«الجيش الوطني» الليبي يبدأ عملية لاستعادة مدينة مرزق

السفير الأميركي يشدد على مشاركة بلاده بفاعلية في جهود إيجاد حل للأزمة

شرطي يعاين دماراً لحق بسيارة عند مدخل مطار معيتيقة في طرابلس بعد تعرضه لهجوم جوي أول من أمس (أ.ف.ب)
شرطي يعاين دماراً لحق بسيارة عند مدخل مطار معيتيقة في طرابلس بعد تعرضه لهجوم جوي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«الجيش الوطني» الليبي يبدأ عملية لاستعادة مدينة مرزق

شرطي يعاين دماراً لحق بسيارة عند مدخل مطار معيتيقة في طرابلس بعد تعرضه لهجوم جوي أول من أمس (أ.ف.ب)
شرطي يعاين دماراً لحق بسيارة عند مدخل مطار معيتيقة في طرابلس بعد تعرضه لهجوم جوي أول من أمس (أ.ف.ب)

بدأ «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، عملية عسكرية موسعة لاستعادة السيطرة على مدينة مرزق في جنوب البلاد، بينما استؤنفت حركة الملاحة في مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، أمس، بعد تعرضه لقذيفة أدت إلى أضرار مادية دون تسجيل سقوط أي ضحايا. جاءت هذه التطورات، فيما قال مسؤول عسكري بارز في الجيش لـ«الشرق الأوسط»، إن «قواته نجحت في إخراج طائرات (درون) تركية، تعمل لصالح الميلشيات المسلحة الموالية لحكومة (الوفاق) التي يرأسها فائز السراج، من المعارك الجارية في طرابلس»، مشيراً إلى أن المعارك التي دارت أول من أمس في منطقة السبيعة جنوب طرابلس، أسفرت عن مصرع العشرات من الميلشيات، بينهم 7 ليبيين، والبقية من مرتزقة المعارضة التشادية، واعتبر أن الميليشيات «لم تعد تملك إلا الكذب بعد فشلها... الكذب هو سلاحهم الأخير».
بدورها، بثت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني، لقطات مصورة لقوات الجيش وهي تتجول داخل منطقة السبيعة، بعد تطهيرها مما وصفته بـ«الحشد الميليشياوي الإرهابي». فيما أكد مقاتلون في صفوف الجيش أن المنطقة بالكامل باتت تحت السيطرة، نافين أي وجود للميلشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج بالمنطقة، التي بدت خالية تماماً من أي مظاهر مدنية أو عسكرية باستثناء قوات الجيش. في غضون ذلك، أعلن سلاح الجو التابع للجيش الوطني، أنه يسيطر على كامل أجواء البلاد، التي قال: «إنها مراقبة تحسباً لأي اختراق قد يحدث من ميلشيات حكومة السراج».
بدوره، قال الجيش، في بيان أصدره في ساعة مبكرة صباح أمس، إنه وجه «ضربات مباشرة نحو مرتزقة الميلشيات» في العزيزية، مشيراً إلى أن المدفعية دكت تمركزات الميليشيات المرصودة في شارع الخلاطات، وأن سلاحه الجوي دك أيضاً تمركزات ميليشيات المرتزقة، و«شورى بنغازي والزاوية» في محيط غريان وغوط الريح، موضحاً أن الضربات الجوية مساء أول من أمس استهدفت أيضاً معسكر الكيمياء بتاجوراء.
وسخر اللواء المبروك الغزوي، قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية بالجيش الوطني، من ادعاء ميلشيات السراج استسلام 17 من قوات الجيش، واعتبرها «مجرد مزاعم وأمنيات». وقال في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أول من أمس، «الاستسلام لا يعرف طريقاً لقواميسنا... فلو كان لديهم أسير واحد من قواتنا لأظهروه فوراً عبر شاشاتهم القطرية والتركية البائسة، الناطقة باللهجة الليبية، هؤلاء يتنفسون كذباً... إنهم يبثون مثل هذه الأخبار في محاولة لإيهام أسيادهم في قطر وتركيا بأنهم يفعلون شيئاً على الأرض».
في المقابل، أعلنت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها القوات الموالية لحكومة السراج، أول من أمس، عن اتجاه تعزيزات من قوات المنطقة العسكرية الوسطى إلى مواقع مكلفة بها، لم تفصح عنها، وفقاً لتعليمات قيادة العملية. وقالت إن 3 مدنيين قتلوا جراء قصف سيارتهم بمنطقة السواني، ونشرت صوراً تُظهر جانباً من الأضرار التي لحقت بمنازل وأملاك المواطنين بمنطقة زناتة في طرابلس، أمس، بعد قصف عشوائي. لكن اللواء محمد المنفور، قائد سلاح الجو بالجيش الوطني، نفى مسؤولية الجيش عن ذلك، وقال إنه لم يتم أمس تنفيذ أي غارة جوية على أي سيارة في منطقة السواني، لافتاً إلى أن الأضرار التي تظهرها الصور لا يمكن أن تسببها قنابل وصواريخ الطيران.
إلى ذلك، أعلن مطار معيتيقة الدولي، المنفذ الجوي الوحيد في غرب ليبيا، عصر أمس، استئناف حركة الملاحة الجوية التي توقفت في الصباح لنحو أربع ساعات، نتيجة تعرض المطار لقذيفة، لم يعرف مصدرها، من دون أن يؤدي سقوطها إلى خسائر بشرية.
كانت إدارة المطار قد أوضحت، في بيان مقتضب، أن سقوط القذيفة تزامن مع وصول رحلتين، فيما قال شاهد عيان لـ«رويترز» إنها أصابت موقع انتظار السيارات بالمطار.
من جهة ثانية، ظهر السفير الأميركي الجديد لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، مساء أول من أمس، للمرة الأولى، مخاطباً الليبيين في فيديو بثته السفارة الأميركية، وهو يتحدث باللهجة الليبية، معلناً أنه سيمارس عمله مؤقتاً من تونس، لأن الظروف الراهنة في ليبيا لا تسمح بممارسة مهام منصبه فيها.
وشدد على مشاركة بلاده بفاعلية في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية من خلال التفاوض والحل التوافقي، وقال إنه يسعى لتوسيع اتصالاته مع الليبيين، خصوصاً الشباب الفاعل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.