يسود الحذر والترقب أجواء اللبنانيين عموماً، وأهالي الجنوب خصوصاً، بانتظار تطورات الوضع الأمني بعد انتهاك إسرائيل القرار 1701 عبر الطائرتين المسيّرتين اللتين استهدفتا الضاحية الجنوبية لبيروت قبل أيام، وما تبعه يوم أمس من ردّ لـ«حزب الله» باستهداف آلية إسرائيلية.
وفيما يحرص الجنوبيون، كما غيرهم، على متابعة مواقف الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، الذي كان قد وعد بـ«ردّ محسوم»، يشدد كثير من الإعلام المرئي في لبنان على «شجاعة» الجنوبيين واستخفافهم بأي ردود فعل إسرائيلية على الضربة التي وجّهها الحزب.
لكن المسافة بين الخطابات والصورة التلفزيونية من جهة، والواقع من جهة ثانية، تعكس قلق الجنوبيين من تداعيات الرد والرد المضاد، وإن بشكل متفاوت. ويسود القلق المقيمين في القرى الحدودية، أكثر مما هو لدى أبناء المدن مثل صور والنبطية وصيدا. كما ينعكس في جملة قرارات طارئة وعاجلة، اتخذها مواطنون جنوبيون. فقد قررت نسبة من الجنوبيين المقيمين في بيروت مغادرة منازلهم في قراهم بالجنوب، وإنهاء عطلة الصيف باكراً والعودة إلى العاصمة. كذلك سارعت نسبة من الجنوبيين المغتربين إلى تقديم موعد عودتهم وعائلاتهم إلى بلدان الاغتراب.
في المقابل، قرر جنوبيون مواجهة أي عدوان إسرائيلي بإجراءات احتياطية من خلال شراء مواد تموينية أساسية مثل الطحين، وتحضير أماكن شبه آمنة للاختباء، مع وضع الأغراض الثمينة والخفيفة الوزن والأوراق الثبوتية وصكوك الملكية في حقيبة تلازم أصحابها كيفما توجهوا تحسباً لاحتمال الهرب إذا ما وقع الأسوأ.
والأسوأ في مقاييس الجنوبيين هو جنون القصف الإسرائيلي، واحتمالاته، كالبورصة ترتفع وتنخفض مع التصريحات والتسريبات والتحذيرات المتعلقة باحتمال رد «حزب الله»، والرد الإسرائيلي على الرد. ويقول حيدر، وهو مواطن جنوبي، إن «أبناء القرى الحدودية يعايشون الخطر الإسرائيلي منذ عقود. ولديهم خبرة في كيفية تفكير الإسرائيليين الذين لا يزالون يحلمون برد اعتبارهم ومحو الهزيمة التاريخية التي لحقت بهم بعد حرب يوليو (تموز) 2006، عندما لقنتهم المقاومة درساً لا ينسى»، بحسب وصفه.
لكن ماذا عن الوضع الاقتصادي واحتمالات انهياره إذا لم يتمكن «حزب الله» من ضبط الجبهة الجنوبية بعد تسديده «ردّه المحسوم»؟ يجيب حيدر بأن «التهويل بانهيار الوضع الاقتصادي هو عدوان أميركي - إسرائيلي يشنّ على لبنان، كما حصل مع العقوبات على (جمّال ترست بنك) أخيراً، بالإضافة إلى الحرب النفسية التي تهدف إلى تأليب اللبنانيين على المقاومة، لكنها ستفشل».
لكن حسين الذي يتحدّر من قرية برج رحال في قضاء صور، يعتبر أن «التضامن الظاهر في مواقف رأس هرم السلطة لا ترجمة له على أرض الواقع. فشباب (حركة أمل) لن يسمحوا، إذا اندلعت المواجهة بين الحزب والعدو، بإطلاق الصواريخ من بين المنازل. وهم، في عدوان 2006، حرصوا في القرى التي يشكلون فيها أغلبية على الحراسة لمنع (حزب الله) من إطلاق صواريخه من بين المنازل. ومن جهة ثانية، الرعب الحقيقي لأهالي الجنوب يكمن في اضطرارهم لمغادرة منازلهم. هم يعرفون أن ظروف التهجير هذه المرة تختلف عما كانت عليه في عدوان 2006. إذ تتحكم الحساسيات في صفوف غالبية الطوائف تجاه الشيعة، كما أن أبواب سوريا مقفلة بوجهنا بسبب الحرب الدائرة هناك. بالتالي الجنوبيون مستعدون لإعطاء (حزب الله) ما يريد من تبريرات لعدم الردّ على انتهاكات إسرائيل، بما يجنبهم الدمار والموت والتهجير».
قلق في جنوب لبنان من تداعيات المواجهة مع إسرائيل
قلق في جنوب لبنان من تداعيات المواجهة مع إسرائيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة