تونس: إقرار قائمة نهائية بـ26 مرشحاً للرئاسيات

انطلاق الحملة الانتخابية في 6 دوائر خارج البلاد

عبد الفتاح مورو مرشح حركة «النهضة» يتحدث في لقاء حزبي بالعاصمة التونسية أول من أمس (إ.ب.أ)
عبد الفتاح مورو مرشح حركة «النهضة» يتحدث في لقاء حزبي بالعاصمة التونسية أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

تونس: إقرار قائمة نهائية بـ26 مرشحاً للرئاسيات

عبد الفتاح مورو مرشح حركة «النهضة» يتحدث في لقاء حزبي بالعاصمة التونسية أول من أمس (إ.ب.أ)
عبد الفتاح مورو مرشح حركة «النهضة» يتحدث في لقاء حزبي بالعاصمة التونسية أول من أمس (إ.ب.أ)

انطلقت أمس (السبت) رسمياً الحملة الانتخابية الرئاسية المخصصة للدوائر الانتخابية الموجودة خارج تونس، في ظل تعهد رئيس الجمهورية المؤقت محمد الناصر بإجراء الاقتراع في كنف الشفافية والنزاهة، وإقراره تمديد حال الطوارئ لمدة 4 أشهر، تنتهي مع نهاية السنة الحالية.
وجاء ذلك في وقت أعلن فيه أعضاء الهيئة الانتخابية التزامهم بإنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي المرتقب أيام 13 و14 و15 سبتمبر (أيلول) الحالي بالنسبة للتونسيين خارج البلاد، ومنتصف الشهر الحالي بالنسبة للناخبين الموجودين داخل تونس. وحسمت هيئة الانتخابات أمر القائمة النهائية لعدد المرشحين، وحددتها بـ26 مرشحاً، وعادت بالتالي إلى تطبيق قرار المحكمة الإدارية، برفض ترشح 4 من بين المتقدمين لشغل منصب الرئاسة. وبين أبرز المرشحين للرئاسة رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد، ومرشح حركة «النهضة» عبد الفتاح مورو.
وفي هذا الشأن، قال فاروق بوعسكر، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إن الهيئة خصصت 310 مراكز اقتراع و391 مكتب اقتراع في الدوائر الانتخابية الست الموجودة خارج تونس، التي من المنتظر أن تستقبل نحو 387 ألف ناخب مسجل بالنسبة للانتخابات الرئاسية في الخارج. ومن المقرر تنظيم الاقتراع في الدوائر الانتخابية بالخارج أيام 13 و14 و15 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وأضاف بوعسكر أن الهيئة على أتم الاستعداد لمراقبة الحملات الانتخابية للمرشحين في الخارج، مشيراً إلى وجود هيئات فرعية ومنسقين في مختلف الدوائر، إضافة إلى وجود ما بين ألف و1200 عضو مكتب اقتراع أوكلت إليهم مهمة إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي.
وأكدت هيئة الانتخابات أنها ستتبع الإجراءات القانونية الخاصة بضوابط الحملات الانتخابية، مع احترام تشريعات البلدان المضيفة، عند مراقبتها للحملة الانتخابية الرئاسية والبرلمانية. وبشأن تزامن انطلاق الحملة الانتخابية بالخارج مع الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين لرئاسيات 2019، كشف بوعسكر أن عامل الوقت فرض على الهيئة اعتماد هذه الروزنامة، قائلاً: «نحن أمام انتخابات رئاسية مبكرة (نتيجة وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي)، والواقع أوجب على الهيئة اختيار هذين الموعدين المتزامنين حتى يقع احترام بقية المواعيد».
وعلى صعيد متصل، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، وأكدت أن العدد النهائي استقر على 26 مرشحاً، فيما أقصي 71 من المرشحين الآخرين. وقال رئيس الهيئة الانتخابية نبيل بافون، في مؤتمر صحافي أمس، إن المحكمة الإدارية نظرت في الطعون المقدمة من قبل من رُفضت ملفات ترشحهم للانتخابات الرئاسية، وأصدرت 11 حكماً باتاً ونهائياً، طبق القانون الانتخابي التونسي، من بينها نقض 4 أحكام من الطور الأول، والقضاء من جديد بالرفض أصلاً في خصوص 4 مرشحين كانت هيئة الانتخابات قد استأنفت قرارات المحكمة بشأنهم. وتتعلق هذه القرارات بالمرشحين الأربعة: الصحبي براهم، ومحمد الهادي بن حسين، والبحري الجلاصي، ومروان بن عمر.
ويستعد 26 مرشحاً لخوض المنافسات الرئاسية، حيث تنطلق الحملات الانتخابية داخل تونس في الثاني من سبتمبر (أيلول)، وتتواصل إلى غاية يوم 13 منه.
ويحظى ترشح كل من يوسف الشاهد، رئيس الحكومة رئيس حركة «تحيا تونس»، وعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع المستقيل (مرشح مستقل)، وعبد الفتاح مورو مرشح حركة «النهضة» (إسلامي)، باهتمام المراقبين الذين يعدون الثلاثة من بين أبرز المرشحين لكرسي الرئاسة.
وتضم القائمة النهائية للمرشحين عدداً كبيراً من ممثلي الأحزاب السياسية، وهم: منجي الرحوي (حزب الديمقراطيين الموحد)، ومحمد عبو (حزب التيار الديمقراطي)، والمهدي جمعة (حزب البديل)، ويوسف الشاهد (حركة تحيا تونس)، وإلياس الفخفاخ (التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات)، وسعيد العايدي (حزب بني وطني)، وعبد الفتاح مورو (حركة النهضة)، ومنصف المرزوقي (حزب حراك تونس الإرادة)، وحمة الهمامي (حزب العمال)، ومحسن مرزوق (حركة مشروع تونس)، ونبيل القروي (حزب قلب تونس)، وعبيد البريكي (حزب تونس إلى الأمام)، والهاشمي الحامدي (حزب تيار المحبة)، ولطفي المرايحي (حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري)، وسليم الرياحي (حزب الوطن الجديد)، وسلمى اللومي (حزب أمل تونس)، وعبير موسى (الحزب الدستوري الحر).
أما المرشحون بصفة مستقلة، فهم: حمادي الجبالي (القيادي السابق في حركة النهضة)، وعبد الكريم زبيدي (وزير الدفاع التونسي المستقيل)، وقيس سعيد (أستاذ القانون الدستوري)، والإعلامي الصافي سعيد، وعمر منصور (والي تونس السابق)، وناجي جلول (وزير التربية السابق)، وحاتم بولبيار (القيادي المستقيل من حركة النهضة)، ومحمد الصغير نوري (مستقل)، وسيف الدين مخلوف (مستقل).



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.