السعودية: مبادرة «البناء المستدام» تحافظ على قيمة المساكن وتجذب الاستثمارات

تسهم في تحقيق تكامل في القطاع العقاري وتعزز مفهوم الجودة في الوحدات السكنية

تهدف مبادرة البناء المستدام لتوفير مجموعة من الخدمات والحلول تساهم في تعزيز جودة البناء السكني ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه (تصوير: خالد الخميس)
تهدف مبادرة البناء المستدام لتوفير مجموعة من الخدمات والحلول تساهم في تعزيز جودة البناء السكني ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه (تصوير: خالد الخميس)
TT

السعودية: مبادرة «البناء المستدام» تحافظ على قيمة المساكن وتجذب الاستثمارات

تهدف مبادرة البناء المستدام لتوفير مجموعة من الخدمات والحلول تساهم في تعزيز جودة البناء السكني ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه (تصوير: خالد الخميس)
تهدف مبادرة البناء المستدام لتوفير مجموعة من الخدمات والحلول تساهم في تعزيز جودة البناء السكني ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه (تصوير: خالد الخميس)

تتجه وزارة الإسكان السعودية إلى تعزيز سوق العقارات السعودية، وخاصة بما يتعلق في دعم البنية التحتية للمساكن والوحدات العقارية، حيث أطلقت الوزارة في هذا الشأن عددا من المبادرات بلغ عددها 16 مبادرة، ساهمت في تعزيز ذلك التوجه، بهدف تحقيق القيمة المضافة لسوق الإسكان في السعودية.
وأكد مختصان في الشأن العقاري أن مبادرات وزارة الإسكان في السعودية، بدأت تؤتي ثمارها من خلال النتائج التي تحققها على أرض الواقع، مشيرين إلى أن الوزارة، التي كشفت حتى الآن عن 16 مبادرة لن تتردد في الإعلان عن مبادرات جديدة، في حال ثبت أن لها فوائد، تساهم في حل مشكلة السكن، في مناطق السعودية، وتؤمن مساكن لكل المواطنين.
وامتدح المختصان مبادرة «البناء المستدام»، وأكدا أنها جاءت لتحافظ على القيمة السوقية للعقارات، وتحافظ على العمر الافتراضي للمساكن، فضلاً عن دورها في جذب الاستثمارات إلى القطاع العقاري.
وأكد الدكتور سالم باعجاجة أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة أن مبادرة «البناء المستدام» من أهم المبادرات التي أعلنت عنها الوزارة في الفترة الماضية، لما لها من فوائد كثيرة، وأهداف أكثر، كان لا بد منها، وذلك لاستكمال المشهد العام، في أن يوجد قطاع عقاري نموذجي في كل تفاصيله.
وقال باعجاجة: «الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان، تخصص مليارات الريالات، من أجل تأمين مساكن للمواطنين، وفي ظل الإقبال الكبير على عمليات البناء، سواء من جانب الدولة، أو من جانب المواطن، كان لا بد أن يكون هناك ما يضمن إقامة هذه المباني على معايير السلامة والأمان، فضلاً عن التأكد من جودة هذه المباني، ومراعاتها كافة الشروط»، موضحا أن «مبادرة (البناء المستدام) تحقق هذه الأهداف مجتمعة، من خلال الخدمات التي تقدمها لكل من يرغب في بناء منزل».
وتابع أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة: «إذا نظرنا إلى أهداف المبادرة، وما تضمنته من شروط ومعايير، نجد أننا أمام مبادرة، تستحق أن تكون إلزامية، من أجل المحافظة على المنشآت السكنية، وإطالة عمرها الافتراضي، وتعزيز الجودة فيها».
وقال: «المبادرة تهدف إلى توفير مجموعة من الخدمات والحلول، التي تساهم في تعزيز جودة البناء السكني، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه، إضافة إلى رفع مستوى جودة وموثوقية المنتجات السكنية»، مشيراً إلى أن «الالتزام بشروط هذه المبادرة، يضمن تخفيض تكاليف تشغيل وصيانة الوحدات السكنية على المواطن، كما أنه يعمل على تقليل المخاطر المحتملة في عملية البناء السكني والتكاليف المترتبة عليها».
