حملة الزبيدي تنفي تنازله لمرشح آخر لرئاسة تونس

أنصاره يؤكدون حصوله على 350 ألف تزكية شعبية لخوض السباق

TT

حملة الزبيدي تنفي تنازله لمرشح آخر لرئاسة تونس

أعلن وسام السعيدي القيادي بحزب «البديل التونسي» الذي يرأسه مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية السابق، إمكانية انسحاب عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع المستقيل من سباق انتخابات الرئاسة المقررة يوم 15 سبتمبر (أيلول) المقبل لفائدة مهدي جمعة المرشح بدوره لخوض الانتخابات ذاتها.
وفيما استغرب أنصار الزبيدي هذا الخبر معتبرين أنه يهدف لإرباك ترشح وزير الدفاع المستقيل، أكدت إدارة حملته الانتخابية أن ما راج حول سحبه الترشح لفائدة مهدي جمعة «لا أساس له من الصحة، وأن المسألة غير مطروحة بالمرة».
ووفق مراقبين، فإن هذه الدعوة تعود أساساً إلى انتماء المرشحين الزبيدي وجمعة إلى نفس التوجه السياسي وهما سيلجآن إلى نفس الخزان الانتخابي الوسطي الحداثي إلى جانب عدد كبير من المترشحين على غرار يوسف الشاهد ومحمد عبو ومحسن مرزوق، وهو ما قد يقوي حظوظ مرشح «حركة النهضة» في المرور إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.
ويعد الزبيدي من أبرز المرشحين لتحقيق نتائج تؤهله للمرور إلى الدور الثاني من الانتخابات، وتحدث عدد من مؤيدي ترشحه عن حصوله على أكثر 350 ألف تزكية من عامة الناس للتأكيد على الشعبية الكبرى التي يحظى بها بين الناخبين. ويعدد هؤلاء خصاله السياسية مثل الخبرة وشغله مسؤوليات عدة في صلب الدولة ونجاحه في أدائها، وعدم انتمائه إلى لوبي آيديولوجي أو مالي، إضافة إلى إشرافه الناجح على وزارة الدفاع مرتين منذ ثورة 2011، وخلافا لرأي أنصاره، فإن منافسيه يعيبون عليه قلة خبرته في العمل السياسي ويقولون إنه أقرب إلى التكنوقراط الذي ينفذ توجهات الدولة علاوة على محدودية قدرته على التواصل مع ممثلي المشهد السياسي.
ويتقدم الزبيدي للانتخابات الرئاسية بصفته مستقلاً عن الأحزاب السياسية، غير أن «حزب النداء» الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي أعلن دعم هذا الترشح إلى جانب اتحاد الشغل (نقابة العمال) الذي عبر عن نفس الخيار الانتخابي.
ونتيجة لكثرة الترشيحات الطامحة لبلوغ قصر قرطاج (26 مرشحا بصفة أولية بعد إسقاط ملفات 71 مرشحا) وأغلبها ينتمي إلى نفس التيار السياسي، دعا منير الشرفي، الوجه اليساري المعروف، كلاً من المرشح عبد الكريم الزبيدي، ومهدي جمعة، وسلمى اللومي، ومحمد عبو، وسعيد العايدي، وإلياس الفخفاخ، ومحسن مرزوق، والمنجي الرحوي، إلى تنظيم انتخابات أولية فيما بينهم، والإبقاء على مرشح واحد، على أن ينسحب الباقون من السباق الرئاسي لفائدته، ودعمه ضد بقية المرشحين. وفسر الشرفي هذا الاقتراح بإمكانية تشتت أصوات الناخبين، وتسليم رئاسة الجمهورية لأطراف أخرى متهمة بـ«الرجعية والفساد وقلة الكفاءة»، على حد تعبيره.
وتضع مختلف الأحزاب السياسية المتقدمة إلى الاستحقاق الرئاسي، مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو نائب رئيس الحركة، منافسا رئيسيا لها وتسعى إلى التقدم بمرشح واحد بإمكانه المرور إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في انتظار الحسم بين الطرفين المحافظ (النهضة) والإصلاحي (أحزاب يسارية وليبرالية)، غير أن هذا المقترح لا يمكن أن يجد طريقه إلى التنفيذ نتيجة تمسك كل طرف بأحقيته في الترشح.
وكان الزبيدي قد أعلن استقالته من منصبه على رأس وزارة الدفاع للتفرغ للانتخابات الرئاسية والابتعاد عن الخلط بين العملين الحكومي والسياسي. وفي هذا السياق، يُتوقع أن يجري محمد الناصر رئيس الجمهورية المكلف، ويوسف الشاهد رئيس الحكومة، مشاورات حول ترتيبات هذه الاستقالة والطرف الذي سيتولى تسيير وزارة الدفاع بالنيابة في انتظار تعيين خلف للزبيدي.
يذكر أن الزبيدي قد أعلن عن استقالته من منصبه في 7 أغسطس (آب) الحالي غير أنه أكد مواصلة الإشراف على وزارة الدفاع إلى غاية تعيين خلف له. وكان الزبيدي قد حضر أمس بقصر قرطاج، اجتماع المجلس الأعلى للجيوش الذي تناول الوضع العام بالقوات المسلحة التونسية والوضع الأمني والعسكري وطنياً وإقليمياً.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.