ضجة تعقب تصريح النائب عودة حول المشاركة في حكومة إسرائيلية

أثار النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، عاصفة شديدة في الحلبة السياسية الإسرائيلية عندما أعلن في لقاء مع الصحافي ناحوم برنياع في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس (الخميس)، أنه مستعد للانضمام إلى ائتلاف حكومي يضم أحزاب اليسار والوسط في إسرائيل.
وهاجمت أحزاب اليمين عودة، قائلة، إن «إرهابياً فلسطينياً سيصبح وزيراً في حكومة إسرائيل إذا تم انتخاب رئيس حزب (كحول لافان) بيني غانتس، رئيساً لها»، وهاجمته قوى اليمين الراديكالية في الوسط العربي في إسرائيل واعتبرته «متأسرلاً» (نسبةً إلى إسرائيل)، بيد أن أحزاب اليسار الإسرائيلي رحبت به.
كان عودة قد تكلم في مقابلة طويلة ستُنشر اليوم (الجمعة)، في الصحيفة، فقال إنه لا يستبعد احتمال أن توصي قائمته رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، بإسناد مهمة تشكيل الحكومة القادمة إلى رئيس حزب «كحول لافان» بيني غانتس، وتنضم إلى ائتلاف بقيادته. لكنه وضع شروطاً عسيرة لذلك، بينها أن يتوجه إليه غانتس بنفسه طالباً هذه التوصية وأن يتعهد في المقابل بأن تعمل حكومته على تحقيق المساواة للمواطنين العرب (فلسطينيي 48) وإلغاء قانون القومية اليهودية العنصري، واستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وتمتنع عن شن حروب على العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، وغير ذلك. وقد اعتبرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، هذه التصريحات «انعطافاً تاريخياً في الموقف التقليدي للأحزاب العربية، التي كانت قد دعمت سابقاً حكومات للوسط واليسار، وانضمت أحياناً إلى كتل ممانعة لها ولكن دائماً من مقاعد المعارضة».
وقد رحب قادة أحزاب اليسار الإسرائيلي بهذا التصريح واعتبروه خطوة متقدمة للتعاون على إسقاط حكم اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو. وقال إيهود باراك، رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق، الذي أقام تحالف «المعسكر الديمقراطي» مع حزب «ميرتس»، إن «تصريح أيمن عودة يعبّر عن رياح جديدة في السياسة العربية تتسم بالحكمة والذكاء». وقال إن «اليسار في المجتمع اليهودي أيضاً نضج بأفكاره السياسية وبات يؤمن بأن المواطنين العرب هم جزء لا يتجزأ من إسرائيل ولا يجوز اتّباع أي سياسة تمييز ضدهم ويجب منحهم حقوقهم بالمساواة من دون أي تحفظ». وقال إنه عيّن نائب وزير عربي في حكومته سنة 1999، ويعتقد أن من حق العرب أن يُمثَّلوا بوزير كامل أو وزيرين، «فأنا أعرف الكثير من المواهب والقدرات لدى الشباب العرب التي يجب فتح الباب لها للمشاركة في قيادة إسرائيل». وأضاف: «هنالك طبيب عربي مبدع يعمل في مستشفى الخضيرة، أنقذ والدتي من الموت».
وقال نيستان هوروفتش، رئيس حزب «ميرتس»، إن تصريح عودة مهم للغاية وأهم ما فيه أنه يفضح القوى التي ترفض المساواة وترفض المصالحة، أكان ذلك في اليمين اليهودي أو في التيار القومي العربي.
وقال المربي وليد طه، عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية والمرشح لعضوية الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، إنه يؤمن بكل كلمة قالها أيمن عودة، فهذه هي مصلحة المواطنين العرب، «فمن خلال الائتلاف يمكن لنا أن نحقق مكاسب كبيرة للعرب على طريق المساواة، ويمكننا أن نسهم كثيراً في المعركة لتحرير شعبنا الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي وبطشه وحروبه العدوانية والسعي لتحقيق السلام».
