اتهام إسرائيلي لـ «الجهاد» بتصعيد التوتر في غزة «خدمة لإيران»

«حماس» تسعى إلى منع أي هجمات تقوّض التهدئة... وتل أبيب لا تريد حرباً

محطة كهرباء قطاع غزة التي قررت إسرائيل أمس تقليص كميات الوقود اللازم لتشغيلها (رويترز)
محطة كهرباء قطاع غزة التي قررت إسرائيل أمس تقليص كميات الوقود اللازم لتشغيلها (رويترز)
TT

اتهام إسرائيلي لـ «الجهاد» بتصعيد التوتر في غزة «خدمة لإيران»

محطة كهرباء قطاع غزة التي قررت إسرائيل أمس تقليص كميات الوقود اللازم لتشغيلها (رويترز)
محطة كهرباء قطاع غزة التي قررت إسرائيل أمس تقليص كميات الوقود اللازم لتشغيلها (رويترز)

اتهمت إسرائيل حركة الجهاد الإسلامي بتصعيد التوتر على جبهة قطاع غزة خدمة لإيران. والاتهام الإسرائيلي لـ«الجهاد» هو الثاني خلال أسبوع.
وتقول إسرائيل إن «الجهاد» تقف خلف كل الصواريخ التي أطلقت في أسبوع واحد من قطاع غزة. وقال منسق الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية كميل أبو ركن، بعد هجوم صاروخي جديد: «الجهاد الإسلامي بإيعازٍ إيراني تهدد مرة تلو الأخرى الاستقرار وتمس بأمن المنطقة، والعواقب أنتم من سيشعر بها».
وخاطب أبو ركن أهالي قطاع غزة قائلاً: «جهات معادية قريبة وبعيدة، تسعى لإشعال فتيل الحرب، وتقوم بجرّكم إلى العنف وفقدان الاستقرار والأمن. الجهاد الإسلامي بإيعازٍ إيراني تهدد مرة تلو الأخرى الاستقرار وتمس بأمن المنطقة، والعواقب أنتم من سيشعر بها. إن إطلاق النار باتجاه إسرائيل سيلقى رداً ملائماً. إسرائيل ستحمي مواطنيها. ما لا يفعله قادتكم وحلفاؤهم، فالمنظمات في غزة تفضل كما يبدو مصلحة إيران على مصلحتكم. إن تدهور الاستقرار والمس بالأمن سيؤديان إلى دمار ومساس بسكان القطاع، الذين سيواصلون السير في الظلمة بسبب أولئك الذين يبثون الرعب والظلام في قطاع غزة».
وجاء تصريح أبو ركن بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء نتنياهو خفض نصف كمية الوقود التي تنقلها إسرائيل إلى محطة كهرباء غزة حتى إشعار آخر رداً على إطلاق الصواريخ.
وأطلقت في ساعة متأخرة من مساء الأحد، 3 صواريخ من قطاع غزة، اعترضت منظومة الدفاع الصاروخية (القبة الحديدية) اثنين منها، ثم قصف الجيش الإسرائيلي أهدافاً تابعة لحركة «حماس» في شمال قطاع غزة في بيت لاهيا.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن «مقاتلات إسرائيلية قصفت عدة أهداف إرهابية في مجمع عسكري لحركة حماس في شمال قطاع غزة، بما في ذلك مكتب قائد كتيبة في (حماس). وقد جاء هذا القصف رداً على إطلاق الصواريخ الليلة الماضية باتجاه الأراضي الإسرائيلية».
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: «تم إطلاق صافرات الإنذار في مدينة سديروت والبلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، ثم رصد سقوط صاروخ على الطريق في إحدى القرى الإسرائيلية وتسبب باندلاع حريق صغير في المكان». ونتيجة لإطلاق الصواريخ من غزة، فُض مهرجان غنائي في مدينة سديروت، وتفرق الحضور الذي يقدر بنحو 4 آلاف شخص.
