باريس تريد حضوراً بحرياً «رادعاً» في مياه الخليج دون «استفزاز» إيرانhttps://aawsat.com/home/article/1878711/%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D8%AD%D8%B6%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%8B-%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D9%8B-%C2%AB%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D9%8B%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC-%D8%AF%D9%88%D9%86-%C2%AB%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%81%D8%B2%D8%A7%D8%B2%C2%BB-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86
باريس تريد حضوراً بحرياً «رادعاً» في مياه الخليج دون «استفزاز» إيران
لا يقتصر تعاطي باريس بالملف النووي الإيراني على «الوساطة» التي تقوم بها بين واشنطن وطهران، والتي تُوّجت بـ«إنجاز» قمة بياريتز لـ«مجموعة السبع»، وإنما يتناول أيضاً جانبيين إضافيين: الأول، أمن الخليج حيث لفرنسا قوة بحرية موجودة باستمرار في مياهه إضافة للقاعدة متعددة الأغراض التي تشغلها في الظفرة (أبوظبي). والثاني، السعي لإطلاق الآلية المالية الأوروبية المسماة «أينستكس» لتمكين طهران من تعويض خسائرها المترتبة على العقوبات الأميركية.
وأمس، اختصر وزير الخارجية الفرنسي، في الكلمة التي ألقاها بمناسبة المؤتمر السنوي لسفراء بلاده عبر العالم، بالقول إن دور باريس في الملف الإيراني «مركزي». ولذا، فإن فرنسا «مستعدة لتحمل مسؤولياتها» للمحافظة على الأمن البحري في مياه الخليج وحرية الملاحة في المضايق. وبحسب هذه الرؤية، فإنه ليس هناك من تناقض، من جهة، بين العمل السياسي - الدبلوماسي الهادف إلى خفض التصعيد العسكري والميداني في المنطقة، والبحث عن حلول للملف النووي والمسائل الأخرى المرتبطة به، وبين حرص باريس على إبراز وجودها العسكري في المنطقة من خلال المشاركة في قوة بحرية تحافظ على حرية الملاحة في مياه الخليج ومضيق هرمز وتحول دون وقع أعمال إرهابية.
غير أن لباريس نهجها الخاص الذي كشفت عنه وزيرة الدفاع فلورانس بارلي أمس، في مؤتمر أوروبي غير رسمي لوزراء الدفاع في هلسنكي. وإذا كانت بارلي تريد وتصر على أن يكون الحضور العسكري الأوروبي «رادعاً»، إلا أنها تريده بداية «منفصلاً» عن المبادرة الأميركية التي أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك أسبر انطلاقها، أول من أمس.
وفي حين أن التصور الأميركي يقوم على مرافقة السفن في مياه الخليج، فإن الوزيرة الفرنسية ترفض ذلك، كما أنه سبق لوزير الخارجية أن أعلن رفض بلاده إرسال قوات بحرية إضافية إلى المنطقة مخافة «استفزاز إيران». وكانت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كرنباور أكثر وضوحاً، بقولها إنها «علينا السهر، فيما نعمله، ألا ننسف الجهود الدبلوماسية التي نقوم بها من أجل المحافظة على الاتفاق النووي مع إيران».
انطلاقاً من هذا المبدأ، تريد العمل بالاستناد إلى القطع البحرية الأوروبية الموجودة هناك، التي يتعين استخدامها «بالطريقة الأمثل». ونبهت المسؤولة الفرنسية إلى أنه «سيكون من المؤسف» إعطاء الانطباع، من خلال إرسال قطع بحرية جديدة، بأن الأوروبيين «ينخرطون في إطار سياسة الضغوط القصوى الأميركية» بينما يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون «لخفض التصعيد في المنطقة، والحال أننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق هذا الهدف». وبصراحة بعيدة عن اللغة الدبلوماسية المقننة، قالت بارلي: «ليس لأن الرئيس دونالد ترمب ترك للرئيس ماكرون (حرية) السير بمبادرته إزاء إيران، فإن الإدارة الأميركية قد غيرت سياستها تجاه طهران».
