مصر: لائحة جديدة للإعلام بموازاة تطبيق «ضوابط» على البرامج

TT

مصر: لائحة جديدة للإعلام بموازاة تطبيق «ضوابط» على البرامج

في الوقت الذي أصدرت فيه الحكومة المصرية، أمس، اللائحة التنفيذية لقانون «الهيئة الوطنية للإعلام»، أعلن «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» عن بدء تطبيق «الضوابط المهنية على برامج (التوك شو) الطبية، والدينية، والرياضية، في جميع وسائل الإعلام». وتضمنت اللائحة التنفيذية لقانون «الهيئة الوطنية للإعلام»، التي صدرت بقرار من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، أمس، مواد عدة؛ منها أن «تتولى الهيئة الوطنية الإعلام إدارة المؤسسات والوسائل الإعلامية العامة، وتعمل على تطويرها وتنمية أصولها، وتحديثها، وضمان استقلالها وحيادها والتزامها بأداء مهني وإداري واقتصادي رشيد». وتمثل قضية إدارة وإعادة تنظيم المؤسسات الإعلامية العامة (المملوكة للدولة) مسألة شائكة في مصر، بسبب تعدد وسائلها، وعدد الموظفين والصحافيين المعينين بها.
الدكتور حسن عماد، العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، رحب بصدور اللائحة التنفيذية للقانون، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اللائحة تأخرت كثيراً، وصدورها بداية إيجابية لتفعيل القوانين الجديدة الصادرة وفقاً لدستور عام 2014»، مشيراً إلى أن «صدور اللائحة يستتبعه دور أكثر إيجابية فيما يتعلق بإدارة القنوات التلفزيونية العامة، وعددها 27 قناة، والمحطات الإذاعية، وما يتضمنه ذلك من عمليات إحلال وتجديد وإعادة هيكلة لما تملكه الدولة من مؤسسات إعلامية، لتحقيق نقلة نوعية في الإعلام المصري الذي عانى كثيراً».
وأضاف عماد أن «السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو أن هذه الهيئات شكلت بموجب قانون تم تغييره، وهذا يتطلب إعادة تشكيل الهيئات، فمثلاً نص القانون الأول على أن الهيئة تتكون من 13 عضواً، أما القانون الجديد فنص على تشكيلها من 9 أعضاء فقط».
وأشار إلى أن «أهم التحديات التي تواجه عمل الهيئة الوطنية للإعلام؛ مصادر التمويل، وهو الأمر الذي يجب بحثه، فللهيئة ديون بالمليارات على مؤسسات الدولة، وعليها ديون بالمليارات أيضاً لبنك الاستثمار».
من جانبه، أكد الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة تتمثل في تطبيق القوانين»، متسائلاً عن «كيفية تصدر اللائحة التنفيذية للقانون بعد 5 سنوات من صدوره»، ومنوهاً بأنه «لا بد من إعادة تشكيل هذه الهيئات والمجالس وفقا للقانون الجديد»، مشيراً إلى «ضرورة إيجاد حل لهذه الثغرات التي تعيق تطبيق القانون».
وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر (أيلول) الماضي، قانون تنظيم الإعلام، الذي تضمن النص على تغييرات في طريقة تشكيل وعدد أعضاء الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وفي سياق متصل، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عن بدء تطبيق ضوابط البرامج الطبية والدينية والرياضية وبرامج «التوك شو»، على جميع وسائل الإعلام، وقال مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، في تصريحات صحافية، إن «الضوابط التي أقرها المجلس كانت تطبق بصورة فردية، ومن اليوم (الأحد) سيبدأ تطبيقها رسمياً على وسائل الإعلام كافة لمنع انتشار الفوضى».
وتعقد لجنة الرصد بالمجلس الأعلى للإعلام، اجتماعاً صباح اليوم (الأحد)، لمناقشة المهام الفنية المتعلقة بتطبيق المعايير والضوابط على الشاشات، ومواجهة أي خروقات أو مخالفات لهذه المعايير والضوابط.
بدوره، رأى عماد أن «هذه الضوابط تنطوي على نوع من التدخل غير المبرر في السياسة التحريرية للمؤسسات الإعلامية»، مشيراً إلى أن «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام دوره تنظيمي وليس إدارياً، ويقتصر على وضع قواعد ومساءلة القناة إذا خرجت عن هذه القواعد، أما أن يشترط عدداً معيناً من الضيوف، أو يمنع إعلامياً من الظهور فهذا تغول على سلطة الوسيلة الإعلامية»، لافتاً إلى أنه «ربما مع تغير تشكيل الهيئات والمجلس سيكون هناك فهم أكبر لقانون تنظيم الإعلام ودور كل هيئة في العملية الإعلامية».
من جانبه، قال العالم إن «على المجلس الأعلى للإعلام أن يجتمع مع المسؤولين عن القنوات التلفزيونية وخبراء الإعلام لمناقشة هذه الضوابط قبل تطبيقها».
وكان المجلس الأعلى للإعلام قد وضع ضوابط لتنظيم عمل البرامج الدينية والطبية والرياضية، وقال إنها تستهدف «حماية حق المواطن في التمتع بإعلام على قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة العالمية، وبما يتفق مع الهوية الثقافية المصرية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.