«داعش» يستعيد قوته في العراق وسوريا

لا مخاوف كبيرة من استعادته الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقاً

نقطة أمنية على حدود منبج الواقعة تحت سيطرة مقاتلين عرب وأكراد في شمال سوريا  بعد أن قتل انتحاري داعشي أربعة جنود أميركيين يناير الماضي (نيويورك تايمز)
نقطة أمنية على حدود منبج الواقعة تحت سيطرة مقاتلين عرب وأكراد في شمال سوريا بعد أن قتل انتحاري داعشي أربعة جنود أميركيين يناير الماضي (نيويورك تايمز)
TT

«داعش» يستعيد قوته في العراق وسوريا

نقطة أمنية على حدود منبج الواقعة تحت سيطرة مقاتلين عرب وأكراد في شمال سوريا  بعد أن قتل انتحاري داعشي أربعة جنود أميركيين يناير الماضي (نيويورك تايمز)
نقطة أمنية على حدود منبج الواقعة تحت سيطرة مقاتلين عرب وأكراد في شمال سوريا بعد أن قتل انتحاري داعشي أربعة جنود أميركيين يناير الماضي (نيويورك تايمز)

بعد مرور 5 أشهر على إخراج القوات المدعومة من قبل الولايات المتحدة لتنظيم «داعش» من آخر جيب له في سوريا، بات التنظيم يعمل على تجميع قوات جديدة، وشنّ هجمات بأسلوب حرب العصابات في جميع أنحاء العراق وسوريا، كما أنه يقوم بتجهيز شبكته المالية، وتجنيد أشخاص جدد، وذلك في مخيم يديره حلفاء التنظيم، وفقاً لضباط في الجيش والمخابرات الأميركية والعراقية.
وعلى الرغم من احتفاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالهزيمة الكاملة لـ«داعش» هذا العام، فإن مسؤولي الدفاع في المنطقة يرون الأمور بطريقة مختلفة، وقد حذر تقرير للمفتش العام الأميركي مؤخراً من أن انسحاب الجنود الأميركيين من سوريا ليصبح عددهم أقل من نصف العدد الذي كان موجوداً (2000 جندي)، بأمر من ترمب، يعني أن الجيش الأميركي قد اضطر إلى تقليص الدعم للقوات السورية التي تقاتل «داعش»؛ ولذا فإنه في الوقت الحالي، لم يعد بإمكان القوات الأميركية والدولية سوى محاولة ضمان بقاء التنظيم بعيداً عن المناطق الحضرية.
وعلى الرغم من عدم وجود مخاوف كبيرة من تمكن التنظيم من استعادة الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقاً، وهي «الخلافة» التي كانت ذات يوم بحجم بريطانيا وتتحكم في حياة ما يصل إلى 12 مليون شخص، فإن «داعش» ما زال يحشد ما يصل إلى 18 ألف مقاتل في العراق وسوريا، وقد نفذت هذه الخلايا النائمة هجمات قناصة، وعمليات خطف، واغتيالات ضد قوات الأمن وقادة المجتمع.
ولا يزال بإمكان التنظيم الاستفادة من أمواله التي تصل إلى 400 مليون دولار، والتي قد تم إخفاؤها في كلٍ من العراق وسوريا، أو أنه قد تم تهريبها إلى دول الجوار، ويُعتقد أيضاً أن «داعش» قد استثمر أمواله في الأعمال التجارية، بما في ذلك تربية الأسماك، وتجارة السيارات، وزراعة القنب.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، نجح «داعش» في الوصول إلى مخيم مترامي الأطراف (الهول) في شمال شرقي سوريا، لكن لا توجد خطة جاهزة للتعامل مع الأشخاص الموجودين هناك، البالغ عددهم 70 ألف شخص، بما في ذلك الآلاف من أفراد أسر مقاتلي التنظيم، ويقول مسؤولو الاستخبارات الأميركية، إن معسكر الهول، الذي يديره حلفاء أكراد سوريون بقليل من المساعدات والأمن، قد بات يتطور ليصبح بمثابة بؤرة جديدة لآيديولوجية «داعش»، وأرض خصبة هائلة للإرهابيين في المستقبل، كما تحتجز القوات السورية الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة، أكثر من 10 آلاف مقاتل من «داعش»، بما في ذلك 2000 أجنبي، في سجون مؤقتة منفصلة.
