البرهان ومجلس السيادة ورئيس الحكومة يؤدون اليمين الدستورية

حمدوك: يمكننا صنع المعجزات... رجاء عبد المسيح لـ «الشرق الأوسط»: لم آتِ بصفتي مسيحية بل سودانية

البرهان يؤدي القسم (أ.ف.ب)
البرهان يؤدي القسم (أ.ف.ب)
TT

البرهان ومجلس السيادة ورئيس الحكومة يؤدون اليمين الدستورية

البرهان يؤدي القسم (أ.ف.ب)
البرهان يؤدي القسم (أ.ف.ب)

خطا السودان، أمس، خطوة كبيرة في اتجاه التحول إلى الحكم المدني، بأداء رئيس وأعضاء المجلس السيادي، ورئيس الوزراء، اليمين الدستورية، إيذاناً بانطلاق الفترة الانتقالية، التي تستمر 39 شهراً.
وسيحلّ المجلس السيادي محل المجلس العسكري الانتقالي، الذي تولى السلطة في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، بثورة شعبية، قام على أثرها الجيش بالاستيلاء على السلطة في السادس من أبريل (نيسان) الماضي. وتأتي هذه الخطوات الأولى للانتقال بعد احتفالات كبيرة واكبت توقيع المجلس العسكري وتحالف «إعلان الحرية والتغيير» التي قادت الاحتجاجات، المطالبة بحكم مدني، على وثيقة دستورية انتقالية في 17 أغسطس (آب) الحالي.
وأدى رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان القسم، صباح أمس، أمام رئيس القضاء، أعقبه أداء 9 من أعضاء المجلس اليمين الدستورية، حكاماً جدداً في عهده الجديد. وغاب عاشر أعضاء المجلس عن أداء المراسم لوجوده خارج البلاد، وأثناء ذلك وصل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك البلاد، وأدى اليمين الدستورية أمام مجلس السيادة ورئيس القضاء في وقت لاحق من مساء أمس.
ويتكون أعضاء مجلس السيادة من محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وشمس الدين الكباشي، وياسر العطا، وإبراهيم جابر، من الجانب العسكري، وحسن شيخ إدريس، وصديق تاور، ومحمد الفكي سليمان، وعائشة موسى، ورجاء نيكولا عبد المسيح، فيما ينتظر أن يصل العضو العاشر محمد الحسن التعايشي البلاد، مساء أمس، ليؤدي اليمين الدستورية.
ووصل رئيس الوزراء السوداني الجديد، عبد الله حمدوك، إلى الخرطوم، قادماً من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وهرع العشرات من المواطنين إلى مطار الخرطوم للترحيب به، بيد أنه غادر إلى القصر الرئاسي دون أن يمر بالمستقبلين.
وقال حمدوك في تصريحات «مقتضبة» لتلفزيون السودان الرسمي، لحظة وصوله إلى مطار الخرطوم، إنه جاء للبلاد «تلبية لنداء الوطن». ودعا السودانيين للعمل المشترك، وأضاف: «لنعمل مع بعضنا لنعبر بالبلاد إلى آفاق أرحب... ونبني نظاماً ديمقراطياً متعدداً متفق عليه».
وشدد على أهمية بناء مشروع وطني، بقوله: «منذ فجر الاستقلال لم ينجح السودانيون في بناء مشروع وطني متوافق عليه». ونادى حمدوك بضرورة الاتفاق على برنامج يدور حول كيف يُحكم السودان وليس مَن يحكم السودان، داعياً جميع الأطراف للعمل مع بعض حتى تتغير أوضاع البلاد وتتجه إلى آفاق أرحب من التنمية والازدهار، وعبر عن سعادته بالعودة إلى أرض الوطن تلبية لقرار الشعب.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تضافر جهود أبناء الوطن، وتوحيد الصف من أجل بناء دولة قوية، مشيراً إلى أن السودان يمتلك موارد هائلة يمكن أن تجعل منه دولة قوية تقود القارة الأفريقية.
وقال حمدوك إن السودان يسع الجميع، وتابع: «البلد دي بتشيلنا كلنا... مع بعض يُمكن أن نصنع المعجزات»، مشيراً إلى «شعوب عديدة كانت تعيش ظرفاً مشابهاً لظروف السودان استطاعت العبور إلى واقع أفضل»، وأضاف: «نحن مؤهلون أكثر منها»، ووعد بكشف برنامج تفصيلي لإدارة البلاد.
