تعيينات أعضاء المجلس الدستوري تعيد الخلاف بين الحريري و«القوات»

التوافق على المشاركة اللبنانية في عداد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عبر مندوبين

من جلسة مجلس الوزراء أمس (دالاتي ونهرا)
من جلسة مجلس الوزراء أمس (دالاتي ونهرا)
TT

تعيينات أعضاء المجلس الدستوري تعيد الخلاف بين الحريري و«القوات»

من جلسة مجلس الوزراء أمس (دالاتي ونهرا)
من جلسة مجلس الوزراء أمس (دالاتي ونهرا)

أعادت الجلسة الثانية للحكومة، بعد المصالحة التي جرت في قصر بعبدا، الخلاف بين الحلفاء، وتحديداً بين رئيس الحكومة سعد الحريري وحزب «القوات اللبنانية»، على خلفية تعيينات المجلس الدستوري، فيما أكد الحريري أنه سيتم اتخاذ الإجراءات الضرورية للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي، ولن يكون أي تأثير لتصنيفات الشركات الدولية.
ووصفت مصادر «القوات» عدم تعيين مرشحها في «الدستوري» بـ«الانقلاب»، فيما نعى ممثلها في الحكومة، وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، «الأخلاق السياسية والمصداقية في لبنان». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري لم يلتزما بالاتفاق حول تعيين عضو محسوب على «القوات»، وصوّت وزراؤهما لصالح المرشح المحسوب على «التيار الوطني الحر»، ونفذوا بذلك ما أراده وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وأوضحت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق مع الحريري وبري كان في جلسة البرلمان، التي لم يكن نصابها ليتمّ لولا حضور نواب «القوات»، وتم خلالها انتخاب 5 أعضاء لـ«الدستوري»، لم يكن لـ«القوات» حصة بينهم، على أن تأخذ حصتها من الأعضاء المعينين في مجلس الوزراء.
ولفت قيومجيان إلى أن وزيري «التقدمي» فقط صوّتا إلى جانب مرشّح «القوات»، كما كان اعتراض من قبل وزير «تيار المردة» يوسف فنياونوس على الآلية المتبعة، بحيث لم يتم إبلاغ الوزراء بأسماء المرشحين الأعضاء قبل 48 ساعة.
وفيما عزا قيومجيان هذا التعيين إلى الاجتماع، الذي عقد مساء أول من أمس، بين الوزير باسيل والحريري، اعتبر أن ما حصل هو في سياق الاستهداف المستمر لـ«القوات» «التي تلعب دور رأس حربة بالدفاع عن السيادة وبناء الدولة ومحاربة الفساد»، آملاً في الوقت عينه ألا يؤثر ما حصل على «الحلف الاستراتيجي» بين «القوات» والحريري.
في المقابل، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن باسيل نسف الاتفاق بالمطالبة بتعيين العضو الماروني من حصته، وإن تصويت وزراء «المستقبل» مع «القوات» لم يكن ليغيّر في المعادلة.
وأكدت مصادر وزارية أن «القوات» لم تتلقّ وعداً من الحريري بدعم مرشحها، إنما كان الاتفاق مع بري في جلسة البرلمان الأخيرة، قبل أن يعودوا ويسحبوا اسم مرشحهم قبل يوم من التصويت. وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بعد اللقاء الذي عقد مساء الأربعاء بين باسيل والحريري أنه عرض على «القوات» تسمية العضو الأرثوذكسي أو الكاثوليكي، بعد رفض «التيار الوطني الحر» التنازل عن الماروني، لكنهم رفضوا.
وسبقت جلسة الحكومة، التي عقدت للمرة الأولى هذا العام في مقر رئيس الجمهورية الصيفي في بيت الدين، خلوة بين الرئيسين عون والحريري بحثت في المستجدات.
وناقش الوزراء في جدول أعمال من 46 بنداً، إضافة إلى بنود طرحت من خارج جدول الأعمال، على غرار تعيين أعضاء «الدستوري»، إضافة إلى تشكيل لجنة للبحث في قضية العمالة الفلسطينية التي أدت إلى اعتراض عليها من قبل الفلسطينيين وبعض الأحزاب.
وفي هذا الإطار، لفت قيومجيان إلى «أنه سيتم المضي قدماً بقرارات وزير العمل الذي يطبق القانون، ويؤيده عدد كبير من الوزراء، إلى أن تجتمع اللجنة الوزارية، ويبنى على الشيء مقتضاه».
وبعد الجلسة، نقل وزير الإعلام جمال الجراح عن الحريري تأكيده «أننا غير معنيين بما سيصدر من تصنيف للشركات المعنية بهذا الإطار، ولو أن الأجواء إيجابية، ومن المتوقع أن يبقى التصنيف على حاله، لكن الحكومة تتخذ الإجراءات الضرورية للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي، ولن يكون هناك أي تأثير لهذه التصنيفات».
وقال الجراح إن جدول أعمال جلسة الحكومة أقرّ في معظمه، فيما أرجئت بنود أخرى إلى جلسة الثلاثاء المقبل، معلناً الاتفاق على تأليف لجنة برئاسة الرئيس الحريري لمتابعة ملف العمالة الأجنبية.
وأعلن كذلك أنه «تم التوافق على المشاركة اللبنانية في عداد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عبر مندوبين، علماً بأن القوات الدولية موجودة في لبنان لحفظ الأمن على الحدود. إنما المشاركة اللبنانية لن تشمل الأعمال القتالية». وهذا ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة كانت قد أرسلت رسالة إلى الحكومة بهذا الشأن، وبعد المناقشة تم الاتفاق على مشاركة رمزية بحيث سيكون دور المشاركين إدارياً لوجستياً، وليس قتالياً.
ولفت إلى أنه تمت الموافقة على استملاك أرض وتكليف الهيئة العليا للإغاثة اتخاذ الإجراءات الضرورية، في منطقة الحواكير في المنية، وسيعالج المطمر كل النفايات التي يكون مصدرها القرى والمناطق المجاورة في الشمال.
وفيما يتعلق بأعضاء «الدستوري»، أعلن الجراح أنه لم يؤخذ بمرشح «القوات» في تعيينات «الدستوري» التي شملت الدكتور عمر حمزي، والدكتور فوزات خليل فرحات، والمحامي إلياس بو عيد، والمحامي إلياس مشرقاني، والنقيب عبد الله الشامي، ليكتمل بذلك عدد أعضائه العشرة.
وبالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، نفذ الناجحون في مباراة خفير جمركي، وعددهم 853، اعتصاماً أمام قصر بيت الدين، للمطالبة بتعيينهم وتوظيفهم بعد 6 سنوات من صدور نتائج التطويع. وتوجهوا إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، مطالبين بإنصافهم وحل الخلاف القائم حول هذا الملف وأخذ القرار بقضيتهم في مجلس الوزراء.
كذلك نفذ إضراب شامل في عدد من المخيمات الفلسطينية في لبنان، بدعوة من فصائل العمل الوطني الفلسطيني، رفضاً لإجراءات وزارة العمل الأخيرة بحق العمال الفلسطينيين.
وناشد المعتصمون الحكومة اللبنانية بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام» «معاملة الفلسطينيين كلاجئين قسراً عن بلادهم، بانتظار عودتهم حسب القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن»، مؤكدين «أن الفلسطينيين لم يأتوا إلى لبنان بحثاً عن عمل».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».