المعارضة التونسية تعد تفويض الشاهد صلاحياته «مناورة سياسية»

توقيف المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية نبيل القروي بتهمة غسل الأموال

الشاهد فوض صلاحياته الى أحد وزرائه وأثار الجدل (أ.ف.ب)
الشاهد فوض صلاحياته الى أحد وزرائه وأثار الجدل (أ.ف.ب)
TT

المعارضة التونسية تعد تفويض الشاهد صلاحياته «مناورة سياسية»

الشاهد فوض صلاحياته الى أحد وزرائه وأثار الجدل (أ.ف.ب)
الشاهد فوض صلاحياته الى أحد وزرائه وأثار الجدل (أ.ف.ب)

انتقد عدد من منافسي رئيس الوزراء التونسي، يوسف الشاهد، في الانتخابات الرئاسية، الخطوة التي اتخذها بتفويض صلاحياته على رأس الحكومة التونسية، لكمال مرجان وزير الوظيفة العمومية، (التشغيل) إلى غاية يوم 13 سبتمبر (أيلول) المقبل تاريخ انتهاء الحملة الانتخابية الرئاسية، مجرد «مناورة سياسية».
وأكد هؤلاء أن اختيار مرجان الذي يشغل منصب رئيس المجلس الوطني لحزب حركة «تحيا تونس»، لم يكن موفقا و«أفرغ التفويض من محتواه ومن الغاية الفعلية من ورائه». وأشاروا إلى أن الغرض من هذه الخطوة (حسب الدستور)، هو تحييد أجهزة الدولة عن الحملة الانتخابية للمترشحين لرئاسة تونس... ولكن اختيار قيادي في حزب الشاهد لتولي مهام رئيس الحكومة، هو إجراء غير دستور باعتباره ليس محايدا «وسيترك باب الجدل مفتوحا من جديد».
وكان الشاهد قد أعلن عن تفويض صلاحياته تنفيذا لأحكام الفصل 92 من الدستور التونسي الذي ينص على أنه «إذا تعذر على رئيس الحكومة ممارسة مهامه بصفة وقتية، يفوض سلطاته إلى أحد الوزراء». ويسمح الدستور التونسي لرئيس الحكومة بالترشح للانتخابات الرئاسية وهو في منصبه، وهذا ما جعل الشاهد يؤكد على أنه اتخذ قرار تفويض صلاحياته لأحد أعضاء حكومته «عن قناعة»، لأنه يريد أن يحصل على ثقة الناخبين التونسيين ودعمهم له، على حد قوله.
واستغل الشاهد هذه المناسبة ليعرض عبر التلفزيون الحكومي أبرز إنجازات حكومته خلال السنوات الثلاث الماضية، وذكر من بينها استقرار الوضع الأمني بعد ثلاث هجمات إرهابية دامية سنة 2015، وارتفاع عدد السياح الوافدين على تونس، والتحسن التدريجي للاقتصاد وتعافي الدينار التونسي (العملة المحلية) وتحسن احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي وانخفاض مديونية الدولة للمرة الأولى منذ سنة 2011.
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن حكومته تجاوزت شبح الانهيار الاقتصادي والإفلاس الذي كان مخيما على البلاد صيف 2016 ووضعتها على سكة الإصلاح، مشيرا إلى أنها حاربت أيضا الفساد والمفسدين، على حد تعبيره.
وفي المقابل، قوبل تمسك رئيس الحكومة يوسف الشاهد بمنصبه الحكومي لفترة طويلة إثر إعلان ترشحه، بانتقادات كثيرة صدرت عن عدد من القيادات السياسية المنافسة له التي اتهمته باستغلال أجهزة الدولة للترويج لمشروعات اجتماعية وحكومية غايتها انتخابية.
ورد الشاهد على الانتقادات التي أشارت إلى ضرورة تقديم استقالته من رئاسة الحكومة وتشكيل حكومة تصريف أعمال تتولى إدارة الشأن العام إلى غاية الإعلان عن نتائج الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني، بقوله إن استقالته الشخصية تعتبر حسب الدستور التونسي استقالة لكل أعضاء الحكومة بما يعنيه ذلك من صعوبات في تشكيل حكومة جديدة في ظرف زمني وجيز.
