يوفنتوس يؤكد تفوقه في الملعب وسوق التعاقد مع النجوم

بدأت العطلة الصيفية لكرة القدم الإيطالية بالطريقة نفسها التي انتهى بها الموسم، وهي وجود نادي يوفنتوس في المقدمة. ففي الأول من يوليو (تموز) الماضي تعاقد بطل الدوري الإيطالي مع كل من الويلزي آرون رامزي والفرنسي أدريان رابيو، في صفقتي انتقال حرتين، قبل أن يعقد صفقة أكثر قوة، وهي التعاقد مع المدافع الهولندي الشاب ماتيس دي ليخت من أياكس أمستردام، مقابل 75 مليون جنيه إسترليني.
وحتى بالنسبة للنادي الذي تعاقد مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قبل عام واحد، بدا التعاقد مع دي ليخت وكأنه صفقة تاريخية، نظراً لأن هذه هي المرة الأولى منذ زمن بعيد التي ينجح فيها نادٍ إيطالي في التعاقد مع موهبة أوروبية شابة، تحظى باهتمام الأندية الكبرى في القارة العجوز.
ورغم أن دي ليخت لا يزال في التاسعة عشرة من عمره، فقد قاد فريقه السابق أياكس أمستردام للوصول إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، ولعب المباراة النهائية للدوري الأوروبي، كما لعب المباراة النهائية لدوري الأمم الأوروبية مع منتخب هولندا، ناهيك عن الفوز بالثنائية المحلية (الدوري والكأس) مع أياكس أمستردام. وكان من المتوقع أن ينتقل المدافع الهولندي الشاب إلى برشلونة أو ريال مدريد أو بايرن ميونيخ أو باريس سان جيرمان؛ لكنه بدلاً من ذلك حط الرحال في يوفنتوس.
وبمجرد أن وقع دي ليخت على عقود انتقاله إلى «السيدة العجوز»، بدا الأمر وكأن الفجوة بين يوفنتوس ومنافسيه المحليين قد ازدادت اتساعاً عما كانت عليه خلال السنوات الثماني الماضية، التي فاز فيها بلقب الدوري الإيطالي الممتاز. لقد دعم الفريق، الذي فاز بلقب دوري الموسم الماضي بفارق 11 نقطة كاملة عن صاحب المركز الثاني، و21 نقطة عن صاحب المركز الثالث، صفوفه، وأصبح أقوى من ذي قبل، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيتمكن أي نادٍ من منافسة يوفنتوس على المستوى المحلي؟
مع بداية الموسم الجديد، واقتراب سوق الانتقالات من إغلاق أبوابها، كان من المفترض أن يبيع يوفنتوس بعض اللاعبين بعد تعاقده مع هذه الصفقات الجديدة؛ لكن النادي لم يبع إلا عدداً قليلاً، وهو ما جعل المدير الفني الإيطالي ماوريسيو ساري أمام فريق «متضخم» إلى حد كبير!
واعترف ساري بهذا الأمر خلال الشهر الجاري، عندما قال: «نحن بحاجة لاستبعاد ستة لاعبين من قائمة الفريق في دوري أبطال أوروبا، وهذا يضعنا في مأزق، إنه وضع محرج وصعب. إننا نجازف بترك بعض اللاعبين المميزين خارج القائمة».
وانضم رامزي ورابيو إلى مجموعة من لاعبي خط الوسط، تضم ميراليم بيانيتش وإيمري تشان وبليس ماتويدي، ورودريغو بنتانكور وسامي خضيرة، الذين يتنافسون بالفعل على حجز مكان لهم في التشكيلة الأساسية للفريق. وكان من المفترض أن يكون خضيرة - على الأقل - في طريقه للرحيل عن النادي، بعد الأداء المتواضع الذي قدمه مع الفريق في موسم 2018 - 2019؛ لكنه أصر في مقابلة مع صحيفة «كيكر» الألمانية هذا الأسبوع، على أنه يعتزم البقاء.
