البحث عن ملكة فرعونية غامضة أدهشت العالم بألقابها الملكية الخمسة

أثريون مصريون يسعون للعثور على مقبرتها كما فعلوا مع نفرتيتي

الملكة نفرو سوبك (فيسبوك)
الملكة نفرو سوبك (فيسبوك)
TT

البحث عن ملكة فرعونية غامضة أدهشت العالم بألقابها الملكية الخمسة

الملكة نفرو سوبك (فيسبوك)
الملكة نفرو سوبك (فيسبوك)

تعدّ الملكة نفرو سوبك واحدة من أهم الملكات اللائي حكمن مصر القديمة، وأدهشت شعوب العالم في العصر الحديث، خصوصاً بلدان أوروبا التي أتيح لعلمائها وأثرييها معرفة الكثير عن تاريخ مصر القديمة وأسرارها، عبر ما قاموا به من أعمال حفر وتنقيب عن آثار ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة.
ومن غير المعروف حتى الآن موقع مقبرة الملكة نفرو سوبك التي كان وجودها مؤثراً ودورها محورياً، والتي تظل قصة حياتها وأعمالها خالدة على وجه الزمن.
ويطالب أيمن أبوزيد، رئيس «الجمعية المصرية للتنمية الأثرية والسياحية»، بفتح الباب أمام علماء المصريات الأجانب والأثريين للبحث عن مقبرة الملكة نفرو سوبك، على غرار ما جرى من مسح راداري بمنطقة وادي الملوك في غرب الأقصر بحثاً عن مقبرة الملكة نفرتيتي.
وقال أبو زيد لوكالة الأنباء الألمانية إنه «لم يُعرف على وجه اليقين» أين دفنت الملكة نفرو سوبك، التي حكمت مصر منفردة لسنوات عدة، وتمتعت فترة حكمها بالاستقرار. ويعتقد كثير من المختصين أنها صاحبة الهرم غير المكتمل المشيد من الطوب اللبن في شمال قرية مزغونة بمنطقة دهشور الأثرية، جنوب محافظة الجيزة.
وكانت الحضارة المصرية القديمة فريدة من نوعها، فقد منحت الحق للمرأة في حكم البلاد وفي تولي مناصب رفيعة، ومكنتها من القيام بدور اقتصادي كبير، بجانب دورها السياسي ملكةً ووزيرة وقاضية، ودورها الاجتماعي زوجةً وأماً وشريكةً للزوج في رعاية الأسرة.
وعرف الأثريون من خلال الاكتشافات الأثرية في الأقصر والجيزة وغيرهما من مدن مصر التاريخية، كثيراً من المعلومات حول ملكات مصريات حكمن البلاد، وعن مكانة المرأة في زمن الفراعنة.
وهناك ملكات فرعونيات شهيرات عرفهن العالم رغم عدم تفردهن بالحكم، مثل نفرتاري ونفرتيتي، وبجانب الملكات اللاتي لم يحكمن وتمتعن بالشهرة، فإن هناك ملكات أخريات لا يعرفهن كثيرون رغم حكمهن البلاد منفردات. واكتسبت الملكة حتشبسوت شهرة واسعة، ويستقبل معبدها «الدير البحري»، المنحوت في صخور جبل القرنة غرب مدينة الأقصر بصعيد مصر، آلاف السياح في كل يوم.
ويقول الدكتور ممدوح الدماطي، عالم المصريات المعروف وزير الآثار المصري الأسبق،، إن المرأة في مصر القديمة تمكنت من أن يكون لها دور في الحكم، بل وتمكنت من الوصول إلى سدة الحكم فتوجت ملكةً حاكمة.
ويشير الدماطي إلى أن الملكة نفرو سوبك، التي ينطق اسمها أيضاً «سوبك نفرو»، واحدة من الملكات اللاتي حكمن مصر القديمة، بعد أن خلفت شقيقها وزوجها الملك أمنمحات الرابع في الحكم، وأُتيحت لها فرصة الاستقلال بالسلطة بلا شريك أو منافس.
وحسب الدماطي، تمكنت نفرو سوبك من حكم البلاد وتمتعت بوضع سياسي مستقر في مصر وبلاد النوبة، ولم يشب عصرها أي تمردات ضد حكمها، ولم يتم محو «خراطيشها» بعد موتها كما حدث مع الملكة حتشبسوت.
ولفت إلى أنه عثر على اسم الملكة نفرو سوبك منقوشاً على كثير من الآثار التي خلفتها في محافظة الفيوم، وفي تل الضبعة بمحافظة الشرقية، وفي إهناسيا بمحافظة بني سويف، وعند الشلال الثاني بالنوبة.
تفردت الملكة نفرو سوبك، وفق الدماطي، بأنها أول ملكة مصرية تحصل على «الألقاب الملكية الخمسة، فلقّبت بـ: «حور: مريت رع (أي حبيبة رع)»، و«نبتى: سات سخم نبت تاوي (أي بنت القوى سيدة الأرضين)»، و«حور نبو: جدت خعو (أي مثبتة التيجان)»، و«نسو بيتى: كا سوبك رع (أي قرين المعبود سبك - رع)»، و«سا رع: نفرو سوبك شديتي (وهو الاسم الشخصي ومعناه جمال المعبود سوبك)».
كما لقبت أيضاً بـ«سيدة كل النساء»، حيث حرصت على استخدام ألقاب مؤنثة لتظهر كينونتها وتعبر عن شخصيتها، وحافظت في معظم تماثيلها على المظهر الأنثوي.
وبحسب الدكتور الدماطي، فقد تركت نفرو سوبك مجموعة قليلة من الآثار نظراً لقِصر فترة حكمها، وتقدم بعض الآثار معلومات مثيرة للاهتمام عنها، مثل النقش النيلي المؤرخ بالعام الثالث من حكمها وعثر عليه عند الشلال الثاني بالقرب من قلعة قمنة في النوبة، ويسجل ارتفاع النيل، بما يشير إلى اهتمام الملكة نفرو سوبك بقياسات ارتفاع النيل، الذي يعتمد عليه في وضع السياسة الزراعية للدولة.
وفي قرية تل الضبعة بمركز فاقوس في محافظة الشرقية، تم الكشف عن أجزاء من 5 تماثيل، بينها 3 تماثيل للملكة نفرو سوبك، كرست للإله سوبك، وقد صنعت كلها من البازلت.
وبنهاية حكم نفرو سوبك، انتهى حكم الأسرة الثانية عشرة، ومعها انطوت صفحة من أمجد صفحات التاريخ المصري القديم.
يذكر أن مصر القديمة عرفت عدة ملكات فرعونيات حكمن مصر بما يعرف بـ«الحق الخاص» مستقلات عن أزواجهن، و«كثيرات منهم كُنَّ أميرات بنات فراعنة»، وكانت بعض الملكات من عامة الشعب، وأخريات من حريم الفرعون، لكن بعضهن حملت لقب «ملكة» لقيامهن بحكم مصر، وبعضهن اكتفين بمشاركة أزواجهن، واعتنين بإدارة شؤون قصر الملك وحريمه، وتولت بعضهن سلطات في إدارة شؤون الدولة. وقد عرفت مصر القديمة، 3 أنواع من الملكات... وبالإضافة إلى الملكات اللاتي حكمن البلاد منفردات، كانت هناك «الملكة أم الملك» و«الملكة زوجة الملك»، و«الملكة الزوجة العظمى للملك» التي كان لأولادها حق حكم البلاد من بعد أبيهم.


