من النرويج إلى الرقة

«الأختان» لآسني سييرستاد تصدر بالعربية

TT

من النرويج إلى الرقة

عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» صدرت حديثاً في بيروت الترجمة العربية لـ«الأختان»، للكاتبة النرويجية آسني سييرستاد. وأنجز الترجمة معن الكشك. وكانت المؤلفة سييرستاد قد عملت مراسلة حربية على مدى 25 عاماً، وغطت كثيراً من النزاعات في العراق وأفغانستان، ونشرت كتب عن صربيا والشيشان. في هذا الكتاب الذي يتكون من 5 أجزاء تروي المؤلفة القصة الحقيقية لرحلة شقيقتين إلى سوريا للالتحاق بصفوف «داعش»، ومحاولات والدهما إعادتهما إلى النرويج.
وتتعقب الكاتبة قصة رحلة الأختين من النرويج العلمانية إلى الخطوط الأمامية للحرب في سوريا، وتتبع محاولة صادق الصعبة للعثور عليهما. وتستخدم الكاتبة السرد التشويقي الذي اتبعته في كتابها الموسوم بـ«بائع الكتب في كابول»، مسلطة الضوء على مشكلة التطرف، وعلى الظروف الإنسانية المؤلمة التي يقود إليها. ويطرح كتابها الجديد سؤالاً أساسياً: ما الذي يدفع فتاتين مجدَّتين بدراستيهما، كانتا قد هربتا من الحرب في موطنهما الأصلي (الصومال)، للسعي وراء حرب أخرى، والخضوع للسيطرة الصارمة لتنظيم داعش؟ أخذت ليلى وأختها وايان، اللتان تحملان الجنسية النرويجية، تترددان على المساجد في العاصمة النرويجية بشكل منتظم. ولكن استغلتهما، نتيجة لصغر عمرهما، عناصر متطرفة، أثروا عليهما بشكل كبير، فتغيرتا بشكل جذري، وبدأتا رويداً رويداً بالابتعاد عن أسرتهما. تغير سلوكهما وتصرفاتهما، حتى شكل وألوان ملابسهن قد تغيرت.
وينفتح المشهد الأول مع مغادرة الأختين إلى سوريا عام 2013، وضياع أثرهما.
ثم وصلت رسالة منهما إلى أبيهما: «قررنا السفر إلى سوريا، وتقديم كل مساعدة ممكنة... لقد غادرنا الآن، وسرعان ما سنصل إن شاء الله». وتضمنت الرسالة ثلاث كلمات: «الجهاد. الخلافة. الشهادة». وطلبت الأختان من والدهما أن يتمعن بتلك الكلمات الثلاث قبل أن يرد عليهما. وكانت الفتاتان قد وصلتا إلى مدينة أضنه في تركيا عبر شبكة مهربين أتراك وأوروبيين، وكانت وثائق سفرهما تشير إلى أنهما سائحتان من النرويج، حيث مكثتا في الفندق الكبير. بعد 10 أيام استقلتا في الصباح الباكر حافلة باتجاه مدينة الرقة عبر منفذ حدودي غير شرعي. وقررت العائلة البحث عنهما عبر صديق لوالد الأختين في سوريا. وعند وصوله، أرشده المهرب إلى فيلا محاطة بالأشجار تقع على خاصرة نهر الفرات، حيث التقى بأبي سعد التونسي الذي يشير لقبه إلى البلد الذي جاء منه. بعد ذلك، أمر التونسي بإلقاء القبض عليه، حيث قام رجال ملثمون بركله وبصقوا عليه وشتموه، متهمينه بالتجسس، ثم رفعوه وغطوا عينيه وربطوا يديه وساقيه ورموه في سيارة، حيث ظلَّ ملقى هناك في الخلف بين أقدام الرجال. وقد أشرف على تعذيبه رجلان، أحدهما قصير مكتنز الجسم له لحية سوداء تغطي وجنتيه الممتلئتين، أَمَّا وجهه فعريض وشعره أشعث، ومن لهجته خمن أنه ليبي. وأَمَّا الرجل الآخر فطويل بشرته ذهبية، وقد يكون من القرن الأفريقي، وربما إريتريا. وينتهي الأمر بالوالد المسكين إلى أن يلتقي بابنتيه اللتين ترفضان العودة معه.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.