بريطانيا وكوريا الجنوبية توقعان اتفاق «تجارة ما بعد بريكست»

مؤشرات صادمة لمبيعات التجزئة في المملكة المتحدة

TT

بريطانيا وكوريا الجنوبية توقعان اتفاق «تجارة ما بعد بريكست»

وقعت بريطانيا وكوريا الجنوبية، الخميس، اتفاقاً يتيح للبلدين مواصلة المعاملات التجارية بينهما بحرية، بعد دخول «بريكست» حيز النفاذ. ويحل الاتفاق محل الشروط الحالية الواردة في اتفاق تجاري للاتحاد الأوروبي مع كوريا الجنوبية. وهو يحمي تدفق المبادلات الثنائية السنوية التي بلغت 14.6 مليار جنيه إسترليني (17.7 مليار دولار) في 2018.
ونال الاتفاق دعماً فورياً من مصدرين بريطانيين كبيرين لكوريا الجنوبية، هما شركة صناعة السيارات الفارهة «بنتلي»، وشركة صناعة الأدوات المنزلية «دينبي بوتري». وقالت وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تراس في بيان: «أولويتي هي ضمان أن تكون الشركات البريطانية مستعدة لـ(بريكست)».
ووقعت تراس الاتفاق مع وزيرة التجارة الكورية الجنوبية يو ميونغ هي. وأشادت يو «بالشراكة الاقتصادية القيّمة» بين البلدين، مشيرة إلى أنّ توقيع «اتفاق التجارة الحرة سيزيل كثيراً من الغموض بشأن (بريكست)».
وهذا أول اتفاق تجاري لبريطانيا في مرحلة ما بعد «بريكست» في آسيا، ويأتي بعد توقيع اتفاقات مماثلة مع تشيلي وآيسلندا والنرويج وسويسرا. ومن المقرر أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وفي غضون ذلك، هبطت مبيعات التجزئة البريطانية في أغسطس (آب) الجاري بأسرع وتيرة لها منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2008، وفقاً لمسح نشر الخميس، زاد من علامات تباطؤ الاقتصاد قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في غضون شهرين.
وانخفض مؤشر «اتحاد الصناعة البريطاني لتجار التجزئة»، الذي يقيس الفارق بين أولئك الذين يبلغون عن ارتفاع أو تراجع حجم المبيعات، إلى «سالب» 49 نقطة في أغسطس، من «سالب» 16 نقطة في يوليو (تموز)، وهي ثاني أضعف قراءة منذ أن بدأت السجلات في عام 1983. وكان هذا أسوأ من كل التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» للخبراء الاقتصاديين، والذي أشار إلى تحسن إلى مستوى «سالب» 11 نقطة فقط.
وحتى وقت قريب، كان المستهلكون قد امتصوا صدمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير، مدفوعين بزيادة الأجور بأسرع وتيرة منذ أكثر من عقد، وتضخم متواضع. وقد ساعد ذلك في دعم النمو في وقت كان فيه كثير من الشركات يخفض من استثماراته بسبب عدم اليقين بشأن «بريكست»؛ لكن الاقتصاد تلقى دعماً كبيراً من الإنفاق الاستهلاكي.
وقال هوارد آرتشر، كبير المستشارين الاقتصاديين في «أرنست أند يونغ»: «إن المسح الضعيف للغاية في أغسطس يثير احتمال أن يصبح المستهلكون أكثر قلقاً وحذراً مع اقتراب موعد (بريكست) في 31 أكتوبر، وازدياد توقعات الخروج البريطاني من الاتحاد دون صفقة».
وانكمش الاقتصاد البريطاني في الربع الثاني من العام، وسيدخل في حالة ركود إذا تقلص مرة أخرى في الفترة من يوليو إلى سبتمبر (أيلول).
ورسمت بيانات مبيعات التجزئة الرسمية صورة أكثر تفاؤلاً من معظم استطلاعات القطاع الخاص الأخرى، بما في ذلك اتحاد الصناعة، على الرغم من أن بعض مؤشرات قياس معنويات المستهلك بدأت في الضعف. وقالت «آي إتش إس ماركت» يوم الاثنين، إن الأسر العاملة في بريطانيا كانت أكثر حذراً بشأن عمليات الشراء الكبيرة وسط مخاوف بشأن «بريكست» وكساد محتمل.
وأظهر مسح اتحاد الصناعة البريطاني أن تجار التجزئة خفضوا طلباتهم مع الموردين بوتيرة شبه قياسية، مع تراكم المخزونات.
وقالت آنا ليش، نائب رئيس الاقتصاديين في الاتحاد، إن «المعنويات تنهار بين تجار التجزئة، وأدت المبيعات الضعيفة بشكل غير متوقع إلى تراكم كبير للسلع... ومع نيات الاستثمار للعام المقبل وتراجع التوظيف، يتوقع تجار التجزئة تعثراً لبضعة أشهر قادمة».



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.