صندوق النقد: سياسات ترمب الاقتصادية لن تصحح العجز التجاري

قال إن إضعاف الدولار لن يحقق النتائج المرجوة

صندوق النقد: سياسات ترمب الاقتصادية لن تصحح العجز التجاري
TT

صندوق النقد: سياسات ترمب الاقتصادية لن تصحح العجز التجاري

صندوق النقد: سياسات ترمب الاقتصادية لن تصحح العجز التجاري

حذر صندوق النقد الدولي، الأربعاء، من سعي الحكومات لإضعاف عملاتها عبر تيسير نقدي أو التدخل في السوق، قائلاً إن هذا سيلحق ضرراً بعمل النظام النقدي العالمي، ويتسبب في معاناة لجميع الدول.
وقال خبراء الاقتصاد في الصندوق، إن فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية على الصين، وإضعاف سعر صرف الدولار من خلال خفض معدلات الفائدة، لن يؤدي إلى تصحيح العجز التجاري.
وفي لغة صريحة غير معتادة، بدا رأي الخبراء في مدونة مستهدفاً الرئيس دونالد ترمب، الذي طالب باستمرار «الاحتياطي الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي) بخفض أسعار الفائدة لإضعاف سعر الدولار وتحفيز الاقتصاد، وفي الوقت ذاته فرض مجموعة من الرسوم الجمركية على الصين لخفض العجز الذي يصفه بأنه سرقة. وأكدت كبيرة الاقتصاديين في الصندوق غيتا غوبيناث، أن إجراءات السياسات الأميركية تأتي بنتائج عكسية، ولن تحقق النتائج المرجوة، وستؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي. وحذرت غوبيناث في مدونة بعنوان «ترويض فورة العملات» التي أعدتها بالتعاون مع الباحثين في الصندوق: غوستافو أدلر، ولويس كوبيدو، من أنه «من غير المرجح أن يقلل رفع التعريفات الجمركية المتبادل اختلالات الموازين التجارية؛ لأنها تؤدي بشكل رئيسي إلى تحويل التجارة إلى بلدان أخرى».
وقالت إنه بدلاً من ذلك «فإنه من المرجح أن تضر هذه الخطوات بالنمو المحلي والعالمي؛ لأنها ستضعف ثقة قطاع الأعمال والاستثمارات، وتتسبب في اضطراب سلاسل الإمدادات العالمية، وترفع تكاليف المنتجات والمستهلكين». وأشارت إلى أن أي خطط لإضعاف قيمة العملة الأميركية «من الصعب تنفيذها، وستكون غير فعالة على الأرجح»، مضيفة أن ممارسة الضغوط على البنك المركزي لن تحقق ذلك الهدف.
وحذر معدو المدونة من أنه «يجب عدم إبداء أهمية كبيرة للرأي القائل بأن تسهيل السياسة النقدية سيضعف عملة البلاد، بشكل يؤدي إلى تحسن دائم في الميزان التجاري».
وأضافوا أن «السياسة النقدية وحدها لن تؤدي إلى خفض دائم في سعر صرف العملة، وهو الأمر الضروري لتحقق تلك النتيجة... خصوصاً خلال فترة 12 شهراً».
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، يركز ترمب بشكل خاص على الأشهر الـ12 المقبلة.
والشهر الماضي، خفض صندوق النقد الدولي مرة أخرى توقعاته للنمو العالمي، وقال إن التوتر التجاري سيجعل من عام 2020 «محفوفاً بالمخاطر»؛ حيث يمكن أن تؤدي التعريفات إلى زيادة تباطؤ الاقتصاد الصيني.
وتؤكد مدونة الصندوق معلومات وردت في تقارير سابقة، إلا أنها تركز على نقاط رئيسية وتحللها. ورغم أن النظرية الاقتصادية تقول إن العملة الأضعف تجعل من صادرات أي بلد أقل سعراً وأكثر تنافسية، فإن الصندوق قال إن كثيراً من السلع مسعّرة بالدولار الأميركي في الأسواق العالمية... «لذا، في الحقيقة فإن المستوردين والمستهلكين الأميركيين يتحملون عبء التعريفات الجمركية. والسبب هو أن الدولار الأقوى لم يكن له سوى تأثير طفيف حتى الآن على الأسعار بالدولار التي يتلقاها المصدرون الصينيون؛ لأن الفواتير هي بالدولار الأميركي».
وقال الصندوق في منشور على مدونته، الذي يأتي في وقت يستعد فيه مصرفيون من بنوك مركزية عالمية للاجتماع هذا الأسبوع، في جاكسون هول في وايومنغ الأميركية، إن المقترحات المتعلقة بالسياسة لاستخدام التيسير النقدي والمشتريات المباشرة لعملات دول أخرى، من غير المرجح أن تكون ناجعة.
وأوضح الصندوق أنه «في مواجهة تباطؤ النمو والتضخم دون المستوى المستهدف، قام كثير من اقتصادات السوق المتقدمة والناشئة (على السواء) بتخفيف السياسة النقدية بشكل مناسب، إلا أن هذا أثار مخاوف بشأن ما تسمى (سياسات الجار المتسول) ومخاوف من حرب العملة... وفي هذه المدونة، نناقش الآثار المترتبة على الإجراءات والمقترحات المتعلقة بالسياسات الأخيرة، ونقدم طرقاً بديلة لمعالجة المخاوف بشأن الاختلالات التجارية التي تدعم النمو العالمي كثيراً».
وأضاف الصندوق أن «التدخل في العملة، والتعريفات التعويضية، وفرض الضرائب على تدفقات رأس المال، من المحتمل أن تكون غير فعالة، وتؤثر سلباً على العمل المنظم للنظام النقدي الدولي». وعلاوة على ذلك، أوضح الصندوق أن «خطوات إضعاف العملات (المحلية) عن طريق شراء العملات الأجنبية، وفرض ضريبة على تدفقات رأس المال، من المحتمل أن تشجع على الانتقام وتجعل جميع الدول أسوأ».
وتعليقاً على تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني، قال صندوق النقد الدولي، إن الصين تحتاج إلى إصلاحات هيكلية لإعادة التوازن إلى اقتصادها، بما في ذلك فتح القطاعات أمام المنافسة الأجنبية، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، والإصلاحات لمؤسسات الدولة.
وتأتي تعليقات الصندوق بعد نحو 10 أيام من إعلان تمسكه بتقييمه بأن قيمة اليوان الصيني متماشية إلى حد كبير مع الأسس الاقتصادية. وذلك عقب هجوم واسع ومتكرر للرئيس الأميركي على الصين، واتهامه لحكومتها بتعمد تخفيض عملتها مقابل الدولار، من أجل الحصول على ميزة أكثر تنافسية.
وتختلف آراء الصندوق بشأن اليوان مع رأي الولايات المتحدة، أكبر مساهم في الصندوق، التي أعلنت هذا الأسبوع الصين بلداً «متلاعباً بالعملة» بعد أن سمحت لليوان بأن ينخفض إلى أقل من 7 يوانات مقابل الدولار.
وقال جيمس دانييل مدير إدارة الصين بصندوق النقد قبل نحو أسبوعين، إن تقييماً لسياسات الصين الاقتصادية، وجد أن سعر صرف اليوان في 2018 «لم يكن مقوماً بأعلى أو أقل بشكل كبير من قيمته الحقيقة»؛ لكنه قال إن صندوق النقد يشجع الصين على أن تنهج سعراً للصرف أكثر مرونة، مع تقليل التدخل في سوق العملات.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.