مصر: ضوابط على البرامج الدينية لمواجهة «خطاب الكراهية والعنف»

قائمة الضيوف معتمدة من الأزهر... والابتعاد عن فتاوى مواقع التواصل

TT

مصر: ضوابط على البرامج الدينية لمواجهة «خطاب الكراهية والعنف»

في محاولة لضبط الآراء والفتوى على بعض القنوات الفضائية، تبدأ مصر مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، تطبيق ضوابط جديدة على البرامج الدينية، في مقدمتها، أن تكون قائمة ضيوف البرامج مُعتمدة من الأزهر، فضلاً عن الابتعاد عن تناول الآراء والفتاوى التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، الذي سيقوم بتطبيق هذه الضوابط لتنظيم عمل البرامج، أمس، إنها «بهدف إرساء معنى المسؤولية الإعلامية، والقيم الأخلاقية أثناء ممارسة الإعلامي لعمله، وإرساء لخطاب إعلامي تنموي يعلي من شأن الوطن، ولا يحرّض على التمييز والعنف والكراهية». بينما أكد مصدر في مشيخة الأزهر بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحديد ضيوف الفضائيات من قبل الأزهر أمر مهم جداً، ويساعد على حماية المجتمعات من سموم الفتاوى غير المسؤولة».
وعانت مصر من ظاهرة الفتاوى العشوائية، بعد أن كثر المفتون في الفضائيات ووسائل الإعلام‏، وتصدى دخلاء ممن لا تتوافر فيهم شروط الفتوى، إلى القضايا والفتاوى الكبرى.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017، أعلن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، وهو المسؤول عن الفضائيات، قائمة بأسماء 50 عالماً من الأزهر والإفتاء، مُصرحاً لهم بـ«الفتوى» في البرامج بالفضائيات، فضلاً عن فتح الباب للاستعانة بآخرين من علماء الدين يختارهم الأزهر ودار الإفتاء، أعقب ذلك قائمة أخرى ضمت 136 عالماً قدمتها وزارة الأوقاف لـ«المجلس الأعلى للإعلام».
وقال الكاتب الصحافي مكرم محمد أحمد، رئيس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، حينها، إن «القائمة صدرت بعد مشاورات مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وتم الاتفاق على احترام مسألة حرية الرأي والتعبير في القضايا الدينية، والتنبيه على القنوات الفضائية، بالابتعاد عن أي أحاديث إعلامية تثير الفتنة، أو تنشر الطائفية أو تدعو إلى العنف».
ووفق ضوابط «الأعلى للإعلام» أمس، أن «يكون مقدم البرامج مُلماً بالقضايا الدينية، ولديه قدر من حفظ آيات القرآن الكريم والنطق الصحيح لها، وكذا إلمامه بالسيرة النبوية، وأن يكون الضيوف من علماء الدين أو أساتذة الجامعات الثقات، وأنه في حالة التعرض لمسائل الإفتاء يراعى أن يكون الضيوف من القائمة المعتمدة من الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، وألا تكون مواقع التواصل الاجتماعي، مصدراً لإبداء الرأي أو الإفتاء». وقال الدكتور عبد الحليم منصور، أحد أعضاء قائمة الأزهر المخول لها الحديث في وسائل الإعلام، وهو عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «ضوابط البرامج الدينية سوف تخدم العمل الدعوي، وتغلق الأبواب أمام أصحاب الفتاوى المتشددة من الظهور».
من جهته، أكد الدكتور على محمد الأزهري، أحد الوجوه الأزهرية الشابة في الفضائيات: «لا شك أن فتاوى مواقع التواصل تعج بالفتاوى (الشاذة)، وإن ضرورة تقنين الفتاوى من خلال التواصل مع المتخصصين، هو أمر واجب يفرض نفسه بكل قوة، وإن الاقتصار على مجموعة بعينها، هو أفضل حل لمواجهة خطر الفتاوى التكفيرية والمتشددة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «العلماء الذين تم اختيارهم من قبل قائمة الأزهر خضعوا لتدريبات وبرامج مكثفة ومطورة عبر برنامج الأزهر للفتاوى الإلكترونية».
وقال الأزهري، وهو عضو هيئة تدريس بجامعة الأزهر، إن «بعض القنوات كانت لا تبالي باستضافة غير المتخصصين، الذين لهم رواج إعلامي، وكان ذلك سبباً رئيسياً في عدم اتزان الخطاب الديني»، موضحاً أنه «من واجب الوقت والدعوة لمّ شمل المجتمع، وبخاصة في المجال الفقهي، وأن يتم الالتفاف حول مكان واحد له مصداقية عند الجميع وهو الأزهر».
إجراءات «المجلس الأعلى للإعلام» تتزامن مع ترقب داخل مجلس النواب (البرلمان) المصري خلال الفترة المقبلة، لإصدار قانون «تنظيم الفتوى العامة» للقضاء على ظاهرة قيام أشخاص بإصدار بعض الفتاوى الشاذة أو المتطرفة.
وقال النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان، إن «مشروع قانون (تنظيم الفتوى العامة) أمر مُهم جداً، وبخاصة أن الفتوى تحتاج إلى ضبط في الآونة الأخيرة، وبخاصة أن بعضها يصدر من أشخاص غير مؤهلين، وليست لديهم القدرة على فهم النصوص الدينية».
ويحظر قانون «تنظيم الفتوى العامة» حسب مسودته، التصدي للفتوى العامة؛ إلا إذا كانت صادرة من هيئة «كبار العلماء» بالأزهر، أو دار الإفتاء المصرية، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف... ويُعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حالة العودة تكون العقوبة هي الحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.