وأوضحت أن باريس لا تزال متمسكة بالمبادرة الأوروبية التي كان وزير الخارجية البريطاني السابق جيريمي هنت قد أطلقها، ولكن وفق فهمها الخاص لها. وما يثير الدهشة في الموقف الفرنسي (والأوروبي) أن أصحاب المبادرة (أي البريطانيين)، قد تخلوا عن مبادرتهم والتحقوا بالركب الأميركي. والحال أن لبريطانيا الحضور البحري الأوروبي الأكبر في الخليج، وتخليها عن شريكاتها الأوروبيات يجعل إطلاق «المهمة البحرية الأوروبية» صعبة التحقيق وهو ما لا تخفيه بارلي التي قالت إن عدد البلدان الأوروبية المستعدة للسير في المبادرة الأوروبي «لا يزيد على أصابع اليد الواحدة».
لا يخفي مسؤولون أوروبيون، في هذا السياق، تشكيكهم في إمكانية إطلاق «المهمة» الأوروبية. وأوضح كلام جاء على لسان وزيرة الخارجية الفنلندية التي اعتبرت أنه «من الصعب القول إن هذه المهمة سوف ترى النور». ولكن رغم ما يبرز من «قصور» أوروبي، فإن جان إيف لو دريان يرى أن «وحدة أوروبا» ضرورية من أجل «التعاطي مع التحديات التي يطرحها عالم اليوم كما في الملف الإيراني». وبحسب الوزير الفرنسي، فإن «وحدة» الأوروبيين «أساسية» للمحافظة على الاتفاق النووي وتجنب التصعيد والمحافظة على حرية الملاحة وللعودة إلى طاولة مفاوضات «موسعة». وتريد باريس، كما تقول مصادرها، ألا تقتصر المفاوضات على الصيغة السابقة التي أفضت إلى اتفاق 2015 بل تريد أن تضم إليها البلدان المعنية مباشرة بهذا الملف وعلى رأسها الدول الخليجية. وسبق لوزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد أن طالب بمشاركة بلاده في أي مفوضات مستقبلية.
يبقى أن الأوروبيين الثلاثة المعنيين بالاتفاق (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) ستكون لهم لقاءات الأسبوع المقبل مع وفد إيراني سيصل إلى باريس للبحث في الآلية المالية وكيفية تشغيلها. لكن ثمة أسئلة كثيرة ما زالت مطروحة رغم المقترحات الفرنسية ومنها توفير مبلغ 15 مليار يورو للبدء بتشغيل هذه الآلية التي يفترض أن يتم الاتفاق حول ما ستتيحه من مبادلات، ومعرفة ما إذا كان النفط سيصبح داخلها.
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
احتلت ملفات الشرق الأوسط حيزاً واسعاً في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر الاثنين، في قصر الإليزيه، بحضور سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وبالنظر للتطورات الجارية في سوريا، فقد حرص ماكرون على إبراز موقف واضح، مشدداً على أن بلاده «لم تصدق أبداً أن الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد) يمكن إعادة تأهيله».
إلا أنه في الوقت عينه، دعا إلى التزام الحذر «من خلال النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وما حرص عليه ماكرون يكمن في رسم ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لكيفية التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق، وما تتوقعه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى، من السلطة الجديدة، مع التذكير بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بايربوك مؤخراً إلى دمشق.
الأكراد «الحلفاء الأوفياء»
وفيما تتصاعد المعارك في الشمال السوري بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والقوات الحليفة لتركيا، حرص ماكرون على التأكيد بقوة على موقف بلاده من الأكراد الذين وصفهم بـ«الحلفاء الأوفياء» في محاربة تنظيم «داعش»، ملمحاً إلى أن بعض الدول كانت مستعدة للتخلي عنهم، في تلميح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي كان مستعداً في عام 2018 لسحب القوات الأميركية لتسهيل سيطرة تركيا على المنطقة.
وقال ماكرون: «نحن نعي الدين الذي ندين به لمجمل (القوات الديمقراطية السورية) وللمقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد، الذين تحلوا بالشجاعة في محاربة المجموعات الإرهابية». وأضاف أن بلاده «لم تتخل عنهم أبداً، ولن نتخلى عنهم في المسار الجديد، ونحن متيقظون لعملية الانتقال السياسي» الجارية حالياً في سوريا.
وتابع: «ما تريده فرنسا هو قيام سوريا ذات سيادة وحرة وتحترم تعدديتها الإثنية والسياسية والطائفية». وشدد ماكرون على أهمية أن تضم العملية الانتقالية الديمقراطية «كل مكونات المعارضة» للنظام السابق، بالتوازي مع «توفير الأمن للاجئين للعودة إلى بلادهم ومواصلة محاربة الإرهاب بشكل واضح، وتدمير كل البنى المنتجة للسلاح الكيماوي وشبكات إنتاج وتهريب المخدرات».
