استراتيجية الحلفاء لمهادنة ترمب: المدح أولاً

تغريدات ترمب
تغريدات ترمب
TT

استراتيجية الحلفاء لمهادنة ترمب: المدح أولاً

تغريدات ترمب
تغريدات ترمب

انتهت أعمال «مجموعة السبع» في بياريتز، أمس، ومعها قلق الرئيس الفرنسي من اختتامها بـ«كارثة دبلوماسية»، كتلك التي شهدتها قمة كندا العام الماضي.
وأصبح نجاح هذا النوع من القمم بين دول حليفة يُقاس بمدى «رضا» سيد البيت الأبيض عن مخرجاتها، وهو ما يتجلّى عادة بسلسلة تغريدات يرسلها دونالد ترمب في أحيان كثيرة، بمجرد أن يستقلّ طائرة «آير فورس وان» الرئاسية، أو بعد اطّلاعه على تغطية الإعلام الأميركي التقليدي «الزائف» بعد عودته إلى واشنطن. وبدا واضحاً من خلال مشاركاته الكثيرة في المحافل الدولية أن ترمب لا يُحبّذ المواجهة أمام الكاميرات، ويلجأ إلى حسابه على «تويتر»، الذي يحظى بمتابعة 63.5 مليون حساب، لتوجيه الانتقاد أو حتى مهاجمة نظرائه عبر العالم.
إلا أن قادة «مجموعة السبع» كانوا عازمين هذه المرة على «مهادنة» الرئيس الأميركي، وتليين موقفه من القضايا الخلافية الكثيرة التي طُرحت على طاولة المحادثات. وكان أوّلهم إيمانويل ماكرون، الذي أشرف على تنظيم قمة «مجموعة السبع» هذه السنة، وتحمّل مسؤولية إعادة بريق هذا التجمع الذي بادر سلفه في الإليزيه الرئيس فاليري جيسكار ديستان إلى تنظيمه للمرة الأولى في عام 1975.
وعقّدت انتقادات ترمب الأخيرة مهمة الرئيس الفرنسي، إذ خصّه بالذكر في تغريدة قاسية قبل أيام لدوره في المفاوضات مع إيران، فضلاً عن تنديده بدفع باريس لفرض ضرائب على عمالقة التواصل الاجتماعي. إلا أن ماكرون، الذي سعى لإزاحة التوتر وإنجاح القمة، لم يشر خلال لقائه نظيره الأميركي في منتجع بياريتز إلى انتقادات ترمب، بل خصّه باستقبال متميّز و«غداء عمل» ثنائي وصفه «سيد تويتر» بـ«أفضل لقاء» جمع الرجلين «على الإطلاق».
وحذا باقي القادة حذو «المايسترو الفرنسي»، خصوصاً بوريس جونسون الذي خاض في بياريتز أول تجاربه رئيساً للحكومة البريطانية على الساحة الدولية. واستغلّ جونسون علاقته «الخاصة» بترمب لانتزاع نقاط دبلوماسية في بلاده تمثّلت في وعود أميركية بالإسراع في إبرام اتفاق تجارة حرة بعد انتهاء عضوية لندن في الاتحاد الأوروبي. وأتقن جونسون «فنّ» مناقشة الرئيس الأميركي في القضايا الخلافية، خصوصاً الحرب التجارية المستعرّة بين واشنطن وبكين. وفي محاولة «خجولة»، كما وصفتها صحيفة «نيويورك تايمز»، لتسجيل اعتراض بلاده على التعريفات الجمركية المتبادلة، قال جونسون: «نحن ندعم السلام التجاري بشكل عام، وتخفيف (التوتر) إن استطعنا»، متفادياً بذلك مصطلحات «الحرب» و«التصعيد» و«زعزعة الأسواق العالمية» التي كثيراً ما تغضب ترمب.
بدوره، لم يتردد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الذي التقى بترمب عدة مرات في السنتين الماضيتين، في تسجيل موقفه الرافض لتجارب كوريا الشمالية الباليستية، رغم تقليل الرئيس الأميركي من أهميتها، ومدحه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. إلا أن آبي سارع إلى تأكيد سعيه للحفاظ على خط موحّد مع واشنطن بخصوص بيونغ يانغ، وركز في المقابل على التقدم الذي أحرزه القائدان في إبرام اتفاق تجارة حرة يُجنّب طوكيو موجة رسوم جمركية أميركية.
ويبدو أن استراتيجية «المهادنة» أتت بثمارها، أقلّها حتى مغادرة الرئيس الأميركي الأراضي الفرنسية بعد ظهر أمس، إذ لم يتردّد في توثيق لقاءاته «الرائعة» مع حلفائه ببياريتز على «تويتر» بصور ومقاطع فيديو، وحتى تعليقات تكذّب الأخبار «الزائفة» حول تخييم التوتر والانقسام على أعمال القمة.
وكان من أبرز هذه التغريدات ردّ ترمب على أحد المعلّقين في منصة «تويتر» بالدفاع عن لقائه الثنائي «الجيد جداً» مع جاستين ترودو، الذي هاجمه بشراسة في ختام قمة «مجموعة السبع»، العام الماضي، التي اختُتمت بفشل مفاجئ بعد رفض الرئيس الأميركي دعم بيانها الختامي. كما أشاد بنتائج مباحثاته مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي لم تُخف في الماضي انزعاجها من سياساته، و«صديقه الجيد» رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
ولم يتردد ترمب في الإشادة بميركل، التي ركزت في تصريحاتها الصحافية على «التقدم» الذي تحرزه واشنطن وحلفاؤها في «مجموعة السبع» على صعيد التجارة وإيران. ووصف الرئيس الأميركي، المستشارة، بـ«المرأة الذكية التي تفهم في كل شيء».


مقالات ذات صلة

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

صحتك رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

كشفت دراسة مكسيكية أنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن كبار السن أكثر قدرة على تحمل موجات الحرارة مقارنة بالشباب.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.