وفي تقرير حول مخيم «الهول»، الذي تم إعداده لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ووزارة الخارجية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، قال المفتش العام الأميركي «إن عدم قدرة الأكراد السوريين على توفير أكثر من الحد الأدنى من الأمن في المخيم قد سمح بنشر آيديولوجية (داعش) هناك»، كما أخبرت القيادة المركزية للجيش الأميركي كاتبي التقرير أن «داعش» يستغل انعدام الأمن لتجنيد أعضاء جدد، وإعادة جلب الأعضاء الذين كانوا قد غادروا ساحة المعركة».
كما توصل تقييم حديث للأمم المتحدة إلى النتيجة نفسها، حيث أكد التقرير أن الأشخاص الذين يعيشون في الهول «قد يشكلون تهديداً إذا لم يتم التعامل معهم بشكل مناسب».
وتشير هذه المعلومات، التي أكدها مسؤولون عراقيون وأميركيون ومسؤولون عسكريون غربيون آخرون، والتي تم توثيقها أيضاً في سلسلة حديثة من تقييمات الحكومة الأميركية والأمم المتحدة، إلى أن «داعش» يصعد من جديد، وذلك ليس فقط في العراق وسوريا، لكن في أماكن أخرى من غرب أفريقيا إلى سيناء، ويشكل هذا الصعود تهديداً للمصالح الأميركية ولحلفاء الولايات المتحدة، وذلك في الوقت الذي تقوم فيه إدارة ترمب بسحب القوات الأميركية من سوريا وتحويل تركيزها في الشرق الأوسط إلى المواجهة التي تلوح في الأفق مع إيران.
وأحد المؤشرات المهمة التي تشير إلى عودة التنظيم من جديد هو كمية الذخائر التي أسقطتها الطائرات الأميركية في العراق وسوريا في الأشهر الأخيرة، ففي يونيو (حزيران) الماضي، أسقطت الطائرات الحربية الأميركية 135 قنبلة وصاروخاً، أي أكثر من ضعف ما استخدمته في مايو (أيار) الماضي، وذلك وفقاً لبيانات القوات الجوية الأميركية.
ويقول مسؤولو الدفاع في المنطقة، إن «داعش» يرتكز الآن في المناطق الريفية، حيث تقاتل هناك عناصر صغيرة مكونة من نحو 10 مقاتلين، كما تستفيد من الحدود التي يسهل اختراقها بين العراق وسوريا.
وبالنسبة للعراقيين في المحافظات الشمالية والغربية التي كان التنظيم نشطاً فيها في الماضي، فإن الشعور بالتهديد لم يختف أبداً، فصحيح أن عدد الهجمات قد أصبح أقل، لكنها لم تتوقف أبداً، ففي الأشهر الـ6 الأولى فقط من هذا العام، وقع 139 هجوماً في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى والأنبار، وقتل 274 شخصاً، أغلبهم من المدنيين، لكن بينهم أيضاً أفراد من قوات الأمن العراقية وقوات الحشد الشعبي، وذلك وفقاً لتقارير قوات الأمن العراقية.
وبحسب تقرير أصدرته لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، في يوليو (تموز) الماضي، فإن قادة «داعش» «يتكيفون ويعززون وضعهم لتهيئة الظروف للصعود الحتمي من جديد في سوريا والعراق»، وذلك على الرغم من هزيمتهم العسكرية في هذه الدول.
كما خلص تقرير المفتش العام الأميركي الجديد الذي يقيم أنشطة «داعش» في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو، إلى أن التنظيم «عاد إلى الظهور في سوريا» و«عزز قدراتها المسلحة في العراق».
وعلى الرغم من هذه التقارير، فإن الرئيس ترمب لا يزال يدعي الفضل لنفسه في إلحاق الهزيمة الكاملة بـ«داعش»؛ وهو ما يتناقض مع التحذيرات المتكررة من مسؤولي الاستخبارات، ومكافحة الإرهاب، بأنه لا يزال بمثابة «قوة مميتة».
وقال ترمب الشهر الماضي: «لقد قمنا بعمل رائع، فقد حصلنا على أراضي الخلافة كافة، كما أننا سننسحب بسرعة من سوريا، وسندعهم يعالجون مشاكلهم الخاصة بنفسهم، فنحن على بُعد 7 آلاف ميل».
ورغم وجود 5200 جندي أميركي في العراق وأقل من 1000 جندي في سوريا، فإن دور الجيش الأميركي لم يختلف كثيراً في كلا البلدين. ويقول المسؤولون، إن التنظيم مجهز بشكل جيد، وذلك رغم انقسام قيادته، حيث يترك القادة معظم الخلايا دون توجيه.
ويقول الزميل في مركز «صوفان»، وهو مؤسسة بحثية لقضايا الأمن العالمي، كولن كلارك، إن الانسحاب الأميركي من سوريا يهيئ الظروف اللازمة لاستعادة تنظيم «داعش» للجيوب التي كان يسيطر عليها، ولتحكمه في السكان المحليين هناك.