ويرى ماكرون، في إشارة على الأرجح للبنان، أنه «يتعين على سوريا أن تشارك في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين»، مذكراً بـ«مؤتمر بغداد» في نسخته الثالثة التي ستعقد في الربيع القادم، دون أن يحدد مكان انعقادها، لعرض تنفيذ مشاريع إقليمية «لمصلحة الجميع ولتحقيق السلام والأمن».
وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن شدد، في حديث صحافي، الأحد، على ضرورة ألا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم نظام الأسد لإضعاف سوريا، مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا... وتُضعفها بشكل إضافي».
وبحسب جان نويل بارو، فإن «مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني و(أفراد المجتمعات) الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم». وكان بارو يلمح للدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه تركيا في العملية الانتقالية الجارية حالياً.
الدور الإيراني
بيد أن أشد العبارات استخدمها ماكرون في الحديث عن إيران التي اعتبرها «التحدي الأمني والاستراتيجي الرئيسي» في الشرق الأوسط. وجاء في حرفية كلام ماكرون أن إيران «تشكل التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».
وما يعنيه الرئيس الفرنسي أن طهران اقتربت كثيراً من الحصول السلاح النووي. واللافت أن ماكرون يعد أحد القادة الغربيين القلائل الذين يحافظون على خط تواصل دائم مع القيادة الإيرانية. لكن يبدو أن قرب عودة ترمب إلى البيت الأبيض يجعل الأوروبيين ومنهم فرنسا يلجأون إلى خطاب أكثر تشدداً إزاء طهران.
وجاء لافتاً أن ماكرون أشار في كلامه، وفي إطار نظرته لما تمثله إيران، إلى «أنها ستكون، بلا شك، واحدة من القضايا الرئيسية في الحوار الذي سنقيمه مع الإدارة الأميركية الجديدة». ومن المرجح أن ينتهج الرئيس ترمب خطاً بالغ التشدد إزاء طهران، بحيث يذهب أبعد من التدابير التي اتخذها بحقها إبان ولايته الأولى. وثمة مراكز بحثية أميركية لا تتردد في الحديث عن اللجوء إلى ضربات عسكرية مشتركة إسرائيلية - أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني.
حقيقة الأمر أن ماكرون أقام «مضبطة اتهام» بحق طهران وقادتها. وتشمل هذه المضبطة ما تعتبره باريس دوراً مزعزعاً للاستقرار في الشرق الأوسط وأبعد منه تقوم به طهران؛ في الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه «للمجموعات التي تشكل خطراً في جميع مناطق المواجهة في الشرق الأوسط»؛ في إشارة إلى «حزب الله» و«حماس» و«المجموعات الميليشياوية في العراق»، فضلاً عن الحوثيين في اليمن.
غير أن أهم إعلان صدر عن ماكرون تناول إشارته إلى احتمال تفعيل الآلية المسماة «سناب باك» التي يعاد بفضلها الملف النووي إلى مجلس الأمن، ويمكن أن تعقبه إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.
وذهب ماكرون أبعد من ذلك، بإشارته إلى أن أمراً كهذا يمكن أن يحل في الخريف القادم. وقال ماكرون: «خلال الأشهر المقبلة، سيتعين أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يتعين علينا استخدام... آلية إعادة فرض العقوبات على إيران»، مشيراً إلى أن أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقية 2015 رسمياً.
يأخذ الغربيون على إيران انخراطها في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما أنهم يتخوفون من البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا.
وتخطط باريس لأن يدور حوار واضح بينها وبين واشنطن حول سبل التعاطي مع إيران، التي تزايدت المخاوف الغربية منها بعد أن وصلت صواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صدرت قرارات قوية بخصوص إيران. بيد أن الدول الغربية وعلى رأسها الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، امتنعت عن تفعيل آلية «سناب باك» لأسباب مختلفة ومتغيرة.