وفي خط الهجوم، فإن قائمة اللاعبين الذين يلعبون خلف رونالدو تضم كل من باولو ديبالا، وغونزالو هيغوايين، وماريو ماندزوكيتش، ودوغلاس كوستا، وفيديريكو برنارديتشي، وخوان كوادرادو. ومن المؤكد أن ساري سيواجه صعوبة كبيرة لبناء خط هجوم متماسك من تلك المجموعة، بسبب عدم معرفته بهوية من سيبقى في النادي ومن سيرحل مع نهاية هذا الشهر.
صحيح أن المباريات الودية استعداداً للموسم الجديد قد لا تكون دائماً هي المقياس الحقيقي لمستوى الأندية، وأداء يوفنتوس في تلك المباريات لم يكن جيداً، إلا أن الفريق حقق انتصاراً في أولى مبارياته بالموسم الجديد، بهدف من توقيع مدافعه جورجيو كييليني، وفي غياب المدرب ساري المريض بالتهاب رئوي، والمرشح للغياب أيضاً عن المباراة الثانية أمام نابولي.
من السهل تخيل سيناريو ينقلب فيه مشجعو يوفنتوس على ساري، إذا فقد الفريق نقاطاً في وقت مبكر من الموسم؛ خصوصاً أن قطاعاً كبيراً من جمهور «السيدة العجوز» لم يكن راضياً منذ البداية على إسناد قيادة الفريق إلى هذا المدرب، الذي لم يفز بأي لقب كبير، قبل قيادته تشيلسي للفوز بلقب الدوري الأوروبي في مايو (أيار) الماضي.
ورغم تكدس النجوم في نادي يوفنتوس، فإن ذلك ربما يمثل عبئاً على المدرب والفريق، ويجعل المنافسة على لقب الدوري الإيطالي الممتاز شرسة خلال الموسم الجديد. وكان المدير الفني السابق ليوفنتوس والحالي لإنتر ميلان، أنطونيو كونتي، قد قال في تصريحات سابقة إنه لم يكن ليقبل بتولي مهمة تدريب الإنتر ما لم يكن يعتقد بأن هناك فرصة على الأقل لإسقاط يوفنتوس مع على قمة الدوري.
وقد لبى مسؤولو إنتر ميلان جميع مطالب كونتي، وتعاقد مع المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو، الذي كان المدير الفني يرغب في التعاقد معه منذ إن كان يتولى القيادة الفنية ليوفنتوس. ومن المحتمل أن يتعاقد إنتر أيضاً مع أليكسيس سانشيز من مانشستر يونايتد. وعلاوة على ذلك، سوف يضيف نيكولو بيريلا وستيفانو سينسي الحركة والديناميكية إلى خط وسط الفريق، كما أن دييغو غودين سيكون قائداً لخط الدفاع القوي بالفعل. لكن وجود ماورو إيكاردي بشكل غير مرغوب فيه قد يؤثر على الفريق. وكان النادي قد أخبر إيكاردي بعبارات لا لبس فيها، بأنه لن يكون جزءاً من خطط النادي في المستقبل؛ لكن إذا لم يتقدم نادٍ آخر للحصول على خدمات اللاعب خلال الأيام القليلة المقبلة، فقد يجد كونتي نفسه مضطراً لإعادة دمج اللاعب بين صفوف الفريق.
وكان نادي نابولي قد قدم نفسه كمشترٍ محتمل لإيكاردي؛ لكن من المتوقع ألا يتحرك لضمه ما لم يجد تشجيعاً من جانب اللاعب نفسه. وبغض النظر عن ذلك، قد يكون نابولي الفائز على فيورنتينا 4 - 3 في المباراة الافتتاحية منافساً أشرس من إنتر ميلان على لقب الدوري الإيطالي الممتاز. كما أن تعاقد نابولي مع كوستاس مانولاس، ليلعب إلى جانب الصخرة السنغالية كاليدو كوليبالي، يعني أن الفريق الذي احتل وصافة جدول الترتيب في الموسم الماضي قد دعم خط دفاعه بشكل أقوى. ومن وراء هذا الخط من المفترض أن حارس المرمى أليكس ميريت، البالغ من العمر 22 عاماً، سوف يواصل التحسن والتطور. وتشير الإحصائيات والأرقام إلى أن الفريق الذي يتلقى أقل عدد من الأهداف هو الذي يحصل في النهاية على لقب الدوري الإيطالي الممتاز، حسب تقديرات المواسم الـ12 الماضية.
