عودة النازحين السوريين ضمن مباحثات وزير الخارجية التركي في بيروت

الوزيران جبران باسيل وجاويش أوغلو خلال اجتماعهما أمس (دالاتي ونهرا)
الوزيران جبران باسيل وجاويش أوغلو خلال اجتماعهما أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عودة النازحين السوريين ضمن مباحثات وزير الخارجية التركي في بيروت

الوزيران جبران باسيل وجاويش أوغلو خلال اجتماعهما أمس (دالاتي ونهرا)
الوزيران جبران باسيل وجاويش أوغلو خلال اجتماعهما أمس (دالاتي ونهرا)

جال وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، على المسؤولين اللبنانيين، وكانت الأزمة السورية محوراً رئيسياً في المباحثات، وجرى تأكيد على أهمية الحل السياسي بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها وعودة النازحين إلى ديارهم، وأعلن جاويش أوغلو كذلك أن جنود بلاده لن يغادروا نقطة المراقبة المطوقة جنوب إدلب، بعد وقت قصير من سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة.
والتقى أوغلو، رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ونظيره اللبناني جبران باسيل، الذي عقد معه مؤتمراً صحافياً مشتركاً.
وأبلغ الرئيس عون، الوزير أوغلو، أن استمرار تجاهل المجتمع الدولي لضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، يطرح علامات استفهام كثيرة حول الأسباب، معتبراً أن الهاجس المشترك للبنان وتركيا يبقى عودة هؤلاء النازحين إلى ديارهم.
وأكد عون أن لبنان الذي يتمسك بالعودة الكريمة لهؤلاء النازحين، يعتبر أن تقديم مساعدات دولية للنازحين في أرضهم، يشكل حافزاً مهماً لهذه العودة، لافتاً إلى أن الذين عادوا من لبنان إلى سوريا حتى الآن بإشراف الأمن العام اللبناني، لم يتعرضوا لأي مضايقات، وأن عمليات العودة سوف تستمر تباعاً. وشدد كذلك على علاقات التعاون القائمة بين لبنان وتركيا في المجالات كافة. كان الوزير أوغلو استهل اللقاء بتأكيد الاهتمام الذي يوليه الرئيس رجب طيب إردوغان للعلاقات اللبنانية - التركية، وتقديره لدور رئيس الجمهورية في مقاربة الأحداث والتطورات في المنطقة. كما عرض كذلك للمصالح المشتركة بين البلدين، وللتعاون القائم في المجالين الاقتصادي والتجاري، مؤكداً أهمية دور لبنان في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، وتناول البحث كذلك الأوضاع في سوريا وفلسطين وشرق المتوسط، ورؤية تركيا لمسألة النازحين السوريين، لافتاً إلى أنها تتطابق مع الموقف اللبناني الداعم لهذه العودة.
وأبلغ أوغلو، الرئيس عون، أن تركيا ستصوت إلى جانب لبنان لإنشاء «أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار» عندما سيطرح هذا البند في الأمم المتحدة في 13 سبتمبر (أيلول) المقبل، لافتاً إلى أن أنقرة تقدر دور لبنان في محيطه والعالم.
كذلك، كانت الأوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين محور اللقاء الذي جمع أوغلو برئيس الحكومة سعد الحريري. وعرض مع رئيس البرلمان نبيه بري للأوضاع العامة في المنطقة «بدءاً من فلسطين وضرورة التمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأهمية الحل السياسي في سوريا، بما يضمن وحدتها وسيادتها وعودة النازحين إلى ديارهم».
وبعد لقاء مع نظيره اللبناني جبران باسيل، عقد أوغلو مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع باسيل أكد فيه أن استقرار ونمو لبنان مهمان جداً بالنسبة إلى تركيا والمنطقة، مشيراً إلى استمرار تركيا بدعم لبنان. وقال: «بحثت مع باسيل في كيفية تنمية ودعم الاقتصاد اللبناني، خصوصاً أننا ندعم استثمار الشركات التركية في لبنان».
وعن الأزمة السورية، أعلن أوغلو: «نريد حلاً سلمياً للأزمة السورية، ونؤكد أن حقوق الفلسطينيين لا تباع ولا تشترى، ونرفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية والفلسطينية والسورية، ونتفهم معاناة الدولة اللبنانية في ملف النازحين السوريين، وسنتعاون مع لبنان لحل هذه الأزمة، وعودة النازحين».
واعتبر أنه يجب إعطاء الثقة إلى اللاجئ السوري حول مصيره لدى عودته إلى سوريا، وعلى المجتمع الدولي دعم اللاجئين العائدين إلى الأراضي المحررة في سوريا.
من جهته، جدّد باسيل التأكيد على أنه آن الأوان لعودة المواطن السوري إلى وطنه بطريقة آمنة وكريمة، وقال: «ندعم الحل السياسي في سوريا وحق الشعب السوري بتقرير مصيره»، مضيفاً: «نعيش مع تركيا تحديات مشتركة، أبرزها الأزمة السورية ومسألة النزوح».
في سياق آخر، قال باسيل إن «لدى لبنان موقعاً فريداً في المنطقة ولديه المؤهلات البشرية والموارد النفطية التي تحتاجها المنطقة وصولاً إلى أوروبا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.