قنوات «الإخوان» تفتح فجأة نيرانها على السرّاج

انتقادات لأداء حكومته ومطالبات بعزله ومحاكمته

قنوات «الإخوان» تفتح فجأة نيرانها على السرّاج
TT

قنوات «الإخوان» تفتح فجأة نيرانها على السرّاج

قنوات «الإخوان» تفتح فجأة نيرانها على السرّاج

بشكل مفاجئ فتحت القنوات الإعلامية، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، نيرانها على فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني»، ووجهت له انتقادات لاذعة غير مسبوقة، ووصفته بأنه «ليّن» في مواجهة المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني».
وبدا للوهلة الأولى من خلال تصريحات المنتمين لتيار الإسلام السياسي، والمحبين له من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، مثل محمود عبد العزيز، عضو المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) عن حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، أنهم غير راضين عن أداء قوات حكومة «الوفاق» في معركة طرابلس العسكرية، وقد عزز هذه الموجة الهجومية ما قاله مبكراً عبد الله الرفادي، رئيس حزب الجبهة الوطنية، بأن «الأيادي المرتعشة لا تستطيع أن تقود حرباً»، وأن «حكومتنا لا تسعى للانتصار». في إشارة إلى السراج و«الوفاق».
وتساءل الرفادي، المناهض لـ«الجيش الوطني» وقائده: «حكومة عاجزة عن شراء منظومات دفاع جوي لتحصين مطاراتها وحماية مواطنيها والحفاظ على أرواح مقاتليها، هل تستحق هذا اللقب؟».
لكن محمد عمر محمد بعيو، المحلل السياسي الليبي، قال عبر حسابه على «فيسبوك» أمس، إن ما يتعرض له السراج من «الإخوان» «ليس إلاّ محاولة لابتزازه من أجل تحقيق أهداف نفعية فقط لهذا التيار».
غير أن النائب سعيد إمغيب، عضو مجلس النواب، أرجع في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، أسباب بداية الخلاف بين تنظيم الإخوان والسراج، إلى تصريح سابق صدر عن وزير الخارجية بحكومة «الوفاق» محمد طاهر سيالة بخصوص «الجيش الوطني»، عندما قال إن «المشير حفتر هو القائد العام للجيش الليبي».
وأضاف إمغيب موضحا: «منذ ذلك الوقت وتنظيم الإخوان فيما يسمى المجلس الاستشاري للدولة يحاول إجبار السراج على تغيير سيالة، لكن العمل الدبلوماسي الكبير، الذي كان يضطلع به الأخير بحكم خبرته وعلاقاته، التي اكتسبها خلال نظام معمر القذافي، منع السراج من إقالته، واستطاع أن يقنع (الإخوان) بعدم التفريط فيه، فوافق التنظيم على تأجيل الموضوع إلى أن يستقر الوضع الأمني في العاصمة طرابلس».
وأخذت حملة الانتقادات المطالبة بتنحية السراج في التصاعد، بعدما نسب له أشرف الشح، المستشار السياسي السابق لرئيس المجلس الأعلى للدولة، أنه قال في الاجتماع الأخير أمام حكومته نهاية الأسبوع الماضي: «يجب أن نفكر في كيفية الوصول إلى السلام وإنهاء الحرب وتقديم تنازلات سلام مؤلمة»، وهو الأمر الذي وصفه عبد العزيز بـ«الأمر الخطير الذي يستوجب المحاكمة».
وطالب عبد العزيز في تصريحات لفضائية «التناصح»، المملوكة لسهيل نجل المفتي المعزول الصادق الغرياني، بـ«عزل السراج ومحاسبته، في حال إذا كان قد صدر عنه ذلك». لكن الأخير نفى نفياً قاطعاً «تقديم أي تنازلات» لإنهاء الحرب، وقال: «لا تنازل إلاّ بعودة المعتدي من حيث أتى». في إشارة إلى حفتر.
ومنذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، تدور معارك دامية في الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس، بين «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة «الوفاق» وميليشيات مساندة لها، ما خلف أكثر من 1100 عسكري ومدني حتى الآن، إضافة إلى إصابة الآلاف، ونزوح 24 ألف أسرة عن منازلهم.
وأمام تمسّك السراج بالنفي، قال الشح في تصريحات نقلها موقع «عين ليبيا» الإلكتروني: «أتحدى السراج أن ينشر تسجيل اجتماع مجلسه، بدلاً من إضاعة الوقت».
ودخل على جبهة الانتقادات، الموجهة للسراج، شخصيات أخرى منذ مطلع الشهر الحالي، ومن بينهم عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، الذي خيّر السراج بين «تعديل مواقفه السياسية، أو يطلب من أعضاء الحكومة اختيار من يخلفه... الحرب تحتاج لقرارات حاسمة، وليس التلكؤ».
وذهب محمد عمر بعيو، المحلل السياسي، إلى أن «الإخوان» وملحقاتهم يعرفون أن إسقاط فائز السراج، أو إرغامه على الاستقالة والمغادرة، يعني خسارتهم للورقة الوحيدة والأخيرة، التي تغطيهم قليلاً أمام المجتمع الدولي، وسيخسرون آخر ما تبقى لهم من أوراق المناورة. معتبرا أن هذه الجماعة «تحاول من خلال تسليط إعلامهم ومأجوريهم الضغط على السراج وابتزازه، وزيادة عدد وزرائهم وممثليهم في المؤسسات السيادية والاقتصادية، التي سيطروا منذ 2011 على كثير منها، وآخرها مصرف الادخار والاستثمار العقاري، وتعظيم منافعهم المالية من الحرب، التي أوشكت أن تنتهي بقرار دولي».
وشدد بعيو على أنه «لا أمان لـ(الإخوان)، ولا معنى لاستمرار هذه الحرب التي يستفيدون منها وحدهم، وتخسر فيها ليبيا كلها»، وتابع موجهاً حديثه إلى ما سماهم «الوطنيين»: «السراج ومع كل ملاحظاتنا على أدائه وانتقاداتنا له، يبقى الوحيد في هذه التركيبة المستعد دائماً للتفاوض وللسلام، والميال إلى الحلول السلمية».
وانتهى بعيو إلى أن «التيار الوطني غير المؤدلج أخطأ عندما تركه في العراء فريسة لـ(الإخوان)، الذين عاثوا في البلاد، عندما تخاذل وتخاصم الأضداد».
في مقابل ذلك، طرح إمغيب، النائب عن مدينة الكفرة، (جنوب شرقي) وجهة نظر مغايرة، إذ اعتبر أن السراج «وصلته رسائل دولية بالتخلي عنه، ولذلك يحاول الخروج من المشهد السياسي بشيء من حفظ ماء الوجه، بـ(التنازل المؤلم) بما يضمن الخروج من المشهد السياسي بشكل مشرف».
واستكمل إمغيب في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بالتأكيد أن هذا الأمر لم ولن يعجب الإخوان المسلمين، الذين لا يريدون التفريط في السراج كواجهة سياسية، اعترف بها العالم يوماً، ولكنهم يريدون تغيير الوزارات كي تصبح جميعها تحت ولايتهم، وأولها وزارة الخارجية ثم بقية الوزارات، وهذا ما رفضه السراج، ما دفع إعلام التنظيم لشن هذا الهجوم عليه الآن، مع أنهم كانوا شركاء في المعركة، التي تبين للسراج أنها خاسرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».