توقعات بارتفاع أسعار عقارات وسط القاهرة بعد إخلاء المقرات الحكومية

تكليف رئاسي بنقل الوزارات إلى العاصمة الجديدة

تطوير المباني التراثية أسهم في رفع قيمة عقارات «القاهرة الخديوية» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
تطوير المباني التراثية أسهم في رفع قيمة عقارات «القاهرة الخديوية» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

توقعات بارتفاع أسعار عقارات وسط القاهرة بعد إخلاء المقرات الحكومية

تطوير المباني التراثية أسهم في رفع قيمة عقارات «القاهرة الخديوية» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
تطوير المباني التراثية أسهم في رفع قيمة عقارات «القاهرة الخديوية» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يتوقع بعض الخبراء ارتفاع أسعار عقارات وسط القاهرة في مصر، بعد إخلاء مقرات الوزارات والهيئات الحكومية من القاهرة، ونقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة) منتصف العام المقبل، تنفيذاً لتكليفات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسط توقعات بتغيير الأنشطة العقارية بوسط العاصمة التاريخية مع انتهاء خطة التطوير.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، في بيان صحافي أخيراً، إلى أن «هناك تكليفاً من الرئيس السيسي للحكومة بتطوير القاهرة التاريخية، وإخلاء المحافظة من الوزارات والمقرات الإدارية الحكومية في العام المقبل، حتى تعود القاهرة إلى دورها التاريخي والثقافي والسياحي والأثري، حيث تم تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى في المحافظة، والانتهاء من تطوير المناطق العشوائية غير الآمنة»، مشيراً إلى أن «انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة سيكون فرصة للاهتمام بالقاهرة ومبانيها التاريخية، ومعالمها الأثرية والسياحية».
وسبق الإعلان من قبل عن اعتزام مصر نقل مقراتها الحكومية المنتشرة في منطقة وسط البلد بالقاهرة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وإعداد خطة لتطوير القاهرة التاريخية والخديوية، واستغلالها في أنشطة سياحية، لكن حتى الآن لم تؤثر هذه الإعلانات على وضع العقارات في وسط القاهرة.
وقال الخبير العقاري أحمد عبد الفتاح، مدير تطوير الأعمال في موقع «عقار ماب» الإلكتروني الذي يرصد وضع السوق العقارية المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إنه «حتى الآن لا يوجد تأثير لمشروعات التطوير أو خطة نقل الوزارات على أسعار العقارات في القاهرة، ولا يتوقع أن يكون هناك تأثير ملحوظ في المدى القريب».
وأضاف عبد الفتاح أن «الأسعار في مناطق وسط البلد وجاردن سيتي، حيث توجد الوزارات والمقرات الحكومية، مستقرة وثابتة إلى حد ما حالياً»، مشيراً إلى أن «متوسط سعر المتر في منطقة وسط البلد في أغسطس (آب) من العام الماضي كان 4400 جنيه، واليوم يبلغ متوسط سعر المتر 4650 جنيهاً، وفي جاردن سيتي انخفض متوسط سعر المتر من 14 ألف جنيه إلى 11 ألف جنيه خلال الفترة نفسها»، لافتاً إلى أن «الوضع العقاري في وسط العاصمة طبيعي ومستقر».
واتفق معه الدكتور حسين الحمصاني، خبير التثمين والتسويق العقاري، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطط نقل المقرات الحكومية لم تؤثر حتى الآن على السوق العقارية في منطقة وسط القاهرة حالياَ، فما زالت الأسعار مستقرة في المنطقة».
