الاستعجال

الاستعجال
TT

الاستعجال

الاستعجال

الرياضة شأن عام، ولم ولن تكون شأناً خاصاً لفئة معينة أو حكراً على أصحابها، فكما نتحدث في شؤون برشلونة وريال مدريد وتشيلسي وليفربول، لهذا نتحدث عن الهلال والأهلي والنصر والاتحاد والاتفاق والأهلي والزمالك والعين والرجاء والوداد والنجم الساحلي والترجي، وغيرها من الأندية التي خرجت من عباءة «المحلية» إلى الساحتين الخليجية والعربية، ولم أكن بحاجة إلى هذه المقدمة، لولا أن البعض يحلل ويفسر «ويحكم على ليلاه»، بل هناك من يدخل في النوايا، نيابة عن أصحابها.
باختصار «الاستعجال» إحدى أهم سمات منطقتنا العربية، فنحن نستعجل كل شيء، ولا نتعلم من تجاربنا السابقة، ولديّ آلاف الأمثلة على مدربين تم «تفنيش» بعضهم قبل خوض مباراة تنافسية واحدة، كما حدث مثلاً مع الأورغواياني فوساتي عندما تسلم تدريب العين الإماراتي ثم تمت إقالته قبل أن يبدأ فعلياً مهمته.
المدرب جزء من معادلة كرة القدم، وليس المعادلة كلها، وسبق أن سمعت من مدربين كبار أمثال السير آليكس فيرغيسون والسويدي إريكسون والراحل محمود الجوهري أن نسبة تأثير المدرب على الفريق لا تتعدى 20 إلى 30 في المائة، وأحياناً أقل، ولكن المعادلة تقول إن المدرب هو الحلقة الأضعف في «معادلة كرة القدم»، إذ لا يمكن تغيير اللاعبين ولا تغيير الإدارة ولا تغيير الظروف، لهذا فالأسهل (رغم كلفته المادية العالية) هو تغيير المدرب.
حتى قبل انطلاق دوري كأس الأمير محمد بن سلمان، هناك من طالب بتغيير المدرب الكرواتي برانكو إيفانوفيتش، فقط لأن الأهلي لم يتوفق في مباراة أو اثنتين، أو أن للمدرب مشكلة مع لاعب، أو لأي سبب كان، والمشكلة أن ضغط المطالبات والجماهير و«السوشيال ميديا» تعطي ثمارها أحياناً بتفاعل الإدارات و«تفنيش» المدربين، وهو ما حدث مع أسماء كثيرة لم تكن أنديتها متأخرة أو خاسرة، وأعتقد أن هذه الظاهرة يجب أن تتوقف، ويجب أن تنتهي. فالمدرب الذي يتم التعاقد معه بملايين الدولارات، ويضع خطة موسم كامل ويأتي بالمحترفين ثم يتم طرده ودفع كل مستحقاته «التي تثقل كاهل أي نادٍ» ثم البحث عن مدرب آخر عليه أن يتعايش مع لاعبين لم يأتِ بهم وظروف ليس له يد فيها ومنحه ملايين الدولارات من جديد، أمر لم يعد مقبولاً أن يتكرر بكثرة، ومن دون منح هؤلاء الفرصة كاملة ليثبتوا على الأقل أن الخلل قد لا يكون منهم فقط.
الصبر هو الكلمة التي نحتاجها في زمن الاستعجال.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».