و«الجهاد الإسلامي» هي ثاني أكبر قوة في قطاع غزة، بعد «حماس».
وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن «(حماس) على قناعة تامة بأن (الجهاد) هي التي تقف خلف إطلاق الصواريخ، وقد توجهت الحركة للجهاد من أجل التوقف عن خرق الهدنة خشية تقويض الاتفاقيات».
لكن في «الجهاد» غير راضين عن سير هذه الاتفاقيات ويقولون إنه لا يوجد تقدم وإنهم رغم ذلك لا يطلقون الصواريخ، «أي ينفون ذلك»، حسب المصادر.
وبحسب المصادر، فثمة اجتماع متفق عليه بين الفصيلين من أجل وضع النقاط على الحروف، وقد يكون عقد بالأمس أو اليوم. ولا تريد «حماس» انهيار التهدئة في القطاع كما أنهم غاضبون من احتمال أن يكون إطلاق الصواريخ جاء بتعليمات خارجية.
وكان لافتاً أن إطلاق الدفعة الأخيرة من الصواريخ جاء بعد توتر كبير على جبهات سوريا ولبنان والعراق، بعد استهداف إسرائيل مقاتلين ومواقع إيرانية تابعة لـ«حزب الله». و«الجهاد الإسلامي» قريبة للغاية من إيران و«حزب الله» وحافظت على علاقة مستقرة تقريباً مع طهران بخلاف «حماس» التي شهدت علاقتها بإيران مراحل مد وجزر كبيرة.
ومرة أخرى نأت «حماس» بنفسها عن التصعيد، وقالت إنها لا تقف خلف هذه الصواريخ. وتريد «حماس» الحفاظ على الهدوء مع إسرائيل الذي لعبت فيه كل من مصر وقطر والأمم المتحدة أدواراً رئيسية. وينص الاتفاق على وقف أي هجمات من القطاع مقابل تخفيف الحصار وإطلاق مشاريع إنسانية. ونشرت حركة «حماس» مقاتلين إضافيين على الحدود لمنع تنفيذ هجمات أو اختراقات في الفترة الأخيرة بعد ارتفاع منسوب التوتر.
وتقابل إسرائيل توجه «حماس» بتوجه مماثل. وقال وزير الإسكان يوآف غالانت إن الحرب مع قطاع غزة هي الخيار الأخير. ونقلت قناة «كان» العبرية عن غالانت قوله إن «حركة حماس ليست مهتمة بالتصعيد والظهور على السطح، لكن هناك آخرين نيابة عنها يلعبون بالنار».
كما قال وزير الطاقة والشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس إن إطلاق الصواريخ لم يكن من «حماس»، «لكن ردنا كان حاسماً وسيكون أكثر قوة إن لم يتوقف إطلاق الصواريخ»، مؤكداً أن «إسرائيل» مستعدة للقيام بعمل عسكري واسع النطاق إذا لزم الأمر.
وحول استمرار تحويل الأموال (المنحة القطرية) إلى القطاع رغم استمرار إطلاق الصواريخ، برر شتاينتس بقوله إنه لا توجد فائدة من خلق أزمة إنسانية من شأنها أن تؤدي إلى تعميق الصدع. لكن رغم ذلك ثمة تخوفات من تصعيد أشمل.
وقال مصدر أمني إسرائيلي، لقناة «كان»، إن هناك تخوفات إسرائيلية، بأن تؤدي الأحداث الأمنية الأخيرة بالشمال والجنوب، إلى تصعيد شامل. ونقلت القناة العبرية، عن المصدر الإسرائيلي قوله إن «إيران وحليفاتها بالمنطقة، سوف يبحثون عن طرق جديدة للمساس بإسرائيل، كرد على الهجمات الأخيرة بلبنان وسوريا». وأضافت القناة أن حالة من التأهب والاستنفار، تسود المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وذلك تحسباً لرد على الهجمات الإيرانية.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.