وأضاف أن «نسبة المعروض من محلات وشقق سكنية للبيع أو الإيجار في المنطقة ضعيفة جداً مقارنة بحجم الطلب، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في الشوارع الرئيسية بدرجة كبيرة، حيث تجاوز سعر متر المحلات التجارية في الشوارع الرئيسية حاجز المائة ألف جنيه للبيع، وبلغ متوسط القيمة الإيجارية لمتر المحلات في هذه الشوارع نحو 800 جنيه، بينما يتراوح سعر المتر للشقق السكنية ما بين 8 و10 آلاف جنيه في الشوارع الرئيسية مثل سليمان باشا وطلعت حرب، بينما يقل في الشوارع الجانبية وغير الرئيسية».
لكنّ هذا لا يعني أن الأمور ستبقى على حالها مع تنفيذ مخطط نقل الوزارات واستكمال أعمال التطوير، حيث تعمل الحكومة المصرية على خطة لتطوير القاهرة التاريخية وإعادة استغلال المقرات الحكومية التي سيتم إخلاؤها في أنشطة سياحية وترفيهية، حيث يرجح تحويل بعضها إلى فنادق أو مراكز ثقافية، مع إضافة متنزهات وحدائق عامة.
وتوقع عبد الفتاح «ارتفاع أسعار العقارات في هذه المناطق مع استكمال مشروع تطوير القاهرة التاريخية ووسط المدينة، وزيادة عائدات الاستثمار في المنطقة»، مشيراً إلى أنه «مع نقل الوزارات واستكمال التطوير ستتحول القاهرة إلى مدينة سياحية بالدرجة الأولى، وهذا يعني تغيير النشاط العقاري من نشاط سكني وإداري إلى نشاط سياحي وفندقي، مما يعني ارتفاع العوائد الاستثمارية وبالتالي زيادة الأسعار»، ضارباً المثل «بمشروع تطوير فندق (لافينواز) التابع لشركة الإسماعيلية في منطقة وسط البلد»، وقال إن «التطوير أدى إلى زيادة قيمة العقار والفندق، وزيادة قيمة العقارات المجاورة له، والتي لم يتم تطويرها».
وكان كريم الشافعي، رئيس مجلس إدارة شركة «الإسماعيلية للاستثمار العقاري»، قد قال في تصريحات له عقب تطوير فندق «لافينواز» العام الماضي إن «القيمة الإيجارية للمتر بوسط البلد تتضاعف 6 مرات بعد التطوير».
وهو ما أكده الحمصاني قائلاً إنه «من الطبيعي أن ترتفع الأسعار بعد التطوير لأن توفير الخدمات والبنية التحتية وإعادة طلاء المباني يرفع من قيمتها الاقتصادية»، مشيراً إلى أنه «من الصعب التنبؤ الآن بوضع السوق العقارية في منطقة وسط القاهرة بعد نقل الوزارات والمقرات الحكومية، لكن المؤكد أنه لن يكون هناك انخفاض في الأسعار، فالمنطقة ما زالت تعد قلب العاصمة».
وأضاف الحمصاني أن «طبيعة النشاط الذي سيتم فيه استغلال هذه المقرات الحكومية هو الذي سيحدد اتجاه السوق العقارية، فلو تم استغلالها في عمل فنادق وأنشطة سياحية من المؤكد أن هذا سيترافق مع ارتفاع في الأسعار نتيجة الرغبة في توفير خدمات للسياح وزوار المنطقة».
وتعكف اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية التي تشكلت بقرار من رئيس الجمهورية في أواخر 2016 على دراسة مجموعة من المقترحات لإعادة استخدام المقرات الحكومية في وسط القاهرة بعد نقلها إلى العاصمة الإدارية، وحتى الآن لم يعلن مخطط واضح للصورة التي ستكون عليها المنطقة بعد النقل، ولكن التصريحات الرسمية، وآخرها تصريح رئيس الوزراء المصري، تشير إلى الاتجاه لاستغلالها في أنشطة سياحية.
وفي سياق متصل أوضح عبد الفتاح أن «السوق المصرية تشهد بشكل عام تزايداً في الطلب على العقارات خلال موسم الصيف الحالي، حيث زاد الطلب بنسبة 22% خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، وزاد مرة أخرى بنسبة 7% إضافية خلال شهر يوليو (تموز) الماضي»، مشيراً إلى أن «الجزء الأكبر من هذه الزيادة يأتي من المصريين المغتربين في دول الخليج العربي، وخصوصاً في السعودية.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.