السعودية: لجنة مشتركة لدراسة تأثير فرض رسوم على الأراضي البيضاء

أصدرت الجهات العليا في السعودية قرارا بتشكيل لجنة مشتركة مهمتها إعداد تقرير مفصل عن التأثيرات التي يمكن أن تنتج عن فرض رسوم على الأراضي البيضاء.
وتأتي هذه الخطوة بهدف التأكد من أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء لن يؤثر سلبا على قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، خاصة في الملفات المتعلقة بالجوانب الاستثمارية، التجارية، الصناعية، والخدماتية.
وبحسب مصادر متطابقة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، ستتولى اللجنة المشتركة مهمة دراسة تأثيرات فرض الرسوم على الأراضي البيضاء من النواحي الاقتصادية، المجتمعية، والأمنية، ومدى قدرة هذه الرسوم على تحقيق الأهداف الموضوعة لها، على أن ترفع النتائج في مدة لا تتجاوز 60 يوما كأقصى تقدير من بدء العمل على التقرير. وأكدت المصادر أن تشكيل اللجنة يستهدف الوصول إلى توصيات من شأنها المحافظة على قوة ومتانة الاقتصاد السعودي لاعتبارات عدة، منها: أن تأثير أسعار العقارات يرتد على التقييمات السعرية، ويحتسب من ضمن التكاليف التي تدخل في قيمة المنتج النهائي، ما يجعلها في مواجهة حتمية مع ملفات في غاية الأهمية، وبخاصة ملفات الاستثمار المحلي والأجنبي، التجارة، الصناعة، والخدمات. وكانت وزارة الإسكان جهزت في وقت سابق دراسة مفصلة حول أهمية فرض الرسوم على الأراضي العمرانية الكبيرة الممتدة داخل النطاقات العمرانية وقدرتها على المساهمة في حل أزمة الإسكان.
وطبقا لما هو معروف في هذا المجال، فإن الغرض من الرسوم ليس التحصيل باعتبار أن السياسة الاقتصادية للسعودية لا تتعامل مع مثل هذا النوع من الأمور، لكنها تدخل في إطار منح الرسوم وظيفة تحقيق استراتيجيات وسياسات معينة، وفي مثل هذه الحالة يكون الهدف توفير مزيد من المساكن، ودفع الملاك إلى تحريك الأموال، واستثمار الأصول بما يزيد من فاعلية الاقتصاد ودورته.
ويرى اقتصاديون أن أفضل مكان يمكن التعامل فيه مع الرسوم هو الأرض، باعتبار أن الأراضي ذات عرض ثابت، وما يؤخذ عليها هدفه تنظيمي، ما يجعله مختلفا تماما عن الضريبة التي تؤخذ على أي شيء آخر، باعتبار أن الضريبة تتحرك مع العد، والعدد، والتعدد.
يشار إلى أن هيئة كبار العلماء أحالت ملف فرض الرسوم على الأراضي الكبيرة داخل النطاقات العمرانية إلى المجلس الاقتصادي الأعلى، على أن تقول كلمتها النهائية بعد الاطلاع على ما يرد إليها من المجلس في وقت لاحق.
وفي هذا الخصوص، قال لـ«الشرق الأوسط» عبد العزيز الفهاد، محلل اقتصادي، إن القطاع الحكومي لا يحقق أي نمو في تلبية احتياجات السكن للمواطنين، بينما القطاع الخاص حقق نموا متزايدا في بناء المساكن وبيعها.
والمعروف أن لدى السعودية أعلى نسب زيادة مواليد في العالم بمعدل 3.75 في المائة، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على العقار، إضافة إلى عدم وجود أوعية تستقبل الادخارات، فيقوم المدخرون بتخزين أموالهم على شكل عقار هاربين من التضخم الذي سيفقد النقود قيمتها، فيقومون «بالاستفادة» من التضخم بارتفاع أسعار العقارات.
وأبدى الفهاد مخاوفه من أن يؤدي فرض رسوم حكومية أو ضريبة يدفعها ملاك الأراضي غير المطورة، إلى رفع أسعار العقار لتعويض الضريبة على عكس المرجو من فرض الرسوم.
وشدد على أن «من المنطقي أن تكون هناك دراسات ميدانية تؤكد أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيؤدي إلى خفض الأسعار، وليس ارتفاعها»، قائلا إن فرض الرسوم إن جرى «سيجعلني أتوقع ارتفاع الأسعار أكبر مما هي عليه الآن، وليس انخفاضها، على اعتبار أن الذي سيدفع ضريبة هذا الارتفاع هو المستهلك النهائي للأرض».