حفتر يتعهد إحباط أي مشروع لإنشاء قواعد أجنبية في ليبيا

وصول تعزيزات إلى طرابلس... وقوات السراج تتحدث عن «تفوقها ميدانياً»

صورة وزعها مكتب حفتر تبرز إشرافه على تدمير غرف العمليات التركية في مصراتة
صورة وزعها مكتب حفتر تبرز إشرافه على تدمير غرف العمليات التركية في مصراتة
TT

حفتر يتعهد إحباط أي مشروع لإنشاء قواعد أجنبية في ليبيا

صورة وزعها مكتب حفتر تبرز إشرافه على تدمير غرف العمليات التركية في مصراتة
صورة وزعها مكتب حفتر تبرز إشرافه على تدمير غرف العمليات التركية في مصراتة

أكد المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، أن قواته ستُحبط «أي مشروع لإنشاء قواعد أجنبية تدعم وتموّل الإرهاب داخل ليبيا»، وذلك في أول تعليق رسمي له على إعلان الجيش أنه دمر منشأة عسكرية لتركيا في مدينة مصراتة، غرب البلاد، أول من أمس. وفي مشهد يعكس تحديه لتركيا علانية، ظهر حفتر في مقره بالرجمة خارج مدينة بنغازي شرق البلاد، مرتدياً زيه العسكري مساء أول من أمس، وهو «يشرف بشكلٍ مُباشر على الغارات الجوية لمقاتلات سلاح الجو التابع للجيش الوطني ضد غُرف العمليات التركية»، وفقاً لنص بيان أصدره المكتب.
كانت قوات الجيش الوطني قد دمرت، أول من أمس، بناء قاعدة تركية في محيط الكلية الجوية بمصراتة، على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس، بعد سلسلة من الغارات الجوية المكثفة.
ولليوم الثاني على التوالي، التزمت تركيا وحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج في طرابلس الصمت حيال هذه التطورات، لكن اللواء أحمد المسماري الناطق باسم الجيش، أكد أن قاعدة الكلية الجوية بمصراتة «كادت تتحول إلى قاعدة عسكرية تركية». وعرض المسماري خلال مؤتمر صحافي عقده بمدينة بنغازي مساء أول من أمس، خريطة تُظهر القاعدة قبل وبعد إنشاء دشم جديدة وحظيرة للطائرات، محذراً من أن السماح باستكمال البناء سيعمّق الأزمة الليبية. وأضاف: «ما الخيار الباقي غير التدمير والعصا، أن تقام قاعدة عسكرية تركية، ويتم ضربنا واستهدافنا ولذلك قررنا ضربها في سلسة غارات جوية استهدفت بنجاح المنشآت التركية»، لافتاً إلى أن الضربات كانت «دقيقة وقوية ومركزة جداً». وتابع: «نحذّر كل مَن يتدخل في مصير ليبيا بهذه الطريقة السافرة، وهذا مصير كل من يتدخل بهذه الطريقة الإردوغانية الغبية، هذا العمل عسكري استراتيجي موجّه إلى تركيا وإلى قاعدة عسكرية تتعامل مع خونة وليس موجهاً ضد مصراتة أو أي جهة». وقال مخاطباً الشعب الليبي: «نحن نقاتل من أجلكم ولم نأتِ من الخارج، نحن أبناء ليبيا، وهذه الحرب ضد المتواطئين ضد مصلحة البلاد في مصراتة، من أجل بيع قطعة غالية من الوطن لتركيا».
وقال المسماري إن علاقة (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان بليبيا هي علاقة الثأر التركي، موضحاً أن مصراتة كادت تتحول إلى قاعدة عسكرية تركية.
وبعدما أشار إلى الاشتباكات الطاحنة التي شهدتها مدينة مرزق في جنوب البلاد أول من أمس، بين قوات الجيش وتنظيم «داعش» والعصابات التشادية المتحالفة مع حكومة السراج، أوضح المسماري أن خير دليل على انضمام عناصر «داعش» للاشتباكات هناك، هو تفجير شخص لنفسه عند محاصرته من قِبل قوات الجيش والشباب المساند له، لافتاً إلى قدرة قوات الجيش على التعامل مع كل التشكيلات الإرهابية المسلحة في أرجاء البلاد كافة.
