مصادرة أسلحة وتدمير ورش لصناعة المتفجرات لدى مجموعات إرهابية في الجزائر

TT

مصادرة أسلحة وتدمير ورش لصناعة المتفجرات لدى مجموعات إرهابية في الجزائر

أعلن الجيش الجزائري أمس، مصادرة ترسانة من الأسلحة تضمنت 105 قذائف ومنصات إطلاق صواريخ، خلال أغسطس (آب) الماضي، فيما يتوقع أن يتحدث قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح اليوم، بمناسبة زيارته منشأة عسكرية بالصحراء، في موضوع الانتخابات الرئاسية التي يتمسك بها بينما يرفضها الحراك الشعبي. ونشرت وزارة الدفاع حصيلة طويلة عن عمليات لمفارز الجيش بالمناطق الصحراوية والحدود الشرقية والغربية، حيث تنشط جماعات دينية متطرفة وتجار السلاح والمخدرات ومهربو البشر.
وتم اعتقال إرهابي معروف للسلطات و4 أشخاص بشبهة دعم الإرهاب، بينما سلَم متطرف نفسه للسلطات العسكرية خلال الشهر الماضي. وعرفت الفترة نفسها تدمير مخابئ تابعة لإرهابيين وورش لصناعة القنابل والمتفجرات، كما تم حجز أسلحة رشاشة من مختلف العيارات ومسدسات آلية، وأشرطة ذخائر وطائرة من دون طيار مزودة بكاميرا. وبالنسبة للقذائف التي عثر عليها الجيش في مخابئ الجماعات المسلحة، ذكرت الحصيلة الأمنية أنها قذائف من طراز «هاون» و«آر بي جي»، وأنواع أخرى، بالإضافة إلى قنابل يدوية وديناميت.
وشملت الحملة أيضاً اعتقال 200 مهرب مواد ممنوعة، و39 تاجر مخدرات و167 منقباً عن الذهب، و370 مهاجراً بطرق غير قانونية. وتمت هذه العمليات في مناطق متفرقة من البلاد، كانت في تسعينات القرن الماضي معاقل رئيسية للإرهاب، مثل عين الدفلى في وسط غربي الجزائر. وتقول السلطات إن الحرب الأهلية في ليبيا والاضطرابات في شمال مالي خلفت نشاطاً مكثفاً للمتطرفين وتجار السلاح على الحدود المشتركة مع هذين البلدين.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني، أن قائد الجيش سيزور اليوم «الناحية العسكرية الرابعة» (800 كلم جنوب العاصمة) وتحديداً ورقلة التي تسمى عاصمة النفط، فيما أكدت الوزارة أنه «سيتفقد الوحدات العسكرية على مستوى القطاعات العملياتية، وسيعقد لقاءات توجيهية مع إطارات وأفراد الناحية العسكرية الرابعة».
ويتوقع مراقبون رد فعل من الجنرال صالح على الرفض الشعبي لـ«هيئة الوساطة والحوار» التي يدافع عنها لانخراطها في أجندته ومشروعه تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام. ومنع قطاع من سكان ولاية بومرداس أمس، موفداً عن «الهيئة» بالعاصمة من عقد اجتماع لاختيار ممثل عنها بالمنطقة. وتسبب ذلك في مواجهات بين رافضي تنظيم الانتخابات وأنصار «الهيئة» التي يقودها رئيس البرلمان سابقاً كريم يونس، الذي يجري لقاءات مكثفة مع الأحزاب بهدف إقناعها بالانخراط في خطة الجيش عقد انتخابات رئاسية في أقرب وقت.
وعرفت مدينة الشلف أول من أمس، مشاهد العراك نفسها بين الطرفين استدعت تدخل الشرطة، كما رفض نشطاء الحراك في مدينة تبسة مسعى تنصيب مكتب لـ«الهيئة»، وطالبوا موفديها من العاصمة بمغادرة ولايتهم، بحجة أنهم «يريدون الالتفاف على مطالب الحراك» المتمثلة في تغيير النظام جذرياً. وسبق للجنرال صالح أن هاجم بشدة رافضي المسعى من نشطاء الحراك وأحزاب المعارضة التي تطرح شروطاً مقابل المشاركة في الانتخابات. وفي آخر خطاب لصالح (يوم 28 الشهر الماضي)، وصف خصومه بـ«أذناب العصابة ومن يسير في فلكها».
وقال إن المؤسسة العسكرية «ستتصدى بكل قوة وصرامة، برفقة كل الوطنيين المخلصين والأوفياء لعهد الشهداء الأبرار، لهذه الجهات المغرضة ولن تسمح لأي كان بالمساس بسمعة الجزائر بين الأمم، وسنعمل معاً دون هوادة على إفشال المخططات الخبيثة لهذه الجهات وهؤلاء الأشخاص المأجورين الذين أصبحت مواقفهم متغيرة ومتناقضة باستمرار لأنها ببساطة ليست نابعة من أفكارهم، بل أملاها عليهم أسيادهم». وقال قائد الجيش إن «الجزائر ليست في حاجة لمثل هؤلاء البشر»، ما أثار ردود فعل حادة في الأوساط السياسية التي استنكر قطاع منها ما اعتبره «عدوانية من جانب رئيس أركان الجيش».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.