع معداتنا». وطلبت السلطات من بائعات الشاي الحصول على تراخيص لم يتمكن من تحمل تكلفتها، بالإضافة إلى تحاليل طبية باهظة الثمن تثبت خلوهن من الأمراض المعدية. والسبب المحتمل للقمع الذي تم على بائعات الشاي، اللاتي نزح الكثير منهن من مناطق مزقتها النزاعات في البلاد، هو افتراض تورطهن في الدعارة.
وقالت سامية صديق: «حياتي كلها تعتمد على هذا العمل، علي أن أدفع ثمن الإيجار والطعام». وتابعت: «حين لا أعمل، يخرج أطفالي من المدرسة».
لم تشارك المرأة البالغة 37 عاما في الاحتجاجات التي أسقطت البشير وهي تعترف بعدم متابعة التطورات السياسية في بلادها عن كثب. وقالت ضاحكة: «لقد بدأت العمل مرة أخرى، وهذا هو التغيير الذي أعرفه».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.