الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحذر من «انتفاضة شاملة»

تقرير أمني يركز على أن فقدان الأمل لدى الشباب يتحول إلى عمليات

متظاهر فلسطيني خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية شرق غزة الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
متظاهر فلسطيني خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية شرق غزة الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحذر من «انتفاضة شاملة»

متظاهر فلسطيني خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية شرق غزة الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
متظاهر فلسطيني خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية شرق غزة الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

حذرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية من تدهور أكبر للوضع الأمني في الضفة الغربية، وصولاً إلى احتمال اندلاع انتفاضة شاملة، في ظل الجمود السياسي الحالي والضغط الاقتصادي المتواصل. وجاء في تقرير أمني فلسطيني أن فرصة اندلاع عمليات مسلحة في الضفة الغربية المحتلة كبيرة للغاية.
والتقرير الذي أعد قبل موجة العمليات الأخيرة يركز على احتمال حدوث تدهور أمني يعقب موجة عمليات عنيفة، وصولاً إلى انتفاضة أشمل، إذا استمر الوضع الحالي كما هو. وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن الجمود السياسي لم يعد مصدر قلق للقيادة السياسية في رام الله، فحسب، بل أيضاً لقادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية الذين حذروا من تدهور الوضع الأمني إذا استمرت الأزمة السياسية والاقتصادية.
ويركز التقرير على الجيل الشاب بين 16 - 25 عاماً، باعتباره يعاني من ضغوط كبيرة، إلى جانب فقدان فرص العمل، ما يعزز الخشية على مستقبله، ويقول إن ثمة خطورة كبيرة من تحويل الشباب هذا الغضب إلى عمليات.
واستند التقرير إلى شهادات من الشارع، وماذا يكتب الشبان على مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب إفادات خلال التحقيق مع معتقلين فلسطينيين.
وتشير المعطيات كلها إلى إمكانية ازدياد وتيرة عمليات إطلاق النار في الضفة، وتنفيذ عمليات أخرى مثل الطعن أو الدهس. وكان لافتاً أن التقرير كُتب قبل تنفيذ عملية قتل جندي إسرائيلي، الأسبوع الماضي، قرب الخليل، وتبع ذلك عمليتا طعن ودهس في الضفة. وقال التقرير إنه «من السهولة على شاب يريد تنفيذ عملية الحصول على سلاح محلي الصنع يتم تصنيعه في الضفة، كما أن مساعي حركة (حماس) في تجنيد الشبان للعمليات بتوجيه من غزة والخارج يزيد من فرص تنفيذها». وذكر أسباباً أخرى ومحفزات لاندلاع سلسلة عمليات مسلحة في الضفة، بينها الوضع الاقتصادي المتردي والاستلهام من «مسيرات العودة» في غزة، وتأثير مساعي التهدئة في غزة على الوضع. وجاء في التقرير أن الشارع في الضفة يرى أن الهدوء الذي تنتهجه السلطة في الضفة لم يعد عليها بأي إنجاز سياسي في العقد الأخير، وبالمقابل فإن القوة التي تنتهجها «حماس» كسلاح ضد إسرائيل جعلت تل أبيب تبحث عن الهدوء، ودفعت ثمنه عبر دفع ملايين الدولارات للقطاع وتخفيف للحصار.
وشخص التقرير اشتراك أبناء موظفي السلطة والأمن الفلسطيني في أعمال «عنف»، نتيجة التضييق الاقتصادي الذي تمارسه إسرائيل بحقهم. وقال إنه توجد رغبة من أجل تغيير الوضع القائم تجاه إسرائيل، بما في ذلك داخل حركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبدأت تتعالى أصوات بداخلها من أجل العودة إلى الكفاح المسلح.
وتتفق المخاوف الفلسطينية الأمنية مع مخاوف أمنية إسرائيلية، من أن استمرار الضغط السياسي والمالي على السلطة الفلسطينية قد يذهب بالضفة الغربية إلى حالة من الفوضى. وأوصى المستوى الأمني الإسرائيلي، المستوى السياسي، بإعادة أموال العوائد الضريبية للسلطة، خشية انهيار السلطة إذا استمر الوضع كما هو.
وأكثر ما يقلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن تدهوراً أمنياً محتملاً قد تشارك فيه عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بعد انهيار السلطة، قد لا يمكن السيطرة عليه، وسيتحول إلى فوضى عارمة. وشهدت الضفة سلسلة عمليات في أسبوع واحد رفعت من هذه المخاوف المشتركة إلى حد كبير. فقد دهس شاب فلسطيني، وهو أسير سابق، مستوطنين، الجمعة، وأصاب اثنين بجروح مختلفة في عملية عند مدخل مستوطنة «إليعازر» الواقعة جنوب بيت لحم في الضفة الغربية قبل أن تقتله إسرائيل. والهجوم تم بعد يوم واحد من هجوم مشترك شنه شابان على عناصر من الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة في القدس قبل أن تطلق عليهما النار. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن عنصراً من الشرطة أصيب بجروح متوسطة، عندما هاجم شابان بالسكاكين مجموعة من الشرطة في القدس. وكان فلسطينيون قتلوا جندياً إسرائيلياً قرب الخليل قبل أسبوع من هذه الهجمات ما خلف توتراً كبيراً في الضفة. وفي الأشهر الأخيرة، حذر جهاز الأمن العام (الشاباك) من أن حركة «حماس»، التي تتخذ من غزة مقراً لها، تستثمر جهوداً وموارد كبيرة في تجنيد عناصر لتنفيذ هجمات في الضفة الغربية وإسرائيل.
وأعلن «الشاباك»، هذا الشهر، أنه «تم الكشف عن عدد من خلايا (حماس) العسكرية في منطقة يهودا والسامرة (الضفة الغربية) في الأسابيع الأخيرة، التي عملت بتعليمات من (حماس) في قطاع غزة، وخططت لتنفيذ هجمات إرهابية ضد أهداف تابعة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية».
وأضاف البيان أن «العناصر في الضفة الغربية تلقت تعليمات بتشكيل خلايا من أجل تنفيذ عمليات اختطاف وإطلاق نار وطعن، وشراء أسلحة، والعثور على وتجنيد المزيد من العناصر للأنشطة الإرهابية». والقلق الإسرائيلي من تصعيد يشمل أيضاً قطاع غزة، وقالت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية «كان»، إن الجيش الإسرائيلي يستعد لاستمرار إطلاق القذائف من غزة خلال الأيام المقبلة، رغم عدم وجود تحذيرات ملموسة لذلك. وقال مصدر إسرائيلي لـ«كان»، إن حركة «حماس» معنية بشكل أساسي بالهدوء، لكن هناك دائماً من يعارض هذا الهدوء.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.