وزير البيئة يشبّه أزمة النفايات بالحرب الأهلية

تحذيرات من عودتها إلى بيروت وجبل لبنان

TT

وزير البيئة يشبّه أزمة النفايات بالحرب الأهلية

تدور القوى السياسية اللبنانية في حلقة مفرغة في ملف النفايات الذي عاد لينفجر في الأشهر الماضية من بوابة منطقة الشمال مع تحذيرات من انفجاره قريباً في بيروت وجبل لبنان ومناطق أخرى في حال عدم الاستنفار لمعالجة الموضوع، قبل بلوغ مطمر «برج حمود» سعته القصوى الشهر المقبل، وقبل انتهاء المهلة التي أعطاها اتحاد بلديات الضاحية للحكومة لإيجاد مطمر بديل عن «الكوستابرافا».
وبعد اجتماع لجنة البيئة النيابية أمس، دقّ وزير البيئة فادي جريصاتي ناقوس الخطر، معتبراً أنّ أزمة النفايات أهم من الأزمة الاقتصادية، موضحاً: «إنّنا بحال طوارئ لأنّ الوضع لم يعد يحتمل». وإذ استهجن عدم مناقشة الخطة التي تقدم بها إلى مجلس الوزراء حتى الساعة، شبّه جريصاتي أزمة النفايات بالحرب الأهلية، «لجهة الضرر الذي تُسببه لأنّها قادرة على تدمير البلد مثل الحرب».
وفيما سعى وزير البيئة لرفع المسؤولية عنه وتحميلها الحكومة مجتمعة باعتبار أنه أنهى وضع خطة متكاملة لمعالجة الأزمة إلا أنه لم يتم بعد إدراجها على جدول الأعمال، صعّد نواب معارضون بوجهه، فاعتبرت النائبة بولا يعقوبيان أن الطاقم الحالي يتمسك بالإدارة والسياسة السابقة القائمة على خطط الطوارئ لفرض المحارق في نهاية المطاف، فيما حمّلت وزير البيئة شخصياً مسؤولية ما آل إليه الملف «لا البلديات أو النواب أو الناس».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوزير جريصاتي وزّع يوم أمس، على النواب أعضاء لجنة البيئة مشروع قانون يتضمن رسوماً وضرائب جديدة تحت عنوان «الأحكام المالية الانتقالية العائدة لقانون الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة»، يلحظ رسوماً مباشرة للإدارات المحلية لتغطية كلفة جمع النفايات ونقلها، ورسوماً غير مباشرة لتغطية كلفة معالجة النفايات الصلبة والتخلص منها نهائياً ورسوماً على المنتجات المستوردة التي تصبح نفايات بعد استخدامها.
ودعا رئيس لجنة البيئة النائب مروان حمادة بعد الجلسة التي عقدت أمس لعقد مجلس وزراء استثنائي للقضايا البيئية والصحية والاجتماعيّة والاقتصادية، باعتبار أنّ هذه الأزمات مُترابطة، منبهاً إلى أن أزمة النفايات في بيروت وجبل لبنان «تطلّ علينا».
ولم تقتصر الاجتماعات لبحث أزمة النفايات يوم أمس على لجنة البيئة النيابية، إذ عقدت اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة اجتماعاً مساء للبت بمصير الأزمة المتعاظمة في الشمال. وعادت النفايات إلى الشوارع في أكثر من قضاء في شمال البلاد في الساعات الماضية بعد وقف العمل مجدداً بمطمر تربل نتيجة تنامي اعتراضات الأهالي. فبعد أن كان القرار بفتح المطمر قد حظي بإجماع سياسي الأسبوع الماضي، ما أدى لمواكبة القوى الأمنية شاحنات النفايات، يبدو أن عدداً من القوى السياسية رضخ للضغوط الشعبية الرافضة أن يتم حصر كل نفايات أقضية الشمال في منطقة ومطمر واحد.
واعتبر رئيس اتحاد بلديات الضنية محمد سعدية أن القوى السياسية المعنية بحل الأزمة لا تريد حلها لاعتبارات معروفة للجميع مرتبطة بمكاسب مادية، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهم كاتحاد عرضوا على المسؤولين نحو 13 تقنية حديثة لا تستلزم اعتماد مطامر أو محارق وتلحظ معالجة طن النفايات بـ25 دولاراً من قبل القطاع الخاص، لكن كان يتم دائماً التعاطي مع الموضوع بنوع من المراوغة. وأضاف: «بدأنا نفقد الأمل باعتماد حل جذري للأزمة ولا نعرف ما سيكون مصير بلداتنا وأهلنا بعد أن عادت النفايات إلى الشوارع».
من جهته، استغرب محافظ الشمال رمزي نهرا «التعامل مع موضوع مطامر النفايات كأنه نوع من المحرمات، وهذا ما حصل في تربل»، وقال: «وجدنا 20 قطعة أرض لنطمر فيها، لكن في كل مرة تأتي مجموعة من المواطنين وتعترض»، وأشار إلى «أننا نريد أن نقيم مطمراً صحياً لا أن نطمر النفايات كيفما كان».
وتعتمد خطة وزير البيئة التي لم يبحثها مجلس الوزراء بعد حلولاً تقوم على تخفيف إنتاج النفايات وفرض رسوم وضرائب على بعض المنتجات الملوثة كالنايلون والبلاستيك، فضلاً عن إعادة الاستعمال والتدوير، إلى جانب الفرز من المصدر والمعالجة والتسبيخ، وصولاً إلى إنشاء مطامر صحية. وتلحظ فرض رسوم على المواد المكلِفة بيئياً لخفض استهلاكها، ورسوم على المنازل للفرز، وغرامات على الممتنعين عن الفرز.
ويُطبّق لبنان منذ عام 1997 خطط طوارئ لإدارة النفايات ويمدد هذه الخطط المكلفة مادياً وأبرزها المطامر من خلال توسعتها كل فترة علماً أنه يتم طمر أكثر من 90 في المائة من نفايات لبنان.



تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
TT

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)

في ظل استمرار اليمن واحداً من أخطر البلدان على الصحافيين منذ انقلاب الجماعة الحوثية على السلطة الشرعية قبل عشر سنوات؛ تعتزم منظمات دولية ومحلية إطلاق شبكة قانونية لدعم الحريات الصحافية في البلاد، بالتزامن مع كشف نقابة الصحافيين عن انتهاكات عديدة طالت حرية الصحافة أخيراً.

وفي بيان مشترك لها، أعلنت 12 منظمة دولية ومحلية تأسيس شبكة خاصة بحماية الصحافيين اليمنيين، لتقديم خدمات الحماية والدعم القانوني إليهم، ومساندة حرية التعبير في البلاد، كما ستعمل على مضاعفة التنسيق والتكامل واستمرارية الجهود، لتعزيز الحماية وضمان سلامتهم واستقلاليتهم والمؤسسات الصحافية والإعلامية.

ويأتي إطلاق الشبكة، وفق بيان الإشهار، ضمن «مشروع ضمان الحماية القانونية للصحافيين» الذي تنفّذه «المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين» (صدى)، بالشراكة مع «اليونيسكو»، والصندوق العالمي للدفاع عن وسائل الإعلام، والذي يهدف إلى تمكين الصحافيين اليمنيين من الوصول السريع والآمن إلى خدمات الحماية الشاملة وخدمات المشورة والمساعدة القانونية.

عدد كبير من الصحافيين اليمنيين غادروا أماكن إقامتهم بحثاً عن بيئة آمنة (إعلام محلي)

وتضم الشبكة في عضويتها 6 منظمات دولية وإقليمية، بينها: «المادة 19»، ومؤسسة «روري بيك ترست»، وصندوق الدفاع عن وسائل الإعلام العالمي، و«فريدوم هاوس»، والمركز الأميركي للعدالة، إلى جانب 6 منظمات ومؤسسات إعلامية محلية.

انتهاكات متنوعة

تأتي هذه الخطوة عقب تقرير لنقابة الصحافيين اليمنيين أكدت فيه أن «الجماعة الحوثية تقف وراء نحو 70 في المائة من الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون خلال الربع الثالث من العام الحالي»، ونبهت فيه إلى «استمرار المخاطر المحيطة بالعمل الصحافي والصحافيين، وعملهم في بيئة غير آمنة تحيط بحرية التعبير في البلاد».

وعلى الرغم من إغلاق الجماعة الحوثية كل الصحف والمواقع المعارضة لتوجهاتها، ومنع عمل وسائل الإعلام العربية والدولية في مناطق سيطرتها؛ فإن نقابة الصحافيين رصدت وقوع 30 حالة انتهاك للحريات الإعلامية خلال الربع الثالث من العام الحالي، وقالت إن ذلك يؤكّد «استمرار المخاطر تجاه الصحافة والصحافيين في بيئة غير آمنة تحيط بالصحافة وحرية التعبير في اليمن».

انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

ويذكر التقرير أنه، وخلال الفترة من 1 يوليو (تموز) وحتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضيين؛ تمّ رصد 14 حالة حجز حرية بنسبة 47 في المائة من إجمالي الانتهاكات، و6 حالات محاكمات واستدعاء لصحافيين بنسبة 19 في المائة، و4 حالات تهديد وتحريض بنسبة 13 في المائة، وحالتي اعتداء بنسبة 7 في المائة، وحالتي مصادرة لأجهزة الصحافيين بنسبة 7 في المائة، وحالتي ظروف اعتقال سيئة للمعتقلين بنسبة 7 في المائة.

ووضعت النقابة الجماعة الحوثية في طليعة منتهكي الحريات الصحافية؛ حيث ارتكبت 21 انتهاكاً بنسبة 70 في المائة، في حين ارتكبت الحكومة الشرعية بكل التشكيلات التابعة لها، 9 حالات انتهاك من إجمالي الانتهاكات، وبنسبة 30 في المائة منها.

ورصدت النقابة 14 حالة حجز حرية، بنسبة 47 من إجمالي الانتهاكات، تنوّعت بين 10 حالات اختطاف، و3 حالات اعتقال، وحالة ملاحقة واحدة، ارتكب منها الحوثيون 10 حالات، والحكومة 4 حالات.

الصحافة الورقية تعرّضت للإيقاف على أيدي الحوثيين الذين منعوا كل إصداراتها إلا الموالية للجماعة (إكس)

ويورد التقرير أن هناك 14 صحافياً رهن الاحتجاز لدى الأطراف كافّة، منهم 10 لدى الجماعة الحوثية، واثنان منهم لدى قوات الحزام الأمني في عدن، وصحافي اختطفه تنظيم «القاعدة» في حضرموت، وأخفاه منذ عام 2015، وهو محمد قائد المقري.

بيئة غير آمنة

يعيش الصحافيون المعتقلون في اليمن أوضاعاً صعبة ويُعاملون بقسوة، ويُحرمون من حق التطبيب والزيارة والمحاكمة العادلة، وفقاً لتقرير النقابة.

وسجّلت النقابة 6 حالات محاكمات واستدعاءات لصحافيين بنسبة 24 في المائة من إجمالي الانتهاكات استهدفت العشرات منهم، ارتكبت منها الحكومة 4 حالات، في حين ارتكب الحوثيون حالتين.

وتنوّعت هذه المحاكمات بين حكم بالإعدام أصدرته محكمة حوثية بحق طه المعمري، مالك شركة «يمن ديجتال» للخدمات الإعلامية، وحالة حكم بالسجن للصحافي أحمد ماهر، و3 حالات استدعاءات لصحافيين.

كما وثّقت 4 حالات تهديد لصحافيين بالعقاب بنسبة 16 في المائة من إجمالي الانتهاكات ارتكبتها جماعة الحوثي، وسُجّلت حالتا اعتداء، منها حالة اعتداء على صحافي، وحالة مداهمة لمنزل آخر.

تدريب صحافيين يمنيين على الاحتياطات الأمنية حيث يعيش غالبيتهم تحت طائلة التهديدات والاعتداءات (إعلام محلي)

ووقعت حالتا مصادرة لمقتنيات وأجهزة صحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية، وحالتا اعتقال سيئة لصحافيين معتقلين لدى الجماعة.

وطبقاً لتقرير النقابة، فإن مختلف الأطراف، خصوصاً الجماعة الحوثية، استمرت في اعتقال الصحافيين والتضييق عليهم، كما استمر استخدام القضاء لمعاقبتهم وترويعهم ومحاكمتهم في محاكم خاصة بأمن الدولة والإرهاب.

ويواجه الصحافيون الترهيب من خلال التهديدات والاعتداءات ومصادرة مقتنياتهم، رغم أن القيود المفروضة عليهم دفعت بعدد كبير منهم إلى التوقف عن العمل الصحافي، أو مغادرة أماكن إقامتهم، والنزوح بحثاً عن بيئة آمنة.

وطالبت نقابة الصحافيين اليمنيين بالكف عن مضايقة الصحافيين أو استخدام المحاكم الخاصة لترويعهم وإسكاتهم.