ولكن غالبية الردود اتخذت الطابع السلبي على جانبي الخريطة الحزبية الإسرائيلية. ففي حزب الجنرالات «كحول لافان»، أبدوا تحفظات على التحالف مع القائمة المشتركة، حتى لا يغضب منهم الجمهور اليميني. فقال يائير لبيد، المرشح الثاني، إن «أيمن عودة لا يمكنه القول لناحوم برنياع: سنجلس معهم في الحكومة. ومن ثم يضم إلى قائمته حزب التجمع. فقادة هذا الحزب لا يتفوهون إلا بخطاب كراهية لإسرائيل ولا يعترفون بدولة يهودية. وهذه ازدواجية في الكلام وليست مقبولة لدى أيّ أحد عندنا». كذلك قال المرشح الرابع في «كحول لافان» غابي أشكنازي، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «لا نستطيع الجلوس مع أحزاب (عربية) لا تعترف بإسرائيل دولة يهودية».
ورفض أفيغدور ليبرمان أي تعاون مع أيمن عودة، «فهذا إرهابي مكانه في المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله». وقال: «ما يختبئ وراء الإعلان الغريب لأيمن عودة هي محاولة إعطاء شرعية لتعاون خطير بين الليكود والقائمة المشتركة، فيما الغاية هي تشكيل حكومة مع الحريديين بدعم الأحزاب العربية».
وفي الليكود الحاكم، أصدروا بياناً مقتضباً قالوا فيه إن «الأمور أصبحت الآن أوضح: بيني غانتس سيشكّل حكومة يسار مع أيمن عودة والأحزاب العربية. ومن يريد حكومة يمين عليه التصويت لليكود فقط». وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد إردان، وهو أيضاً من الليكود، إن «أيمن عوده مؤيد للإرهاب». وكتب على حسابه في «تويتر»: «واضح الآن أن مَن سيصوّت لـ(كحول لافان)، سيحصل على ما يبدو على حكومة يسار مع مؤيد للإرهاب».
وأثارت أقوال أيمن عودة معارضة واسعة أيضاً في الأحزاب التي تشكل القائمة المشتركة، التي يقودها. فقال النائب د. إمطانس شحادة، من التجمع الوطني إن «أقوال عودة بائسة»، وأضاف: «دَعُونا لا ننسَ أن غانتس ولبيد لا يريدان التوجه إلى القائمة المشتركة أبداً». وأكد النائب السابق جمال زحالقة، أن أقوال أيمن عودة تتعارض مع موقف «المشتركة» و«التجمع»، مشدداً على أن «هذه مناورة خطيرة في العلاقات العامة وتمنح شرعية لحزب الجنرالات الذين ارتكبوا جرائم حرب ويتباهون بها».
وحتى من حزب أيمن عودة «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة»، صدرت مواقف معارضة، فقالت النائبة عايدة توما – سليمان، إن «أقوال أيمن عودة تعبّر عن رأيه الشخصي» وإنه «يوجد نقاش حول رأيه هذا». وأضافت: «أنا متشككة بهذا الخصوص، ولا أرى، لأسفي الشديد، في الخريطة السياسية اليوم، حتى أولئك الذين يحاولون وصف أنفسهم باليسار، وهم بعيدون عن اليسار، لا أرى أن لديهم الشجاعة للقيام بخطوات كهذه». وتابعت توما - سليمان: «لا أرى غانتس، الذي تحدث عن قصف غزة قبل يومين، يفكر بالسلام، لكني أعتقد أن الكرة لدى غانتس ويائير لبيد وكل من يطمح لرئاسة الحكومة».
وقد رد أيمن عودة على هذه المواقف قائلاً إن قائمته تشترط انضمامها إلى ائتلاف للوسط واليسار بتعهد الائتلاف بتحسين ظروف المجتمع العربي في مجالات التخطيط والبناء والرفاهة ومحاربة العنف، إلى جانب إلغاء قانون القومية واستئناف المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال والاستيطان. وقال زميله النائب أحمد الطيبي، رئيس «الحركة العربية للتغيير» في القائمة المشتركة، إن «طرح أيمن عودة مشروط بإنهاء الاحتلال، ولا أرى أن أحداً في الأحزاب الإسرائيلية يتحدث عن ذلك اليوم».