وكان الشاهد قد أعلن قبل أيام عن تخليه عن جنسيته الفرنسية وأردف هذا القرار بتفويض صلاحياته على رأس الحكومة وهو ما اعتبر من قبل معارضيه «حملة انتخابية سابقة لأوانها». ولم يسلم هذان القراران من الانتقادات الحادة، إذ قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة إنه كان على الشاهد التريث للفوز في الانتخابات الرئاسية قبل اتخاذه القرار بتخليه عن جنسيته الأجنبية.
أما القرار الثاني المتعلق بتفويض صلاحياته، فقد اعتبر كذلك غير كاف، وفي هذا الشأن، قال محمد الحامدي نائب الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي أن تفويض الصلاحيات بهذه الطريقة يعد «مناورة سياسية لا غير» وهو عبارة عن الإيهام بالاستجابة لضغوط الساحة السياسية فيما هو في حقيقة الأمر «عطلة للتفرغ للحملة الانتخابية الرئاسية».
ويخوض يوسف الشاهد، 44 سنة، السباق الانتخابي الرئاسي لأول مرة، وينافس 29 مترشحا آخرين أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن قبول ملفاتهم. ويواجه على وجه الخصوص عبد الكريم الزبيدي المدعوم من قبل حزبي النداء وآفاق تونس وهو يعتمد على نفس القاعدة الانتخابية للشاهد، ومن المتوقع أن تكون المنافسة قوية مع عبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة الذي يعتبر وفق المراقبين أهم منافس للزبيدي والشاهد.
على صعيد آخر، أكدت منظمة «أنا يقظ» (جمعية حقوقية تونسية مستقلة) مراقبة الحملة الانتخابية لـ11 مترشحا للانتخابات الرئاسية خلال الفترة المتراوحة من 29 أغسطس (آب) إلى 13 سبتمبر (أيلول) المقبل، وخصصت لهذا الغرض 114 ملاحظا ميدانيا لمراقبة الحملات الانتخابية في 27 دائرة انتخابية. وتضم قائمة المترشحين يوسف الشاهد وعبد الكريم الزبيدي وعبد الفتاح مورو وعبير موسي ومحمد عبو وحمة الهمامي ونبيل القروي، علاوة على محسن مرزوق ومهدي جمعة وسليم الرياحي ومنصف المرزوقي.
وأكد أشرف العوادي رئيس منظمة «أنا يقظ» في مؤتمر صحافي عقد أمس بالعاصمة التونسية، أن التركيز على هؤلاء المترشحين دون غيرهم، يعود إلى حظوظهم الوافرة وفق نتائج سبر الآراء السابقة، والشبهات والسوابق الحاصلة في استغلالهم للموارد العمومية، وإمكاناتهم المادية في إنجاز حملاتهم الانتخابية، على حد تعبيره.
وفي السياق، قام شرطيون بتوقيف المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية نبيل القروي مؤسس قناة «نسمة» التلفزيونية، المعروفة بانتقادها للحكومة، على الطريق إلى باجة (شمال غرب)، على ما أفاد المسؤول في حزبه «قلب تونس» أسامة خليفي.
وقال خليفي لوكالة الصحافة الفرنسية: «قطعت 15 سيارة تابعة للشرطة الطريق وهرعت نحو سيارة نبيل قروي قبل أن يطلب منه شرطيون مسلحون باللباس المدني أن يرافقهم موضحين أن لديهم تعليمات بتوقيفه». وأفادت إذاعة «موزاييك» الخاصة نقلا عن مصدر قضائي بأن مذكرة توقيف صدرت بحق القروي. وأشارت الإذاعة إلى أن قاضيا قرر سجن نبيل القروي وأحد أبرز المرشحين بانتخابات الرئاسة التي ستجرى الشهر المقبل بتهمة غسل الأموال والتهرب الضريبي. وقال تلفزيون نسمة إنه تم القبض على القروي عندما كان في طريقه للعودة إلى العاصمة تونس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.