تنديد أوروبي بعزل تركيا رؤساء بلديات أكراداً... واستمرار الصدامات بين الأمن والمتظاهرين

اعتقال 19 عسكرياً بتهمة الاتصال مع «أئمة غولن»

قوات مكافحة الشغب التركية تفرّق متظاهرين في ديار بكر أمس (أ.ف.ب)
قوات مكافحة الشغب التركية تفرّق متظاهرين في ديار بكر أمس (أ.ف.ب)
TT

تنديد أوروبي بعزل تركيا رؤساء بلديات أكراداً... واستمرار الصدامات بين الأمن والمتظاهرين

قوات مكافحة الشغب التركية تفرّق متظاهرين في ديار بكر أمس (أ.ف.ب)
قوات مكافحة الشغب التركية تفرّق متظاهرين في ديار بكر أمس (أ.ف.ب)

تواصلت لليوم الثاني الاحتجاجات على قيام حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعزل 3 من رؤساء البلديات المنتخبين في شرق وجنوب البلاد، فيما ندد الاتحاد الأوروبي بـ«الإجراءات القمعية» التي اتخذتها السلطات التركية «بحجة مكافحة الإرهاب».
واستخدمت قوات الأمن التركية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق احتجاجات خرجت أمس (الثلاثاء) في ديار بكر جنوب شرقي البلاد، واعتقلت 8 أشخاص، كما سبق أن اعتقلت 7 أشخاص الليلة قبل الماضية في ميدان تقسيم في إسطنبول، في احتجاجات للسبب ذاته.
وأعلنت وزارة الداخلية التركية، أول من أمس، عزل رؤساء بلديات ديار بكر وماردين ووان، ذات الأغلبية الكردية، بزعم تورطهم في أعمال تتعلق بدعم الإرهاب. وينتمي المسؤولون الثلاثة لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، وكان تم انتخابهم قبل 5 أشهر فقط، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة رأت في القرار اعتداء على الديمقراطية وإرادة الناخبين وإخلالاً بالسلام الاجتماعي.
وجرى إغلاق جميع مداخل مدينة ديار بكر، إلا أن المواطنين تمكنوا من الخروج للتعبير عن احتجاجهم. وقالت النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي، فيليكناز أوجا، التي أصيبت في المواجهات مع الشرطة: «لقد تجمعنا بالقرب من البلدية لممارسة حقنا الديمقراطي». وأضافت أن الشرطة استخدمت الهراوات وخراطيم المياه ضد المتظاهرين.
وكان رؤساء البلديات الثلاثة فازوا في الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي بأغلبية واضحة؛ حيث فاز عدنان سلجوق مزراقلي برئاسة بلدية ديار بكر، وأحمد تورك برئاسة بلدية ماردين، وبديعة أوزغوكجه برئاسة بلدية وان. وذكرت وزارة الداخلية التركية أن هناك قضايا منظورة بحق المسؤولين المعزولين، وأنهم يواجهون فيها اتهامات بارتكاب جرائم، مثل نشر دعاية إرهابية لـ«حزب العمال الكردستاني» أو الانتماء أو تقديم الدعم له.
وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل الانتخابات المحلية في مارس بعزل رؤساء البلديات المنتمين لحزب الشعوب الديمقراطي، إذا ما وُجهت لهم اتهامات بأنهم على صلة بالإرهاب حتى إذا ما فازوا في الانتخابات.
وفي عام 2016، عزلت السلطات العشرات من رؤساء البلديات المنتمين لحزب الشعوب الديمقراطي، بعد عامين من فوزهم في انتخابات 2014 وعيّنت مكانهم أشخاصاً من حزب العدالة والتنمية الحاكم، كأوصياء، بزعم وجود صلات بين حزب الشعوب وحزب العمال الكردستاني المحظور.
وفي السياق ذاته، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ من «الإجراءات القمعية» التي اتخذتها السلطات التركية في جنوب شرقي البلاد «بحجة مكافحة الإرهاب». وقال بيان، صدر عن الاتحاد، إن «إقالة واعتقال السياسيين المحليين وتعيين تابعين للسلطة بدلاً عنهم، حرمان للناخبين من التمثيل السياسي على المستوى المحلي، ويهدد بشدة بإلحاق ضرر بالديمقراطية المحلية». واعتبر الاتحاد أن من شأن تلك الإجراءات أن تضع، محل الشك، نتائج الانتخابات الديمقراطية، التي جرت في 31 مارس الماضي.
وأكد الاتحاد أنه يعترف لأنقرة «بالحق القانوني في مكافحة الإرهاب»، لكنه يعتقد أنه يتعين على السلطات التركية القيام بذلك «وفقاً لسيادة القانون، مع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية». ويرى الاتحاد الأوروبي أن وراء هذه الإجراءات «دوافع سياسية».
من جهتها، اعتبرت «حركة المجتمع الديمقراطي»، وهي حركة مؤيدة لحقوق الأكراد في تركيا، قرار عزل رؤساء البلديات بأمر من الرئيس رجب طيب إردوغان، انقلاباً سياسياً على الديمقراطية بأسلوب جديد. وقالت الحركة، في بيان أصدرته أمس: «احتلال بلديات ديار بكر وماردين ووان، هو ضربة لإرادة الشعوب وانقلاب سياسي فاشي ضد الديمقراطية، لكن بأسلوب جديد ضارباً عرض الحائط بالقوانين والمواثيق الدولية والحقوقية».
وطالب البيان المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته حيال ما يجري، والضغط على تركيا، والعمل على إعادة البلديات إلى أصحابها، مضيفاً أن هذه الخطوة جاءت «بإشراف من الحكومة التركية لعدم تحمل نتائج انتخابات البلديات في تركيا وفقدانها لأكبر وأكثر المدن الاستراتيجية، بما يدل على عدم قبولهم بنتائج الانتخابات».
من ناحية أخرى، أصدرت السلطات التركية، أمس، قرارات اعتقال بحق 19 من العسكريين المفصولين من الخدمة، على خلفية ادعاءات بالانتماء إلى حركة الخدمة، التابعة لفتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016.
وصدرت قرارات الاعتقال عن النيابة العامة في العاصمة أنقرة، بعد أن تم فصل العسكريين من الخدمة، بموجب مراسيم رئاسية صدرت خلال فرض حالة الطوارئ التي استمرت لعامين، عقب محاولة الانقلاب. ونسبت النيابة إلى العناصر المطلوبة تهمة التواصل مع «أئمة سريّين داخل الجيش»، يعملون لصالح حركة غولن.
وأطلقت قوات الأمن التركية عمليات متزامنة للقبض على المطلوبين في 7 ولايات، هي إسطنبول، إزمير، سامسون، أرضروم، ديار بكر، بالكسير، جناق قلعة.
إلى ذلك، أصدرت السلطات التركية أحكاماً بالسجن لمدة 130 عاماً بحق 50 صحافياً خلال العام الأول من تطبيق النظام الرئاسي في البلاد، عقب انتخابات 24 يونيو (حزيران) 2018.
وبحسب إحصائية، نشرها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، ما زال هناك 134 صحافياً داخل السجون، تم الحكم على ما لا يقل عن 50 منهم في غضون عام واحد بالسجن، بإجمالي أحكام تزيد على 130 عاماً. وأشارت الإحصائية إلى أنه كان هناك 148 صحافياً داخل السجون يوم تفعيل النظام الرئاسي، ما زال 134 منهم بالسجون، رغم إلغاء حالة الطوارئ العام الماضي.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.