أميركا «غير راضية» عن القصف الإسرائيلي في العراق

TT

أميركا «غير راضية» عن القصف الإسرائيلي في العراق

في أعقاب اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل قصفت قواعد إيرانية في العراق، سربت مصادر سياسية معلومات تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تحفظت على القصف والتباهي به وأبلغت مصادر سياسية وإعلامية في تل أبيب بأن «الولايات المتحدة ليست راضية عن هذا القصف وتعتبره مناهضا لمصالحها وللجهات المقربة منها في بغداد».
وقالت هذه المصادر إن واشنطن مزعوجة من التفجيرات المنسوبة لإسرائيل في معسكرات الجيش العراقي، بدعوى قيام ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران، بخزن أسلحة في هذه المعسكرات». وحذرت هذه المصادر من أنه «إذا كان هناك من يفكر بأن يتحول العراق إلى سوريا أخرى، تنتهك إسرائيل حرماتها متى تشاء، فإن العراق ليس سوريا، وتحويل العراق إلى حلبة قتال ضد إيران ينطوي على خطورة بالغة بالنسبة لإسرائيل».
ونقل المحرر العسكري لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، عاموس هرئيل، أمس عن مصادر سياسية في تل أبيب وواشنطن قولهم إن «الأميركيين ليسوا راضين من الهجمات المتكررة والتي تقوض علاقاتهم مع حليف هام، هو رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، في فترة حساسة أصلا». وقال بأن جهات أميركية أقدمت على تسريب خبر لصحيفة «نيويورك تايمز»، قبل أيام، مفاده أن إسرائيل تقف وراء التفجيرات في معسكرات الجيش العراقي. وكتب هرئيل أن «مسؤولين في الإدارة قالوا لـنيويورك تايمز إن إسرائيل مسؤولة عن هذه الهجمات، وحذروا من أن التوتر بين واشنطن وبغداد قد يؤدي إلى مطالبة عراقية بإخراج القوات الأميركية من الدولة».
ورأى هرئيل أن «التغيرات في الصورة الاستراتيجية مقابل إيران قد تنعكس أيضا، على سلم أولويات الميزانية وخطط بناء قوة الجيش الإسرائيلي. ففي أساس الخطة المتعددة السنوات (غدعون)، التي بلورها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، جادي آيزنكوت، فرضية أن الاتفاق النووي مع إيران أحدث نافذة فرص لعدة سنوات تسمح للجيش الإسرائيلي التركيز على تحسين قدراته في مجالات أخرى، وبينها مواجهة (حزب الله) و(حماس)». ولكن نتنياهو ووزير دفاعه، إيهود باراك، في حينه، أرادا شن هجوم على إيران لإحباط برنامجها النووي. وكانت هذه فكرة مكلفة وكان لها تأثير على ميزانية الأمن، إذ رصدا لها 11 مليار دولار، حسبما كشف رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، إيهود أولمرت. وكتب هرئيل أنه «إذا كانت إمكانية تصعيد جديد مطروحة الآن، رغم عدم رغبة ترمب بذلك، فإن هذا سيناريو يستوجب استعدادا عسكريا خاصا». ولذلك فإن الجيش الإسرائيلي يكتفي حاليا بضرب أهداف عينية للمساس بالخطط الإيرانية مثل تدمير الطريق البري وتدمير القدرة الإيرانية على تنفيذ هجمات من الأراضي العراقية ضد دول المنطقة». وأكد أن «توثيق نتائج الهجوم تُظهر أن الحاويات المخصصة لتخزين الأسلحة قد دُمرت بالكامل».
وفي هذا السياق، كتب المحلل العسكري في «واي نت»، موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، رون بن يشاي، أن إيران، التي تمتلك صواريخ يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، تستصعب إطلاق هذه الصواريخ من الأراضي الإيرانية، لأنها تحتاج إلى منصات إطلاق ثابتة، وسيكون بالإمكان استهدافها. ولذلك، فإن إيران تنقل صواريخ متوسطة المدى إلى العراق، كي يكون بإمكان «الميليشيات الشيعية» إطلاقها من هناك، من منصات متنقلة، باتجاه إسرائيل، ولتشكل جبهة ثانية، إضافة لسوريا ولبنان، ضد إسرائيل في حال نشوب حرب.
وأشار بن يشاي، إلى أنه خلافا لغارات الطيران الحربي الإسرائيلي في سوريا، فإن استهداف أهداف إيرانية في العراق، «سيضطر سلاح الجو الإسرائيلي إلى التحليق مئات الكيلومترات من أجل العثور واصطياد منصات الإطلاق هذه ومن خلال تشكيل خطر متزايد على عملياته. ولذلك، فإن هذا وضع جديد بالنسبة لإسرائيل وجبهة جديدة، عراقية، ينبغي التفكير بها رغم النجاحات التي حققها الجيش الإسرائيلي في سوريا».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.