لكن يبدو أن الغربيين عازمون، أخيراً، على اجتياز خطوة مهمة فيما إيران أصيبت إقليمياً بالضعف بسبب حرب إسرائيل على «حماس» ولبنان وضرباتها ضد الأراضي الإيرانية نفسها وضد الحوثيين، ومؤخراً تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية. لكن هذا التصعيد يترافق مع محاولات دبلوماسية للدول الأوروبية الثلاث - فرنسا وبريطانيا وألمانيا - للبحث عن مخارج دبلوماسية للأزمة مع إيران، ومن ذلك الاجتماع المقرر في 13 الجاري. وآخر ما تشكو منه باريس هو محاولات إيران الانغراس في أفريقيا، التي ترى فيها فرنسا إضراراً بمصالحها.
لبنان
لم يأت الرئيس الفرنسي بجديد بالنسبة للبنان «حيث لفرنسا تاريخ طويل والكثير من المواطنين والأصدقاء». وما يسعى إليه ماكرون هو توفير الهدوء على طول «الخط الأزرق»، من خلال مشاركة وحدات فرنسية في قوة «اليونيفيل»، وتسهيل انتشار الجيش اللبناني «بشكل حاسم» جنوب نهر الليطاني وامتداداً حتى الحدود مع إسرائيل.
ولم يتوقف ماكرون طويلاً عند العقبات التي يواجهها وقف إطلاق النار والشكاوى الكثيرة التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تحترم الآلية التي توصلت إليها فرنسا بالتشارك مع الولايات المتحدة. كذلك بقي ماكرون عند العموميات فيما يخص موضوع الفراغ المؤسساتي وعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكراً بالحاجة لإنجاح المسار السياسي، ومشيراً إلى الجهود التي يبذلها ممثله الوزير السابق جان إيف لو دريان في هذا الخصوص.
وبحسب ماكرون، فإن انتخاب رئيس جديد «يمثل الخيار الحاسم الذي من شأنه توفير السيادة اللبنانية، ويفتح الطريق لتشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية».
الاعتراف بدولة فلسطين
كالعادة، ذكّر ماكرون بـ«الصداقة التاريخية» بين فرنسا وإسرائيل وتضامنه معها «في مواجهة الهمجية التي ظهرت في هجمات» «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كذلك أعرب ماكرون عن «تفهم بلاده لحاجة إسرائيل بألا تتكرر أمور كهذه وأن تضمن أمنها... ومما شدد عليه اعتباره أن الضربات الإسرائيلية (المستهدفة) في لبنان وسوريا وإسرائيل غيرت الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ما يرتب علينا جميعاً استخلاص النتائج وفتح أفق لسلام صلب ودائم وآمن للجميع في المنطقة».
وبحسب ماكرون «لا يمكن بناء هذا النوع من السلام على الأمن وحده، إذ يجب أن ينطوي على العمل الإنساني والسياسي، وهو شرط أساسي مطلق، أولاً وقبل كل شيء في غزة». وأضاف ماكرون: «لا يوجد أي مبرر عسكري لاستمرار العمليات الإسرائيلية والعرقلة المتعمدة للمساعدات الإنسانية، ولاستمرار العوز الشديد وحالة الجوع التي وصل إليها السكان المدنيون» في القطاع، معتبراً أنه ينبغي على إسرائيل «أن تضع حداً للحرب دون مزيد من التأخير، وأن تعترف بأن لديها شركاء للسلام، وأن تلتزم بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة بشأن غزة، والحفاظ على الأوضاع السياسية في الضفة الغربية وغزة».
ورغم سوداوية الوضع، يرى ماكرون أن «السلام ممكن، حيث إن المملكة العربية السعودية وشركاءنا العرب من ذوي النوايا الحسنة، (الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة) على وجه الخصوص، ملتزمون بذلك، وفرنسا قدمت ولا تزال تقدم دعمها الكامل».
وحث ماكرون الأوروبيين على العمل في هذا الاتجاه، وبالتنسيق مع الشركاء العرب، «من أجل حل الدولتين، مع احترام الاحتياجات الأمنية للإسرائيليين والتطلعات المشروعة للفلسطينيين».
ودعا الرئيس الفرنسي إلى «بناء إطار جديد للأمن والتعاون في الشرق الأوسط» مشيراً إلى أن «هذا هو هدف المؤتمر الدولي الذي بادرنا به مع المملكة العربية السعودية، والذي سيعقد في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون علينا أن نجعل من هذا المؤتمر لحظة حاسمة». واختتم كلامه بالإشارة إلى أن فرنسا «يمكنها من هذا المنطلق التحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين».