طريقة بسيطة لصنع منتجات طبيعية دوائية أقل تكلفة

علماء جامعة «كاوست» يطورونها

هذا القرش رابطة ثنائية السن (باللونين البرتقالي والرمادي) على ذرة النيكل (باللون الأزرق) تعزز حذف مجموعة الكاربونيل في الإستر (باللونين الأخضر والأحمر) في هذه الحالة الانتقالية
هذا القرش رابطة ثنائية السن (باللونين البرتقالي والرمادي) على ذرة النيكل (باللون الأزرق) تعزز حذف مجموعة الكاربونيل في الإستر (باللونين الأخضر والأحمر) في هذه الحالة الانتقالية
TT

طريقة بسيطة لصنع منتجات طبيعية دوائية أقل تكلفة

هذا القرش رابطة ثنائية السن (باللونين البرتقالي والرمادي) على ذرة النيكل (باللون الأزرق) تعزز حذف مجموعة الكاربونيل في الإستر (باللونين الأخضر والأحمر) في هذه الحالة الانتقالية
هذا القرش رابطة ثنائية السن (باللونين البرتقالي والرمادي) على ذرة النيكل (باللون الأزرق) تعزز حذف مجموعة الكاربونيل في الإستر (باللونين الأخضر والأحمر) في هذه الحالة الانتقالية

في الكيمياء يعرف العامل الحفّاز، بأنه المادة التي تضاف إلى وسط التفاعل الكيميائي بكميات صغيرة جدا فتؤثر في معدل التفاعل وتغيره من دون أن تشترك في التفاعل. وفي هذا الإطار، ابتكر باحثون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) عاملا حفّازا من النيكل من شأنه أن يُوسّع نطاق خيارات المركبات المتاحة أمام الكيميائيين، ما سيقود إلى تطوير وسائط جديدة ومهمة لتصنيع منتجات طبيعية ومستحضرات دوائية.
بشكل عام، تعتمد تفاعلات الازدواج المتبادل (التفاعلات بين جزأين من مركبين هيدروكربونيين مختلفين بوجود حفّاز معدني لتشكيل روابط كربون - كربون (C - C) أو كربون – آزوت (C - N) فيما بينها على عوامل حفّازة من البلاديوم لإنتاج هياكل جزيئية من الكربون. وتتضمّن غالبية الأساليب استخدام مركبات عطرية تحتوي على هاليد، مثل اليوديد أو البروميد، ومقترنة ببورانات عطرية لبناء جزيئات لا تناظرية.
ومع ذلك، تنتج هذه الأساليب القائمة على الهاليد (يطلق اسم الهاليدات على كل من أملاح الفلوريد والكلوريد والبروميد واليوديد بالإضافة إلى الاستاتيد) نفايات مسببة للتآكل.
ومن البدائل غير الضارة بالبيئة التي يمكن الاستعاضة عن الهاليدات بها، المركبات المحتوية على مجموعة الكربونيل (مجموعة غير مشبعة تتكون من ذرة أكسجين مرتبطة برابطة زوجية مع ذرة كربون وتعتبر من أهم المجاميع الوظيفية) المتوافرة طبيعيا المسماة الإسترات، غير أن هذه المركبات غير نشطة في تفاعلات الترابط التبادلي المـُحفَّزة بالبلاديوم، التي يجري فيها حذف أول أكسيد الكربون.
ولحلِّ هذه المعضلة، صنَّع الفريق الذي يقوده ماغنوس رويبينغ ولويجي كافالو عاملا حفّازا من النيكل يتولَّى تنشيط تفاعل الترابط التبادلي بين الإسترات العطرية وألكيل البوران (مجموعة ألكيل مضافة إلى ثلاثي هيدرايد البورون BH3)، وفي هذا التفاعل، يوفر الإستر الجزء العطري من المنتج بمجموعة كاربونيل أو من دونها، في حين يعمل البوران كسليف لـ«الألكيل». والسليف هو مركب كيميائي يشارك في التفاعل الكيميائي لتكوين مركب آخر.
عمل الفريق البحثي على نهج تصنيعي يُشكِّل رابطة كربون - كربون (C - C) بين سليف خامل عادة، وهيدروكربون يحتوي على العنصر الكيميائي بورون، أو ألكيل البوران، بالاستعانة بعامل حفّاز من النيكل.
وبناء على نوع الروابط (وهي عبارة عن ذرة أو أيون أو جزيء مرتبط بذرة الفلز المركزية) على العامل الحفّاز، أنتج تفاعل الترابط التبادلي هذا مركبات عطرية حاملة لمجموعات الألكيل مثل الميثيل، والإيثيل.
ومن المعروف أنه في هذه السلاسل الضخمة المؤلّفة من ذرات الكربون والهيدروجين، أو الكيتونات (أحماض دهنية يقوم بإنتاجها الجسم نتيجة حرق الدهون المتوفرة فيه)، تستقر وحدة بها رابطة مزدوجة بين ذرتي الكربون والأكسجين تُدعى مجموعة الكربونيل بين الجزأين العطري والألكيلي.
وبيَّنَ الباحثون أن التفاعل أنتج عائلة مختلفة من المنتجات، عندما بدَّلوا أحد أنواع الروابط الفوسفورية بأخرى، وتحديدا في وجود رابطة أحادية السن (تشكل رابطة واحدة فقط مع الذرة المركزية) مرتبطة بمركز النيكل، بواسطة رابطة أحادية، أنتج التفاعل مشتقات كيتونية. وعلى النقيض من ذلك، حفَّزت الروابط التي كوَّنت رابطتين مع الفلز إنتاج أرينات الألكيل.
ويوضح روبينغ أن هذه النتائج التجريبية لم يكن من السهل تفسيرها، وبناء عليه، تم استخدام دراسات حاسوبية لمساعدتنا على فهم الآلية الجزيئية ومسار التفاعل.
ولقد تبيَّن أن هذا النهج القابل للضبط يمكن تطبيقه على مجموعة كبيرة من البورانات والإسترات، مثل المشتقات العطرية شبيهة البنزين، وتلك التي تحتوي على ذرة غير متجانسة.
أنتج هذا النهج وسائط ضرورية لتخليق منتجات طبيعية، مثل الجيل المقبل المحتمل من مضادات الاكتئاب ومضاد قوي لمجموعة مهمة من البروتينات تُسهم في عملية التحام الخلايا ببعضها تُعرَف بالإنتجرينات، وهي بروتينات غشائية مدمجة في الغشاء البلازمي للخلايا الحية وتلعب دورا أساسيا في ارتباط الخلايا ببعضها والنسيج الخلوي.
ويشير روبينغ إلى أن النتائج كانت مثيرة، إذ لم يكن أغلب الباحثين ليتوقَّعوا أن هذا التفاعل المدهش الانتقائي للموضع يمكن تحقيقه ببساطة عن طريق تغيير ربيطات المركب الفلزي. ويدرس فريقه حالياً عوامل حفّازة معدنية أخرى لتبسيط تخليق المنتجات الطبيعية والجزيئات الفعَّالة.



تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا
TT

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

تطبيقات طب الأسنان عن بُعد: مستقبل واعد للتكنولوجيا

أوجد التطور الهائل في السنوات العشر الأخيرة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا الكثير من الفرص التي توفر فرصة رائعة لتحويل مجال طب الأسنان بشكل كامل.

طب الأسنان عن بُعد

«طب الأسنان عن بُعد» هو مصطلح جديد نسبياً يربط بشكل كبير بين مجالي الاتصالات وطب الأسنان. وبفضل التطور الهائل في التكنولوجيا، يمتلك طب الأسنان عن بُعد القدرة على تغيير عمليات رعاية الأسنان بشكل جذري. وإذا ما تم إدخال الذكاء الاصطناعي مع هذا التطور فإنه سيكون نقلة هائلة في مجال خدمات طب الأسنان.

في عام 1997، قدم الدكتور جيمس كوك (استشاري تقويم الأسنان من مستشفى برستول في بريطانيا) مفهوم «طب الأسنان عن بُعد» الذي عرَّفه على أنه «ممارسة استخدام تقنيات الفيديو للتشخيص وتقديم النصائح بشأن العلاج عن بُعد». ويتيح هذا التخصص الجديد لأطباء الأسنان تقديم نوع جديد من الرعاية لمرضاهم من خلال وسائل الاتصال والتكنولوجيا الإلكترونية، مما يتيح الوصول التفاعلي إلى آراء المتخصصين دون أن تكون المسافات عائقاً.

وقد شهدت فترة جائحة كورونا ما بين عامي 2020 و2022 ازدهار مثل هذه التقنية بسبب التباعد الاجتماعي وإغلاق عيادات طب الأسنان، إذ كانت تقريباً 90 في المائة من خدمات طب الأسنان تقدَّم من خلال طب الأسنان عن بعد باستعمال وسائل الاتصال الفيديو التصويري.

استشارة الاختصاصيين في المستشفيات

مكَّن التطور الهائل في الاتصالات المرئية والفيديو من أن تقوم عيادات طب الأسنان المختلفة بالتعاقد مع كبرى مستشفيات طب الأسنان وكليات ومعاهد طب الأسنان لعرض بعض حالات أمراض الفم والأسنان المعقدة عبر طب الأسنان عن بُعد على كبار أساتذة طب الأسنان في العالم لأخذ المشورة والرأي السديد في صياغة خطة العلاج بحيث يضمن أفضل خدمة طب أسنان لمرضى هذه العيادات.

نجاحات في المناطق النائية

في المناطق النائية، يعاني السكان من نقص في أطباء الأسنان المتخصصين والرعاية الشاملة للأسنان، إذ أثبت تقرير وضع صحة الفم في العالم لعام 2022 الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية أن العالم العربي يعاني من نقص شديد في خدمات طب الأسنان في المناطق الريفية والقرى، لذا يلعب طب الأسنان عن بُعد دوراً مهماً في توفير إمكانية الوصول إلى المتخصصين لأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية والنائية مع توفر كل أنواع الاتصالات المرئية فيها، مما يقلل من الوقت والتكلفة للاستشارات. يمكن لتغيير طريقة تقديم الخدمة أن يؤثر بشكل إيجابي في جدوى الممارسة في المناطق الريفية، حيث يساعد على تقليل العزلة عن الأقران والمتخصصين. ويؤدي إلى رفع مستوى صحة الفم والتقليل من انتشار أمراضه خصوصاً تسوس الأسنان وأمراض اللثة التي تشهد ارتفاعات كبيرة في هذه المناطق النائية، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية.

تطبيقات في التعليم الطبي

لعب طب الأسنان عن بُعد، دوراً مهماً في التعليم الطبي من خلال وسائل التعليم الذاتي والمؤتمرات الفيديوية. ويوفر النظام التعليمي عبر الإنترنت معلومات خُزنت في الخوادم الإلكترونية حتى قبل وصول المستخدم إلى البرنامج. يتمتع المستخدم بسلطة التحكم في سرعة البرنامج ويمكنه مراجعة المادة التعليمية عدة مرات حسب رغبته. وقد ازدهرت هذه التطبيقات أكثر خلال جائحة كورونا وعندما جرى اكتشاف الفوائد الكبيرة لهذه التقنيات في تعميق التعليم الطبي عن بُعد واستفادة أضعاف الأعداد من طلبة طب الأسنان وأطباء الأسنان تم الاستمرار في تطوير هذه التطبيقات بشكل كبير. كما ازدهرت في تخصصات طب الأسنان، إذ يمكن أن يكون طب الأسنان عن بُعد أداة قوية لتعليم الطلاب الذين يواصلون دراساتهم العليا ومساعدتهم في الحصول على تحديثات مستمرة في مجال تخصصات طب الأسنان المختلفة، وهكذا جرى تطوير برامج الاتصال المرئي مثل «زووم» و«تيمس» و«مايت» لتكون قنوات مهمة للتطوير المهني لأطباء الأسنان لتخصصهم الدقيق في مختلف تخصصات طب الأسنان. ويمكن عقد جلسات الفيديو لمناقشة تفاصيل المرضى والتفاعل بين المعلم والطلاب، مما يوفر فرصاً جديدة للتعلم. هذا النوع من التعليم يتيح للطلاب الاستفادة من خبرات المتخصصين بغض النظر عن المسافات.

في المدارس ومراكز رعاية الأطفال

يجب إنشاء نماذج لاستخدام طب الأسنان عن بُعد في المدارس ومراكز رعاية الأطفال لزيادة الوصول إلى رعاية الأسنان للأطفال. وتلعب هذه المؤسسات دوراً حيوياً في ضمان صحة الفم المثلى للأطفال من خلال الكشف المبكر عن مشكلات الأسنان وإدارة الأمراض المزمنة وتوفير الرعاية العاجلة. وقد استخدم أطباء الأسنان في جامعة روتشستر صور الأطفال الصغار لتحديد حالات تسوس الأسنان المبكرة، مما يساعد على تجنب الألم والصدمة المالية والزيارات الطارئة للعيادات. ولعل مدارسنا ومعاهد الأطفال في عالمنا العربي في أمسّ الحاجة لمثل هذه التطبيقات حيث يعاني أكثر من 90 في المائة من الأطفال العرب من تسوس الأسنان، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2022.

دخول الذكاء الاصطناعي

في السنوات المقبلة، يُتوقع أن تُحدث التطورات في مجال الاتصالات تغييرات مثيرة تمكّن من الوصول إلى رعاية الأسنان للجميع. ومع ذلك، فإن نجاح طب الأسنان عن بُعد يتطلب حل كثير من القضايا مثل الترخيص بين الدول، والأخلاقيات، والأمان التكنولوجي. وقد تمكن الذكاء الاصطناعي من تطوير هذه التقنية من خلال التطورات التالية:

- التشخيص: الذكاء الاصطناعي يحلل الصور الشعاعية بسرعة وبدقة.

- الرعاية الشخصية: الذكاء الاصطناعي يخلق خطط علاج مخصصة ويتنبأ بالمشكلات المستقبلية.

- المساعدات الافتراضية: الذكاء الاصطناعي يتعامل مع الاستفسارات الروتينية وجدولة المواعيد.

- التعليم: الذكاء الاصطناعي يوفر تدريباً متقدماً للمهنيين وتعليمات شخصية للمرضى.

- إدارة البيانات: الذكاء الاصطناعي ينظم السجلات ويؤمن البيانات.

- المراقبة عن بُعد: الذكاء الاصطناعي يتابع صحة الأسنان عن بُعد عبر الأجهزة.

الوصول: الذكاء الاصطناعي يُحسن الوصول إلى الرعاية السنية، خصوصاً في المناطق النائية.

قيود وتحديات طب الأسنان عن بُعدرغم الفوائد الكثيرة، يواجه طب الأسنان عن بُعد عدة تحديات تشمل:

- الترخيص بين الدول: تحتاج الممارسات التي تستخدم طب الأسنان عن بُعد إلى ترخيص لمزاولة المهنة في أي جزء من البلد.

- الأمان والخصوصية: يتعين على الأطباء اتخاذ جميع الإجراءات لحماية بيانات المرضى باستخدام تقنيات التشفير وكلمات المرور.

- التقبل العام: يحتاج طب الأسنان عن بُعد إلى قبول واسع من المرضى ومقدمي الخدمات الطبية ليصبح جزءاً من النظام الصحي.

وعلى الرغم من استخدام الطب عن بُعد منذ سنوات كثيرة، فإن استخدامه في مجال طب الأسنان في العالم العربي ما زال محدوداً رغم الحاجة الماسة إلى ذلك.

يُتوقع أن يصبح طب الأسنان عن بُعد جزءاً أساسياً من رعاية صحة الفم في المستقبل القريب، مما يوفر حلاً مشجعاً للسكان المعزولين الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى نظام الرعاية الصحية في صحة الفم بسبب بُعد المسافة أو عدم القدرة على السفر أو نقص مقدمي الرعاية الصحية.