نازحون عراقيون عائدون... إلى المخيمات مجدداً

25 عائلة في المتوسط تغادر الموصل يومياً بعضها إلى إقليم كردستان

نازحون عراقيون عائدون... إلى المخيمات مجدداً
TT

نازحون عراقيون عائدون... إلى المخيمات مجدداً

نازحون عراقيون عائدون... إلى المخيمات مجدداً

أجبرت الظروف نهاية عيسى التي نزحت مثل آلاف غيرها خلال الحرب ضد تنظيم «داعش» على العودة مجدداً للعيش مع أطفالها في مخيم للنازحين بعدما وجدت منزلها لا يزال ركاماً في الموصل التي تحررت قبل نحو عامين.
ورغم استعادة الموصل التي كانت «عاصمة» لتنظيم «داعش»، منذ نحو عامين ما زال عشرات الآلاف من أهالي المدينة الذين فروا إلى المخيمات غير قادرين على العودة إلى منازلهم. كثير من هؤلاء مثل السيدة نهاية (33 عاماً)، الأرملة العاطلة عن العمل، أكدوا أنهم صدموا عند رؤيتهم الدمار الذي لحق بمناطقهم. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية من داخل خيمة متهالكة في حر الصيف في مخيم الخازر الواقع في إقليم كردستان إلى الشرق من الموصل: «بقيتُ عدة أشهر في مخيم للنازحين». وأضافت هذه الأم لثماني فتيات: «عندما رَجعت إلى بيتي في منطقة خزرج (في غرب الموصل) وجدتهُ مدمراً بالكامل». وتابعت: «اضطررت للعودة إلى مخيم الخازر، لأني لا أقدر على دفع تكاليف إيجار منزل»، مشيرة إلى أن «بقاءها في المخيم يؤمن لها ولأطفالها حصة غذائية شهرية». وتابعت هذه السيدة التي بدت عيناها محاطتين بهالة سوداء: «نعيش حياة قاسية هنا»، لكنها تدرك بأنه ما من خيار غير ذلك.
وما زال أكثر من 1.6 مليون نازح في عموم العراق، بينهم قرابة 300 ألف من أهالي الموصل، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة. ويعيش الغالبية العظمى من هؤلاء في مخيمات قدمتها منظمات إنسانية وتتوزع أغلبها في محافظة نينوى وكبرى مدنها الموصل، حيث تتوفر مدارس ومراكز تدريب وعيادات طبية ومحال تجارية وملاعب كرة قدم وصالونات للحلاقة.
وتفتقر مناطق كثيرة لهذه الخدمات، خصوصاً في نينوى بسبب الدمار الذي تعرضت له خلال الحرب ضد تنظيم «داعش».
يتحدر غزوان حسين (26 عاماً) من قضاء سنجار الواقع غرب الموصل واجتاحه تنظيم «داعش» قبل خمس سنوات. وقد اضطهد الأقلية الإيزيدية التي تعيش هناك واتخذ من نسائها سبايا. هرب هذا الشاب مع عائلته قبل تحرير بلدته من سيطرة المتطرفين عام 2017. ليلجأ إلى مخيم الخازر. إلا أن مرض ابنه أجبره على بيع ما يملك من أشياء بسيطة ليتمكن من إجراء عملية جراحية لابنه الصغير. وأضاف: «عدت إلى سنجار على أمل تحسن الأوضاع، لكني وجدت بيتي مهدماً وغير صالح للسكن والخدمات ضعيفة هناك». وتابع فيما جلس ابنه بين أحضانه، عند خيمتهم: «بعدما عالجت ابني، اضطررت للعودة إلى المخيم».
وتساءل هذا الشاب وهو أب لأربعة أطفال: «هل يعقل أن نبقى في مخيم من دون عمل، كأننا في سجن منذ ثلاث سنوات، نأكل وننام دون أمل بتحسين أوضاعنا والعودة للديار؟».
وتغادر نحو 25 عائلة يومياً منازلها المدمرة في نينوى للعودة مجدداً إلى مخيمات النازحين بحثاً عن خدمات أفضل، وفقاً لمكتب دائرة الهجرة والمهجرين في المحافظة. ويقول رئيس المكتب خالد إسماعيل: «شاهدنا على مدار الـ18 شهراً الماضية هجرة عكسية عودة إلى المخيمات أو إلى إقليم كردستان» المحاذي لنينوى.
ويرى هذا المسؤول أن «أسباب النزوح العكسي مختلفة، وفقاً للمناطق، منها ما يتعلق بالأوضاع الأمنية أو الظروف المادية والمعيشية أو عدم صلاحية دور العوائل المهدمة للسكن».
نحو 72 ألف عائلة عادت إلى محافظة نينوى منذ نهاية المعارك وطرد تنظيم «داعش» نهاية عام 2017. كثيرون عادوا إلى الجانب الشرقي من الموصل الذي بقي على حاله عند نهاية القتل ووجد السكان الذين عادوا المحال التجارية والمطاعم وأعادوا فتحها من جديد. لكن الأمر ليس كذلك في المدينة القديمة في غرب الموصل، حيث ما زالت تلال من الأنقاض تقطع طرق وتعزل منازل مدمرة تقبع تحتها قذائف ومتفجرات وبقايا صواريخ وجثث متفسخة.
وتقول المنظمة الدولة للهجرة، إن ما يقرب من 30 ألفاً من العائدين إلى الموصل يعيشون ظروفاً صعبة بسبب الدمار الذي لحق بالمنازل والمدارس والمباني العامة، وهو العدد الأكبر من أي مكان في العراق.
رغم كل ذلك، تجبر العائلات الفقيرة اليائسة على تحمل كل ذلك والعودة للعيش هناك.
بين هؤلاء صبيحة جاسم، الأرملة المسنة التي عادت للعيش مع ابنها وأحفادها الثلاثة في بيتهم الذي تعرض لدمار شبه كامل، ويقع في منطقة الجامع الكبير وسط المدينة القديمة.
وتقول هذه السيدة (61 عاماً): «لم نتمكن من مواصلة دفع إيجار البيت في أيسر الموصل». وتضيف: «عدنا إلى بيتنا رغم أنه غير صالح للسكن لتعرضه لقصف وانهيار غرفته العليا وتشقق جدرانه التي تتساقط منها مياه الأمطار في الشتاء». وتتابع وهي تتحرك بصعوبة بالغة: «ليس بيدنا حيلة إلا السكن فيه (...) البيت خطر علينا وقد يتهاوى سطحه وجدرانه المهدمة» التي تنتشر عليها آثار الرصاص والذباب. وقالت بحسرة: «ما نعيشه ليس حياة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.