رفع الحصانة عن نائب عراقي متهم بالفساد

تحالف «القرار» يعد الإجراء «استهدافاً سياسياً»

TT

رفع الحصانة عن نائب عراقي متهم بالفساد

قرر رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، رفع الحصانة البرلمانية عن النائب في تحالف «القرار العراقي» طلال الزوبعي. وأوضح القرار الموقع من رئيس البرلمان، أول من أمس، أن رفع الحصانة جاء على خلفية طلب مقدم من رئاسة الادعاء العام، في يوليو (تموز) الماضي، ضد النائب الزوبعي الذي شغل رئيس لجنة النزاهة في الدورة النيابية السابقة (2014 - 2018).
وقال الحلبوسي في كتاب موجّه إلى مجلس القضاء ورئاسة الادعاء العام، «نظراً إلى كثرة الشكاوى الواردة إلينا بتهم فساد موجهة إليه خلال فترة تولية لجنة النزاهة سابقاً، واستناداً إلى الصلاحيات المخولة لنا من الدستور (المادة 63 - ثانياً)، تقرر رفع الحصانة عن النائب (طلال خضير عباس الزوبعي)».
وتنص «المادة 63 - ثانياً» على أن «يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء في أثناء دورة الانعقاد، ولا يتعرض للمقاضاة أمام المحاكم بشأن ذلك».
من جانبه، اعتبر تحالف «القرار العراقي»، الذي ينتمي إليه الزوبعي، في بيان، رفع الحصانة عنه، بمثابة «استهداف سياسي». ودعا رئيس البرلمان إلى اعتماد الأساليب القانونية في التعامل مع هذه القضية.
ولاحظ «أن الشكاوى المقدمة ضد النواب الذين طُلب رفع الحصانة عنهم تجاوز الثلاثين، والسؤال لماذا استهدف الزوبعي دون غيره؟». وأضاف أن «الشكوى المقدمة ضد الزوبعي لا ترقى إلى عمل جرمي واضح بدلائل ثابتة وواضحة»، وأن استهدافه «سياسي بالدرجة الأولى، وإلا كان المفروض إحالة الملفات المقدمة ضد السادة النواب إلى لجنة قانونية مختصة».
ويميل مصدر مقرب من الكتل والتحالفات السنيّة إلى اعتبار أن القرار تقف وراءه «خلفيات تنافسية» مرتبطة بمن يتصدر زعامة السنة في العراق، لا سيما بين الأقطاب السياسية الثلاثة المتمثلة بأسامة النجيفي ومحمد الحلبوسي وخميس الخنجر. ويضيف المصدر، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك تنافساً معروفاً بين تحالف «القرار» بزعامة أسامة النجيفي ورئيس البرلمان الحلبوسي، وقد طعن التحالف سابقاً أمام المحكمة الاتحادية، ومن خلال النائب طلال الزوبعي، بدستورية فوز الحلبوسي برئاسة البرلمان.
وقال الزوبعي، في تصريحات صحافية، أمس، إن «رفع الحصانة سلوك انتقامي يخالف القانون، ويهدف إلى تصفية الخصوم والمعارضين للحلبوسي». ودرج الزوبعي منذ أشهر على توجيه انتقادات لاذعة لرئيس البرلمان، معتبراً أنه «السبب المباشر في قصور عمل البرلمان، بسبب عدم امتلاك رئيسه الخبرة القانونية لإدارة جلسات البرلمان أو الخلفية اللازمة عن النظام الداخلي والدستور».
بدورها، ترى النائبة عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، ألماس فاضل، أن «المادة 63 من الدستور لا تجيز رفع الحصانة عن النائب في العطلة التشريعية إلا في حالات معينة، كضبطه متلبساً بالجرم المشهود، ومن الواضح أن النائب طلال الزوبعي لم يرتكب جريمة، ولم يضبط بالجرم المشهود».
وتقول فاضل لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعلم بالخلاف المعلن بين رئيس البرلمان والنائب الزوبعي، ونتمنى ألا يكون قرار رفع الحصانة قد انطلق من أرضية الخلاف بينهما».
وحول عدد النواب الذين ينتظرون رفع الحصانة عنهم لاتهامات مختلفة، تؤكد فاضل أن «الأمر غير واضح بالنسبة لنا، ولا نعرف عددهم بالتحديد. لكن الحصانة شُرّعت لتمكين النائب من الإدلاء بآرائه السياسية دون ضغوط أو خوف، وفي كل الأحوال نأمل أن يتوصل الطرفان إلى صيغة مناسبة للحل».
ويتفق المقرر السابق في البرلمان ورئيس كتلة «بيارق الخير» النيابية، محمد الخالدي، على مسألة عدد النواب المطلوبين للقضاء، لكنه يرجّح أن يزيد عددهم على العشرين نائباً. ويقول الخالدي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدستور لا يجيز إلقاء القبض على العضو خلال مدة الفصل التشريعي إلا إذا كان متهماً بجناية، وبموافقة الأعضاء بالأغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه، أو إذا ضبط متلبساً بالجرم المشهود في جناية». كذلك يؤكد عدم جواز «إلقاء القبض على العضو خارج مدة الفصل التشريعي إلا إذا كان متهماً بجناية، وبموافقة رئيس مجلس النواب على رفع الحصانة عنه، أو إذا ضبط متلبساً بالجرم المشهود في جناية».
ويتمتع البرلمان العراقي، هذه الأيام، بإجازته الاعتيادية التي أعقبت انتهاء فصله التشريعي الثاني بدورته الحالية. ويعتقد الخالدي أن «أفضل حل لمشكلة القضايا والاتهامات بالفساد التي تطال بعض النواب والمسؤولين الكبار في الدولة، هو التزام الجميع بكشف مصالحهم المالية أمام هيئة النزاهة، كي يكونوا بعيدين عن الشبهات والمطالبات بالمحاسبة القضائية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.