* خدمة «نيويورك تايمز»



لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

TT

لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)
بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، إن حكومته كثفت الاتصالات الدبلوماسية أمس لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار وانسحابها من البلدات اللبنانية الحدودية.

ونقل بيان لرئاسة الوزراء عن ميقاتي قوله «شددنا في خلال هذه الاتصالات على أولوية استتباب الأوضاع لعودة النازحين إلى بلداتهم ومناطقهم وتوسعة انتشار الجيش في الجنوب».

وأوضح أن إعلان قيادة الجيش اليوم عن الحاجة إلى جنود متطوعين للالتحاق بالوحدات المقاتلة "يندرج في سياق تنفيذ قرار مجلس الوزراء بزيادة أفراد الجيش لتعزيز انتشاره في مختلف مناطق الجنوب".

وفي الأسبوع الماضي، قال الجيش اللبناني إنه يعمل على استكمال انتشاره في جنوب البلاد مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله حيز التنفيذ فجر الأربعاء الماضي.

واجتمع ميقاتي أمس الاثنين في بيروت مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، الذي سيرأس لجنة المراقبة، ودعا إلى ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية في أسرع وقت.

وقال مصدران مطلعان لـ«رويترز» إن الجنرال جيوم بونشين ممثل فرنسا في اللجنة سيصل إلى بيروت غداً الأربعاء، وإن اللجنة ستعقد أول اجتماع لها يوم الخميس.

وذكر أحد المصدرين: «هناك حاجة ملحة لبدء عمل اللجنة قبل فوات الأوان»، مشيراً إلى تكثيف إسرائيل التدريجي لهجماتها رغم الهدنة.

وقال ميلر إن لجنة المراقبة ستبدأ عملها «في الأيام المقبلة».

وقالت السلطات اللبنانية إن ما لا يقل عن 12 شخصاً لاقوا حتفهم في هجمات إسرائيلية أمس الاثنين، وهو اليوم الأشد دموية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن من بين القتلى ستة أشخاص في بلدة حاريص الجنوبية وأربعة في بلدة طلوسة بالجنوب.

وقال مصدران سياسيان لبنانيان لـ«رويترز»، في وقت سابق اليوم، إن اثنين من كبار المسؤولين اللبنانيين طالبا واشنطن وباريس بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، بعدما شنت عشرات العمليات العسكرية على الأراضي اللبنانية.

وزادت هشاشة وضع وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين الطرفين بعد أقل من أسبوع على دخوله حيز التنفيذ نتيجة هجمات إسرائيلية على جنوب لبنان أسفرت عن سقوط قتلى، وإطلاق جماعة «حزب الله» صواريخ على موقع عسكري إسرائيلي أمس الاثنين.

وقال المصدران إن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف الوثيق لـ«حزب الله» الذي تفاوض باسم لبنان من أجل التوصل للاتفاق، تحدثا إلى مسؤولين في البيت الأبيض والرئاسة الفرنسية في وقت متأخر أمس، وعبرا عن قلقهما بشأن وضع وقف إطلاق النار.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الرئاسة أو وزارة الخارجية في فرنسا. وتحدث وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس، وأكد ضرورة التزام الطرفين بوقف إطلاق النار.

وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، للصحافيين أمس الاثنين، إن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال «سارياً»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «كانت تتوقع حدوث انتهاكات».

ويلزم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، إسرائيل بوقف عمليتها العسكرية الهجومية في لبنان، في حين يفرض على لبنان منع الجماعات المسلحة مثل «حزب الله» من شن هجمات على إسرائيل. كما ينص الاتفاق على أن تنسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال 60 يوماً.

وتتولى لجنة مراقبة، برئاسة الولايات المتحدة، مسؤولية متابعة الهدنة والتحقق من التزام الطرفين بها والمساعدة في تطبيقها، لكنها لم تبدأ العمل بعد.

وحث برى أمس الاثنين اللجنة المكلفة بمراقبة الهدنة على بدء عملها «بشكل عاجل»، قائلاً إن بيروت سجلت حتى الآن ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.

وتقول إسرائيل إن أنشطتها العسكرية المستمرة في لبنان تهدف إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإنها لا تنتهك التزامها بالهدنة.