من جانبهم، قال أعضاء مجلس السيادة، إنهم شرعوا بعد الاجتماع الإجرائي الأول، في اتخاذ بعض القرارات، وتناولوا بعض الأفكار أثناءه، وأكدوا على أهمية تسليم رئيس الوزراء مهامه لملء الفراغ التنفيذي والسياسي الذي ظلت البلاد تعيشه منذ 11 أبريل (نيسان) الماضي، بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير بثورة شعبية.
وبحث الاجتماع الإجرائي الأول لمجلس السيادة، معضلة تعيين رئيس القضاء والنائب العام، التي كان من المقرر حسمها، أول من أمس، وتعثرت لتعارضها مع نصوص في «الإعلان الدستوري» الحاكم للمرحلة الانتقالية.
وقال عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان في مؤتمر صحافي أعقب أداء اليمين الدستورية، إن الاجتماع أرجأ تعيين كل من رئيس القضاء والنائب العام بسبب تباين في الآراء على الشخصيات المرشحة، وإن الطرفين توافقا على تعديل الوثيقة الدستورية، ليتمكنا من تعيينهما في اجتماعهما الثاني.
من جهتها، قالت عضو مجلس السيادة عائشة موسى للصحافيين إن مجلس السيادة جاء تتويجاً لمساعي الشعب السوداني، من أجل تحقيق العدالة والمساواة، وتعهدت بالعمل على إنفاذ أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) وتحقيق الحرية والعدالة وحماية الديمقراطية للوصول بالسودان إلى «بر الأمان».
وقالت عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا عيسى عبد المسيح لـ«الشرق الأوسط»، إنها قبلت التكليف لـ«رفع شأن البلاد تنموياً واقتصادياً»، وتابعت: «أنا لم آتِ لمجلس السيادة بصفتي (مسيحية)، بل بصفتي سودانية وجزءاً مكملاً لأولويات مجلس السيادة».
واختيرت نيكولا باعتبارها العضو المكمل لمجلس السيادة بتوافق بين المجلس العسكري الانتقالي و«قوى إعلان الحرية والتغيير»، التي أصرت على أن تكون من الطائفة القبطية المسيحية.
ونفت نيكولا أن يكون وجودها في مجلس السيادة محايداً بحكم كونها جاءت مكملة لعضويته، أو منحازاً لطرف، وقالت: «مثلي ومثل غيري، سنعمل ضمن فريق يهدف لتحقيق أهداف الشعب السوداني».
ووفقاً لـ«الإعلان الدستوري»، سيحتفظ البرهان برئاسة مجلس السيادة للأشهر الـ21 الأولى من عمر الفترة الانتقالية، ليتولى المرحلة الثانية من الفترة، البالغة 18 شهراً، أحد أعضاء السيادة المدنيين.
وتواجه مجلس السيادة ورئيس الوزراء كثير من التحديات، وأبرزها استعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، التي عُلقت في 3 يونيو (حزيران) على خلفية أحداث فض اعتصام القيادة العامة ومقتل 128 معتصماً سلمياً، إضافة إلى العمل على إزالة اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، حيث تم قيده ضمنها منذ عام 1993، على خلفية استضافة نظام الإسلاميين المعزول للجماعات الإرهابية المتطرفة، وعلى رأسها زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.
ورغم الاستقبال والتأييد اللافت للحكومة المدنية، فإن تردي الاقتصاد وانهيار بنياته الأساسية في عهد البشير، يُعد تحدياً كبيراً أمام الحكومة الجديدة، والخبير الأممي عبد الله حمدوك، ووزرائه الذين سيختارهم.
ويُنتظر أن يشرع حمدوك فوراً في اختيار طاقمه الوزاري لتسريع سد الفراغ السياسي والتنفيذي والإداري الذي تواجهه البلاد، وأن تسلمه «قوى إعلان الحرية والتغيير» قائمة بالأسماء المقترحة للوزراء بأكثر من خيار لكل وزارة ليختار أحدهم، لتعين الحكومة الجديدة في 28 أغسطس الحالي، وتكتمل مراسيم تسميتها بنهاية الشهر الحالي، ليعقد المجلسين السيادة والوزراء أول اجتماعاتهما في الفاتح من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، إيذاناً بالبداية الفعلية للمرحلة الجديدة في السودان.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.