مباحثات خليجية ـ أميركية تتناول جهود تأمين أمن الملاحة

إيران تعلن بيع نفط الناقلة «أدريان داريا 1»... وبولتون يحذّر تركيا

المدمرة «سهند» التابعة لبحرية الجيش الإيراني في أول ظهور بمياه الخليج مارس الماضي (فارس)
المدمرة «سهند» التابعة لبحرية الجيش الإيراني في أول ظهور بمياه الخليج مارس الماضي (فارس)
TT

مباحثات خليجية ـ أميركية تتناول جهود تأمين أمن الملاحة

المدمرة «سهند» التابعة لبحرية الجيش الإيراني في أول ظهور بمياه الخليج مارس الماضي (فارس)
المدمرة «سهند» التابعة لبحرية الجيش الإيراني في أول ظهور بمياه الخليج مارس الماضي (فارس)

جرت مباحثات خليجية أميركية، أمس، في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، بهدف تعزيز حرية التجارة الدولية في الخليج، فيما أعلنت طهران عن نشر مدمرة بحرية مزودة بصواريخ «كروز» في خليج عدن. وبالتزامن، أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، أمس، أنّ بلاده باعت النفط الذي تحمله الناقلة التي احتجزتها سلطات جبل طارق، مطلع يوليو (تموز)، وأفرجت عنها بعد نحو 6 أسابيع، رغم الطلب الأميركي بإبقائها محتجزة.
وأجرى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبد اللطيف الزياني، مباحثات مع الأدميرال جيمس مالوي قائد الأسطول الخامس الأميركي بمقر الأمانة في الرياض، أمس (الاثنين)، بشأن علاقات التعاون الدفاعي المشترك بين الجانبين.
وناقش اللقاء الجهود التي تبذلها القوات البحرية الأميركية لحماية الملاحة البحرية، وضمان حرية التجارة الدولية في الخليج العربي والبحر الأحمر، وسبل تعزيز التعاون الخليجي، فضلاً عن علاقات التعاون الدفاعي المشترك بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة. كما تم التطرق إلى المساعي التي تبذلها الولايات المتحدة لحشد الجهود الإقليمية والدولية لضمان أمن وسلامة إمدادات الطاقة من المنطقة حماية للاقتصاد العالمي.
حضر اللقاء الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات، عبد العزيز العويشق، وعدد من المسؤولين في قيادة القوات البحرية الأميركية، والضباط في الشؤون العسكرية بالأمانة العامة.
في الأثناء، ذكرت قناة «برس تي. في» التلفزيونية الحكومية الإيرانية، أمس، أن طهران نشرت مدمرة بحرية مزودة بأنظمة صواريخ «كروز» طويلة المدى في خليج عدن، لتوفير الأمن لسفنها التي تمر عبر المنطقة.
وقالت القناة إن المدمرة سترافقها سفينة للدعم اللوجيستي وحاملة طائرات هليكوبتر. ووصفت القناة، المدمرة «سهند»، بأنها أحدث المدمرات الإيرانية.
وقبل ذلك بيوم، قال المساعد التنسيقي في الجيش الإيراني حبيب الله سياري: «الجيش الإيراني والقوات البحرية جاهزة لمرافقة الناقلة، أينما تكون، إذا قرر كبار المسؤولين ذلك».
في شأن متصل، نقلت وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانية عن المتحدث باسم الحكومة، على ربيعي، قوله، أمس، إن «إيران باعت النفط الذي كان بالناقلة التي أفرجت حكومة جبل طارق عنها، قبل أسبوع، وإن مالك الناقلة الجديد سيقرر وجهتها التالية من دون أن يحدد هوية المشتري أو كيفية بيع الناقلة».
وقبل ربیعي، بساعاتٍ، شدد مستشار الأمني القومي الأميركي جون بولتون، في تغريدة عبر «تويتر»، على عزم بلاده «منع إيران من تمويل الإرهاب وزعزعة الاستقرار وخرق العقوبات الدولية». ودعا إلى ضرورة منع نقل الشحنة «غير المشروعة»، سواء في الموانئ أو البحر، محذراً تركيا من السماح للناقلة بالرسو في موانئها.
واحتجزت قوات البحرية الملكية البريطانية الناقلة «أدريان داريا 1»، التي كانت تحمل اسم «غريس 1»، خلال عبورها أمام جبل طارق التي تتمتع بحكم ذاتي من بريطانيا، للاشتباه بأنّها كانت تنوي نقل النفط إلى سوريا في انتهاك لعقوبات أوروبية.
وبعد إفراج جبل طارق عن الناقلة «أدريان داريا» يوم 18 أغسطس (آب)، قالت الولايات المتحدة إنها ستتخذ كل إجراء ممكن لمنعها من توصيل النفط إلى سوريا، الذي كان السبب الأصلي المعلن لاحتجازها، في انتهاك للعقوبات الأميركية.
وأظهرت بيانات الملاحة من «رفينيتيف أيكون»، أمس، أن الناقلة، التي كانت محور أزمة بين واشنطن وطهران، لم تعد مسجلة على أنها متجهة إلى تركيا، التي كانت وجهتها المحددة في مطلع الأسبوع. وكانت بيانات الموقع تشير إلى أنها تتجه إلى قناة السويس.
وسمحت المحكمة العليا في جبل طارق في 15 أغسطس برفع الحجز عن السفينة، بعدما أكدت طهران أنّ الشحنة وحجمها 2.1 مليون برميل، بقيمة تقدّر بـ126 مليون يورو، لن يتم إرسالها إلى سوريا.
وبعد ثلاثة أيام، اتجهت السفينة نحو شرق البحر المتوسط، فيما بقيت وجهتها الأخيرة مجهولة. ونقل التلفزيون الإيراني عن ربيعي أنّ «مالك النفط هو من سيحدد دون أن ينسق معنا» وجهتها. وقال إن بيع هذا النفط وتوريده سيستكملان رغم المراقبة المتواصلة للناقلة.
وجاء إعلان ربيعي غداة بيانات موقع «تانكر تراكزر» التي أظهرت حركة ناقلة نفط إيرانية ثانية، تتسع لمليون برميل، تتجه من البحر الأحمر إلى قناة السويس. كانت مصادر إيرانية توقعت أن تنقل الناقلة «آدريان دريا» بين 700 ألف إلى مليون برميل من نحو مليوني برميل من شحنتها إلى ناقلة إيرانية ثانية، ما يتيح لها العودة إلى إيران عبر قناة السويس.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.