مقالات ذات صلة

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

يوميات الشرق اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

أعلن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، الأربعاء، عن اكتشاف بقايا معبد الوادي للملكة حتشبسوت بالأقصر (جنوب مصر)، مع عدد من الاكتشافات الأثرية الأخرى.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الغرابة (SWNS)

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
يوميات الشرق المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثّل في مصطبة لطبيب ملكي بالدولة المصرية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
TT

لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)

ضمن عدد هائل من المقتنيات التاريخية والقطع المستعارة من مؤسسات عربية ودولية ينفرد بينالي الفنون الإسلامية 2025 المقرر افتتاحه في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي بعرض كسوة الكعبة المشرفة بالكامل، وهي المرة الأولى التي تشاهد فيها الكسوة خارج مكة المكرمة.

ويأتي عرض الكسوة في الدورة الثانية من البينالي بالتزامن مع الذكرى المئوية الأولى (حسب التقويم الهجري) لإنشاء مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة في السعودية، والذي ينال شرف صناعة الكسوة منذ عام 1346 هـ (1927 م).

جدير بالذكر أن الكسوة التي سيتم عرضها في البينالي غطّت الكعبة المشرّفة طوال العام الهجري الماضي ولم يسبق أن عُرضت بشكلها الكامل في أيّ محفل أو معرض من أي نوع.

قاعات عرض بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة (مؤسسة بينالي الدرعية)

ويمثل عرض الكسوة سابقة أولى يسجلها البينالي ضمن جهوده المعرفية التي تُضيء الجوانب المرتبطة بالفنون الإسلامية والنقوش والزخارف الفريدة، والتي تتجلّى في الكسوة الشريفة بوصفها واحدة من أسمى الإنتاجات الإبداعية التي بلغها الفن الإسلامي.

وسيقدم البينالي من خلال عرض كسوة الكعبة المشرفة تعريفاً بالكسوة، وتطورها عبر التاريخ، وما يرتبط بها من فنون ونقوش ومهارات حِرفية ومعارف، وذلك بأسلوب عرضٍ مميز، يتيح للزوار التعرّف على التفاصيل الدقيقة في حياكتها، وتطريزها بخيوطٍ من الحرير والذهب والفضة. وستتم إعادة الكسوة إلى رعاية مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة بعد اختتام فعاليات البينالي.

وتهدف مؤسسة بينالي الدرعية من خلال عرض الكسوة إلى ترسيخ الاعتزاز بالإرث الثقافي الإسلامي، وخلق فرصة استثنائية تسمح لعامة الجمهور بالتعرف عن قرب على أحد أهم مظاهر الفن الإسلامي عبر التاريخ، وتقديم فهمٍ أعمق للحرفية العالية في صناعة كسوة الكعبة المشرفة، مع ما يتضمنه ذلك من تأكيد على مركزية المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتوفيرها لكل الإمكانات والمهارات والحرفيين البارعين لصناعة الكسوة من خلال مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة.

صالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة مكان إقامة فعاليات بينالي الفنون الإسلامية في دورته الثانية (مؤسسة بينالي الدرعية)

و إلى جانب كسوة الكعبة المشرفة سيعرض البينالي مجموعةً واسعة من التحف التاريخية الإسلامية وأعمال الفن المعاصر، بهدف دفع زواره إلى التأمل في ثراء الحضارة الإسلامية وفنونها الإبداعية، وذلك امتداداً لما قدمه البينالي في نسخته الأولى التي أُقيمت في عام 2023م تحت عنوان «أول بيت»، وحققت نجاحاتٍ كبيرةٍ جعلت منه ثاني أكثر بينالي زيارة في العالم، بحضورٍ وصلَ إلى أكثر من 600 ألف زائر تعرفوا على الإرث الثقافي للفنون الإسلامية.