أفغاني يروي كيف حوّل تفجيرٌ انتحاري حفل زفافه إلى مجزرة

قال إن المهنئين تحولوا إلى جثث

العريس الأفغاني علمي بعد التفجير الانتحاري  في حفل عرسه بالعاصمة كابل (رويترز)
العريس الأفغاني علمي بعد التفجير الانتحاري في حفل عرسه بالعاصمة كابل (رويترز)
TT

أفغاني يروي كيف حوّل تفجيرٌ انتحاري حفل زفافه إلى مجزرة

العريس الأفغاني علمي بعد التفجير الانتحاري  في حفل عرسه بالعاصمة كابل (رويترز)
العريس الأفغاني علمي بعد التفجير الانتحاري في حفل عرسه بالعاصمة كابل (رويترز)

ميرويس علمي، الذي كان يحتفل بزفافه في إحدى صالات الأفراح غرب العاصمة كابل، انقلب عرسه إلى مأتم ومجزرة دموية بعد تفجير انتحاري في صالة الحفل أتبعه تفجير سيارة مفخخة خارج الصالة عند قدوم فرق الإسعاف لنقل المصابين. التفجير الأعنف في كابل أفقد ميرويس الأمل في حياته، حيث أضاف في مقابلة تلفزيونية معه: «لن أشعر بالسعادة مرة أخرى بعد ما قُتل أقاربي وأصدقائي في حفل زفافي مساء السبت».
وفي مقابلة مع قناة «طلوع نيوز» الأفغانية استرجع ميرويس لحظات ما قبل التفجير: «كنت سعيداً وأنا أستقبل الضيوف والمهنئين في قاعة الزفاف المزدحمة، وفي غضون وقت قصير تحولوا إلى جثث. عائلتي وعروسي يشعرون بصدمة ولا يمكنهم التحدث عما جرى... عروسي تفقد وعيها بين حين وآخر كلما تذكرت ما جرى».
وأضاف: «لقد فقدت الأمل، فقدت شقيقي وأصدقائي وفقدت أقاربي. لن أرى السعادة في حياتي مرة أخرى». ولهول الصدمة وما أصاب ميرويس فإنه لن يتمكن من المشاركة في دفن أقاربه؛ «أشعر بالضعف الشديد... أدرك أنها لن تكون المعاناة الأخيرة للمواطنين الأفغان، ستستمر معاناتنا طويلاً».
والد العروس قال إنه فقد 14 من أفراد أسرته لقوا حتفهم في التفجير الانتحاري. تفجير كابل الأعنف حتى الآن منذ عدة سنوات تبناه «داعش ولاية خراسان»، وفي بيان أصدره التنظيم قال إن أحد مسلحيه فجّر نفسه في تجمع كبير للرافضة غرب كابل، بينما فجّر آخرون سيارة كانت متوقفة ومحمَّلة بالمتفجرات، حين وصلت قوات الأمن وسيارات الإنقاذ إلى مكان الانفجار.
منير أحمد، أحد الناجين من تفجير كابل، روى من على سرير المشفى الذي يرقد عليه ما حدث بالقول إن ابن عمه الذي كان قربه كان من بين القتلى، وأضاف: «كان الضيوف يرقصون فرحين بزفاف ميرويس، وفجأة وقع الانفجار الذي دمر كل شيء. الانفجار أحدث فوضى كاملة، وكل من نجا من الموت كانوا يصرخون ويبكون من أجل من فُقدوا من أحبائهم.
ويسعى تنظيم «داعش ولاية خراسان» إلى إفشال محادثات السلام التي تجريها «طالبان»، مع الولايات المتحدة في الدوحة، فيما تقول «طالبان» وقيادات أفغانية في كابل إن «داعش» تلقى دعماً من الاستخبارات الأفغانية. وقال عبد الظاهر عبد القدير عضو البرلمان الأفغاني من جلال آباد، إن لديه معلومات عن وجود بيوت آمنة لعناصر «داعش» في كابل، وإن الاستخبارات الهندية والاستخبارات الأفغانية تمدانهم بالمال والسلاح، وتوجهان عملياتهم للإبقاء على حالة انعدام الأمن في أفغانستان، فيما تشير مصادر أفغانية إلى قدوم مئات من عناصر «داعش» من العراق وسوريا عبر الأراضي الإيرانية إلى أفغانستان. وقال المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان زلماي خليل زاد، إن الهجوم أظهر ضرورة الإسراع في الجهود للتوصل إلى اتفاق مع «طالبان» من أجل المساعدة في هزيمة تنظيم «داعش». ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الهجوم بأنه «مروع»، وعبّر عن تفاؤله بالمحادثات. وقال إن الولايات المتحدة ستسعى إلى خفض مستويات القوات إلى أقل من 13 ألف جندي، لكنها ستترك قدرات استخباراتية «مهمة للغاية». وما زال نحو 14 ألف جندي أميركي في أفغانستان يقومون بأعمال التدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن الأفغانية فضلاً عن تنفيذ بعض العمليات لمكافحة التمرد.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».