ووصف المسماري الوضع الميداني في طرابلس بأنه ممتاز، مؤكداً أن قوات الجيش المسلحة تقوم بعمل جبار وهي في تقدم كل يوم نحو قلب العاصمة، مشيراً إلى تقدمها مؤخراً في محور جنوب طرابلس، وشرق غريان ومنطقة العزيزية.
وكشف النقاب عن أن اقتحام طرابلس سيكون سيراً على الأقدام وبالسلم، وليس بقوة السلاح لأن قيادات الميليشيات تمكّنت من الهرب إلى خارج البلاد ومدينة مصراتة.
بدورها، بثت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني مشاهد لـ«فرار عناصر الحشد الميليشياوي الإرهابي»، في إشارة إلى الميليشيات الموالية لحكومة السراج، أمام «قوات الجيش المنتصرة في طرابلس بعد تكثيف النيران عليهم». كما نشرت الكتيبة 166 مشاة التابعة للجيش، فيديو يوضح وصول عشرات العربات العسكرية والمدرعة ضمن المزيد من التعزيزات العسكرية للانضمام إلى قوات الجيش التي تخوض منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي معارك ضمن حملة عسكرية لتحرير العاصمة وتسعى لإحداث اختراق حقيقي نحو وسطها.
في المقابل، نقلت عملية «بركان الغضب» التي تشنها قوات السراج عن الناطق الرسمي باسمها العقيد محمد قنونو، أن المضادات الأرضية لقواته أسقطت في الساعات الأولى من صباح أول من أمس، طائرة إماراتية مسيّرة أخرى. وأضاف: «كانت إحدى طائرتين هاجمتا مطار مصراتة وحاولتا استهداف طائراتنا وبنيتنا التحتية». وذكر أن الهدوء الظاهر على المحاور هو ضمن استراتيجية المعركة، وقال: «نحن نتفوق الآن مخابراتياً وعملياتياً، ونرصد كل كبيرة وصغيرة، وعلى أهبة الاستعداد للتحرك في أي لحظة يصدر فيها الأمر، لتنفيذ الأمر المناسب». كما أشارت وسائل إعلام موالية لحكومة السراج أمس، إلى أن ثلاثة من عناصر الجيش الوطني، سلموا أنفسهم وأسلحتهم لقوات السراج في محور عين زارة، جنوبي طرابلس.
من جهتها، أعلنت الشركة العامة للكهرباء عن اقتحام مجموعة وصفتها بأنها «خارجة عن القانون» مساء أول من أمس، لمقر دائرة توزيع حي الأندلس، حيث «أشهروا السلاح على المناوبين وقاموا بالسطو على أموالهم الشخصية وهواتفهم وسيارة لأحد المناوبين ولاذوا بالفرار». واستنكرت الشركة في بيان لها «هذا العمل الإجرامي الذي يؤثر سلباً على نفوس العاملين وجهودهم المضاعفة التي يقومون بها من أجل استقرار الشبكة الكهربائية»، معتبرة أن «الاعتداءات المستمرة وشبه اليومية على العاملين ومكونات الشبكة هي العقبة الحقيقية التي تقف عائقاً أمام تلك الجهود».
إلى ذلك، ناقش أمس، مجلس النواب الليبي خلال جلسة رسمية عقدها بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، بيان وزارة الخارجية المصرية الأخير حول ليبيا. وقال عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس، إن الجلسة ناقشت أيضاً نتائج زيارة وفد مجلس النواب للولايات المتحدة وفرنسا، وأحداث مرزق، وما يحصل فيها من عملية تطهير عرقي على يد الميليشيات التابعة لحكومة السراج، بالإضافة إلى موقف البرلمان تجاه النواب المتغيبين عنه المجلس ويعقدون اجتماعات في طرابلس.
كان وليد فارس المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد أعلن أمس، في تغريدة له عبر «تويتر»، أن تقارير لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي تشير إلى أن العمليات الإرهابية في جنوب ليبيا يتم تمويلها عبر فرعى مؤسسة النفط والمصرف المركزي في طرابلس. وأوضح أن الجهتين تخضعان لسيطرة الإخوان المسلمين، في تطور قال إنه مقلق بالنسبة إلى أوروبا والولايات المتحدة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.