ومن جانبه، رأى العقاري علي الحميدي أن هناك فائدة كبرى وعظيمة لمبادرة البناء المستدام، وقال: «للعقار قيمة سوقية، ينبغي المحافظة عليها من الانهيار، وهذا يتحقق إذا كانت المنشآت العقارية ذات جودة عالية، وتشتمل على كل اشتراطات البناء النموذجي، ومبادرة (البناء المستدام)، هي التي تضمن تحقيق هذا الأمر، وهذا في حد ذاته، يشجع المستثمرين على ضخ أموالهم في قطاع العقار، لتحقيق مكاسب مرضية، من خلال عمليات التشييد وعرض المنتجات العقارية للبيع، في المقابل، إذا استشعر المواطن بأن هذه المنتجات ذات جودة عالية، فسيقبل على شرائها، مهما غلا ثمنها، إيمانا منه بأن ما دفعه من قيمة، محفوظ في العقار».
وقال الحميدي: «يكفي أن المبادرة، تؤمن آلية لفحص جودة أعمال تنفيذ البناء، عبر متخصصين معتمدين، أثناء بناء الوحدة السكنية، وهؤلاء يمنحون المبنى شهادة جودة تنفيذ البناء، بعد اكتمال بنائه، وتجاوزه كافة مراحل الفحص، ولهذه الشهادة تأثيرها في المحافظة على القيمة السوقية للمنزل، في حال عرضه للبيع، ومن دون هذه الشهادة، قد يباع المنزل بثمن بخس».
وأضاف العقاري: «منذ بدء العمل بهذه المبادرة، ألاحظ أن هناك اهتماماً بجودة وموثوقية المنتجات السكنية، فضلاً عن تخفيض تكاليف تشغيل المنتجات السكنية، عن طريق مبان قوية، قادرة على مقاومة تأثيرات الزمن، وذات عمر افتراضي طويل، تتقلص فيها عمليات الصيانة، وتظهر فيها معايير السلامة».
يذكر أن خدمة «فحص المباني الجاهزة» تهدف إلى رفع جودة وموثوقية الوحدات السكنية المعروضة عبر مساعدة الباحثين عن شراء أو استئجار وحدة سكنية في اتخاذ قرارهم، إذ يمكن رفع طلب الفحص إلكترونياً عبر منصة البناء المستدام ليقوم فاحص معتمد بتسلم الطلب وإجرائه خلال 48 ساعة، ويصدر بموجبه تقرير شامل على حالة الوحدة العقارية عبر الفحص الظاهري للجوانب المعمارية، والإنشائية، والميكانيكية، والكهربائية.
ويوفر برنامج البناء المستدام التابع لوزارة الإسكان خدمة «فحص جودة البناء» للوحدات السكنية التابعة للمطورين العقاريين، وذلك لتمكينهم من الحصول على شهادة جودة البناء بعد إكمال بناء الوحدات السكنية في المشاريع، وفقا لمعايير الجودة المعتمدة من البرنامج، ويأتي ذلك بعد أن أطلق البرنامج الخدمة في مرحلته الأولى للمستفيدين من الأفراد في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتُعد الخدمة من الحلول التي تقدمها وزارة الإسكان لحفظ حقوق المواطنين والمستفيدين في القطاع العقاري، عبر رفع جودة الوحدات السكنية من خلال توفير آلية لفحص جودة الوحدات السكنية عبر مهندسين فاحصين تم تأهيلهم على أفضل المعايير العالمية في فحص الجودة وفقا لمواصفات كود البناء السعودي، سعياً من وزارة الإسكان في رفع كفاءة السوق العقارية والأطراف العاملة فيها، حيث تعتبر شهادة جودة البناء وسيلة تتيح للمطور تعزيز مصداقيته وشفافيته وعكس جودة وحداته السكنية.
وتسهم هذه الخدمة في رفع جودة البناء السكني من خلال فحص الوحدة السكنية تحت الإنشاء، حيث يتم فحص الوحدة السكنية على 7 مراحل تغطي أهم أعمال البناء، تبدأ بتدقيق المستندات المطلوبة كالمخططات وتقرير اختبار التربة مرورا بمرحلة الأساسات والهيكل الإنشائي والأعمال الكهربائية والميكانيكية وانتهاء بالتسليم النهائي للوحدة، وعند الانتهاء من جميع مراحل الفحص بنجاح يتم إصدار شهادة جودة البناء لكل وحدة سكنية.
وكان المهندس مازن الداود المشرف العام على التنظيم العقاري في وزارة الإسكان أكد في وقت سابق أن الوزارة تسعى إلى أن تكون لشهادة جودة البناء دور محوري في عملية الشراء وجعلها جزءاً من ثقافة المستهلك، بالإضافة إلى كونها وسيلة لرفع الجودة في المشاريع العقارية، الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي على الفرد والمجتمع عبر حفظ حقوق المواطن ورفع الموثوقية في القطاع العقاري بشكل عام وتنظيمه ليكون أحد أهم القطاعات المحركة للاقتصاد السعودي.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».