استياء شعبي ضد ضابط إيراني اعتدى على سيدة عراقية

القنصل الإيراني في النجف زار الضحية وقدم اعتذاراً

TT

استياء شعبي ضد ضابط إيراني اعتدى على سيدة عراقية

يتصدر هذه الأيام لائحة الأخبار والتعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، خبر اعتداء ضابط إيراني في مطار مشهد على سيدة عراقية. وعبَّرت أعداد كبيرة من المدونين والنشطاء العراقيين عن استيائهم الشديد من السلوك العدواني للضابط الإيراني ضد السيدة المسنة.
وبينما رأى البعض أن «الحساسية القومية» التي يتصرف بها الإيرانيون ضد العرب عموماً والعراقيين بوجه خاص كانت وراء فعل الضابط، نظر آخرون للحادث من زاوية الفعل الشخصي الذي يمكن أن يرتكبه الأفراد في كل مكان، وليست له علاقة بما يشاع عن عدم «محبة» الإيرانيين للمواطنين العرب والعراقيين.
وسبق أن تعرض عراقيون إلى اعتداءات مماثلة من مواطنين إيرانيين؛ لكنهم لا يحملون صفات رسمية كما هي الحال مع الحادث الجديد الذي قام به ضابط إيراني؛ حيث قامت عصابة مجهولة في مدينة مشهد الإيرانية، بقتل شيخ عشيرة آل عيسى، نعمة العيساوي، وحرق جثته وسرقة أمواله ورميه في أحد الوديان، خلال زيارته إلى المدينة في يوليو (تموز) 2017. كما تعرض أستاذ جامعي عراقي وعائلته إلى الضرب من قبل إيرانيين في مدينة مشهد العام الماضي.
وتواصلت منذ يومين المطالبات لرئيس الوزراء ووزير الخارجية بضرورة التدخل، وإرسال رسالة احتجاج إلى الحكومة الإيرانية، وطلب الاعتذار، ومعاقبة الضابط الذي اعتدى على ضيف بلد مجاور، إلى جانب المطالبة بضرورة اتخاذ موقف حازم وجاد، واحترام الرعايا العراقيين في إيران، ومعاملتهم بالمثل كما تفعل حكومتهم.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي «فيديو» ظهرت فيه السيدة العراقية المتحدرة من أصول نجفية، وهي تتحدث عن تعرضها للضرب الذي بدت آثاره واضحة في عينها اليمنى. ونقلت وسائل إعلام محلية عن أحد أفراد عائلة المرأة النجفية قوله إنها: «تعرضت للضرب بجهاز اللاسلكي من قبل عنصر أمني بمطار مشهد، بسبب محاولتها إسعاف مسافرة خليجية أغمي عليها». وأضاف أن «المسافرين العراقيين كان لهم موقف مشرف؛ حيث اضطرت سلطات أمن المطار لنقل المعتدي إلى داخل غرفة بعيدة عن المسافرين، بعد أن حاول الشباب ضربه».
وجاءت أبرز التعليقات على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من قبل الكاتب رشيد الخيون، الذي كتب قائلاً: «نظام ولاية الفقيه وأربعون عاماً من ادعاء النيابة الإلهية المقدسة. يبقى وجه المرأة العراقية المدمى شاهداً على أكذوبة الادعاء».
الضجة التي أحدثها النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، دفعت وزارة الخارجية العراقية إلى إصدار بيانين حول الحادث؛ حيث أكد المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف، أول من أمس، أن وزارته «تتابع باهتمام بالغ قضية المواطنة العراقية التي تعرضت للضرب المبرح في مطار مشهد الإيراني، على يد ضابط يعمل في المطار». وأضاف أن «العراق يتعامل مع الوافدين إلى أراضيه بكل إنسانية واحترام، وندعو جميع دول العالم إلى أن تتعامل بالمثل مع العراقيين الموجودين على أراضيها».
وعادت الخارجية العراقية، أمس، وأصدرت بياناً آخر، أكدت فيه أنها «فور تلقيها نبأ تعرّض السيّدة العراقـيّة للاعتداء في مطار مشهد، تابعت القضية من كثب؛ للوقوف على الحادثة». وأضافت أن وزيرها محمد علي الحكيم «وجه القنصل العام في مشهد لاستجلاء تفاصيل الحادث، وإعداد مُذكّرة إلى وزارة الخارجيّة الإيرانيّة، لاتخاذ الإجراءات القانونيّة اللازمة بحق المُعتدي، كما قامت وزارة الخارجيّة العراقـيّة بالتنسيق مع سفارة جمهورية إيران في بغداد في هذا الشأن». وتابعت بأن «القنصل الإيراني في النجف زار السيّدة المُعتدَى عليها في بيتها، وقدّم اعتذار الحكومة الإيرانية إليها، وتكفل بعلاجها». وذكر بيان الخارجية أنها «تتابع بشكل متواصل أوضاع جميع العراقـيين بصفة دائمة، ولن تدخر جهداً في تقديم كلّ أشكال المساعدة الممكنة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».