وعلاوة على ذلك، سيكون لدى نابولي مزيد من الخيارات الهجومية أيضاً، بعد التعاقد مع هيرفينغ لوزانو. وصرح المدير الفني لنابولي، كارلو أنشيلوتي، في الآونة الأخيرة بأن «احتلال المركز الثاني لم يعد كافياً. والنادي بحاجة للفوز بشيء ما».
من الصعب أن نتخيل أن أتالانتا، بموارده المتواضعة، سوف ينافس على لقب الدوري الإيطالي الممتاز؛ لكن لن يكون من السهل إزاحته من المراكز الأربعة الأولى، وهو قد كشف عن ذلك بالفوز على سبال 3 - 2 في المباراة الأولى بالموسم. ولم يفرط أتالانتا في خدمات أي لاعب، باستثناء جيانلوكا مانشيني الذي انتقل إلى روما، في حين يقدم لويس مورييل خياراً مختلفاً في الخط الأمامي.
وسيكون من الرائع مشاهدة نادي روما تحت قيادة المدير الفني البرتغالي باولو فونسيكا، الذي ساعدته طريقة لعبه التي تعتمد على الضغط المتواصل على حامل الكرة، وحققت نتائج جيدة للغاية مع نادي شاختار دونيتسك الأوكراني. ويمكن أن يكون باو لوبيز هو الإضافة الوحيدة إلى جانب روبن أولسن في مركز حراسة المرمى، كما فاجأ إدين دزيكو كثيرين بقرار البقاء وتوقيع عقد جديد مع روما، الذي افتتح موسمه بالتعادل 3 - 3 مع جنوا.
وتعاقد ميلان أيضاً مع مدير فني جديد، هو ماركو جيامباولو؛ لكن الفريق الذي كان يأمل بتشكيلته المجددة أن يكون أكثر حيوية وشباباً؛ سقط في الاختبار الأول وخسر بهدف نظيف أمام أودينيزي. قد يبدو من الغريب الإشارة إلى أن تعاقد النادي مع لاعبين من إمبولي - بعد أن احتل المركز الثامن عشر وهبط من الدوري الإيطالي الممتاز – يعد سبباً للتفاؤل؛ لكن رادي كرونيتش سجل خمسة أهداف ووضع سبعة أهداف أخرى الموسم الماضي، كما حصل اللاعب الجزائري إسماعيل بن ناصر على جائزة أفضل لاعب في كأس الأمم الأفريقية هذا الصيف.
أما لاتسيو الذي كان أكثر هدوءاً في فترة انتقالات اللاعبين، على الرغم من أن مانويل لاتزاري يعد إضافة قوية للفريق في الجهة اليمنى، فقد بدأ الموسم الجديد بانتصار كبير على سمبدويا بثلاثة أهداف نظيفة.
وسيشهد الموسم الجديد ظهور بعض الأسماء اللامعة مثل النجم الفرنسي فرانك ريبيري إلى جانب كيفن برنس بواتينغ في فريق فيورنتينا، وعودة راجا ناينغولان إلى كالياري، وعودة ماريو بالوتيلي للدوري الإيطالي من بوابة نادي بريشيا مسقط رأسه.
ويأمل بالوتيلي الذي حقق فريقه الفوز الأول على كالياري بهدف نظيفـ أن تساعده هذه الخطوة في استعادة مكانه في قائمة المنتخب الإيطالي قبل انطلاق دوري الأمم الأوروبية 2020؛ لكن يتعين عليه في البداية أن يعمل على حجز مكان له في التشكيلة الأساسية لبريشيا، الذي يضم بالفعل لاعباً رائعاً في مركز المهاجم الصريح، وهو ألفريدو دوناروما، الذي سجل 25 هدفاً الموسم الماضي، وساعد الفريق على الصعود إلى الدوري الإيطالي الممتاز.
وإذا نجح بالوتيلي مع نادي بيريشيا، فقد تصبح هذه واحدة من القصص الرومانسية الرائعة في كرة القدم الأوروبية هذا الموسم.