أفغانستان: معارك وعشرات القتلى في عدة ولايات

بدء الجولة الحاسمة من مفاوضات «طالبان» والأميركيين

أنصار الرئيس الأفغاني أشرف غني المرشح لولاية ثانية يشاركون في مسيرة ضمن حملته الانتخابية الرئاسية في هيرات أمس (إ.ب.أ)
أنصار الرئيس الأفغاني أشرف غني المرشح لولاية ثانية يشاركون في مسيرة ضمن حملته الانتخابية الرئاسية في هيرات أمس (إ.ب.أ)
TT

أفغانستان: معارك وعشرات القتلى في عدة ولايات

أنصار الرئيس الأفغاني أشرف غني المرشح لولاية ثانية يشاركون في مسيرة ضمن حملته الانتخابية الرئاسية في هيرات أمس (إ.ب.أ)
أنصار الرئيس الأفغاني أشرف غني المرشح لولاية ثانية يشاركون في مسيرة ضمن حملته الانتخابية الرئاسية في هيرات أمس (إ.ب.أ)

بدأ مفاوضون من المكتب السياسي لحركة «طالبان» جولة جديدة، قد تكون الأخيرة، مع المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد والوفد المرافق له، بينما زادت التوقعات بشأن التوصل نهاية الجولة إلى اتفاق بين الطرفين. ويشارك في المفاوضات من الجانب الأميركي قائد قوات حلف الأطلسي في أفغانستان، الجنرال الأميركي سكوت ميلر، إضافة إلى عدد من كبار موظفي الخارجية الأميركية وضباط عسكريين واستخباريين.
وأكد الناطق باسم حركة «طالبان» ذبيح الله مجاهد، مشاركة الجنرال سكوت ميلر في جولة المفاوضات، بينما قال المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد في تغريدة له: «إننا مستعدون لاتفاق. دعونا نرى ما إذا كانت (طالبان) كذلك».
وبدأت جولة المفاوضات الحالية بعد الإعلان عن مقتل اثنين من القوات الخاصة الأميركية، في مواجهات مع قوات «طالبان» في ولاية فارياب شمال غربي أفغانستان، بينما خسرت القوات الأفغانية أكثر من خمسة وعشرين قتيلاً بينهم قائد القوات الخاصة الأفغانية في الولاية.
وأعلنت الخارجية الأميركية أن زلماي خليل زاد سيسافر بعد اللقاءات مع ممثلي «طالبان» في الدوحة إلى العاصمة الأفغانية كابل، لإقناع الحكومة الأفغانية بما توصل له من تفاهمات واتفاق مع ممثلي «طالبان» في الدوحة. كما سيشجع الحكومة الأفغانية على المشاركة في المحادثات التي ستجريها القوى السياسية الأفغانية مع ممثلي «طالبان» بعد اتفاقهم مع المبعوث الأميركي.
وقال أحد أعضاء وفد «طالبان» للمفاوضات مع الوفد الأميركي، إن زلماي خليل زاد التقى بمفرده مع المسؤول السياسي في حركة «طالبان» ملا عبد الغني برادر في الدوحة.
ويطالب المبعوث الأميركي بوقف لإطلاق النار تعلنه «طالبان»؛ لكن مفاوضي الحركة قالوا إنهم قد يعلنون وقفاً لإطلاق النار مع قوات حلف الأطلسي فقط، بعد التوصل إلى اتفاق يقضي بانسحاب هذه القوات من أفغانستان في مدة مقبولة، مع رفض وقف إطلاق النار بين «طالبان» والقوات الحكومية قبل التوصل إلى اتفاق مع القوى الأفغانية المختلفة التي ستحاور «طالبان»، بعد اتفاقها مع الجانب الأميركي.
وكانت القوات الأميركية قد قالت إنها أوقفت عملياتها العسكرية في أفغانستان منذ نهاية عام 2014، إلا أن مقتل اثنين من قواتها الخاصة في فارياب قبل يومين، ومشاركة طيرانها الحربي في قصف يومي على مواقع «طالبان» في مختلف الولايات الأفغانية، كشف عن مواصلة انغماس القوات الأميركية في عمليات مباشرة ضد «طالبان». ميدانياً، أعلن «فيلق سيلاب» التابع للجيش الأفغاني في ولايات شرق أفغانستان، تدمير مخبأ لمسلحي تنظيم «داعش» في مدينة جلال آباد، مركز ولاية ننجرهار، وقال البيان إن الاستخبارات الأفغانية داهمت مخبأ كان يستخدمه مسؤول التجنيد في تنظيم «داعش» في ولاية ننجرهار، ليل الخميس، في إحدى ضواحي جلال آباد، وتمكنت من قتله، واتهمت القوات الأفغانية هذا المسؤول بالضلوع في كثير من عمليات التفجير التي قام بها تنظيم «داعش».
كما أسرت الاستخبارات الأفغانية حسب بيانها ثلاثة من عناصر «داعش» في الغارة على المخبأ في جلال آباد. وأعلنت القوات الخاصة الأفغانية عن غارة شنتها ليلة أول من أمس، في ولاية غزني جنوب شرقي أفغانستان، ما قاد إلى اشتباكات دامية في الولاية مع قوات «طالبان» استمرت عدة ساعات. وقال مكتب حاكم غزني إن القوات الخاصة هاجمت مواقع لـ«طالبان» في مناطق نوغا وقره باغ وداغا، الواقعة على أطراف مدينة غزني. وحسب بيان القوات الخاصة الأفغانية فإن 21 من مقاتلي «طالبان» لقوا مصرعهم في الغارة، بينهم قاري عصمت، أحد قادة «طالبان»، ومسؤول اللجنة الاقتصادية لـ«طالبان» في ولاية غزني. من جانبها، قالت قوات «طالبان» إنها قنصت أحد أفراد القوات الحكومية في منطقة نهر سراج في ولاية هلمند، كما قتلت رجل شرطة في منطقة ناد علي في الولاية نفسها، بينما قتل أحد رجال الميليشيا الحكومية في منطقة ناوا في هلمند، كما قتل شرطي في منطقة خاسار آباد في هلمند. وحسب بيان آخر لقوات «طالبان» فإن قواتها تمكنت من تفجير عربة مصفحة للقوات الحكومية في منطقة يخشال في جريشك، مركز ولاية هلمند، ما أدى إلى مقتل وإصابة من كانوا على متن المصفحة.
وشهدت ولاية قندهار الجنوبية تفجير عربة مصفحة في منطقة أرغنداب، بينما قالت «طالبان» إن قواتها هاجمت مراكز أمنية في منطقة ولاية زابل جنوب شرقي أفغانستان، ما أدى إلى مقتل خمسة من أفراد القوات الحكومية. وأشار بيان آخر لـ«طالبان» إلى مقتل قائد القوات الخاصة الأفغانية في ولاية فارياب، المدعو عبد الغفور، متأثراً بجراحه، بعد إصابته في الاشتباكات التي وقعت مع قوات «طالبان»، وقتل فيها اثنان من القوات الخاصة الأميركية، وأكثر من خمسة وعشرين من أفراد القوات الخاصة الأفغانية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.