بريطانيا تلغي سيادة القوانين الأوروبية على أراضيها... وجونسون إلى برلين بحثاً عن اختراق

تسريبات «السيناريو الأسوأ» تقلق البريطانيين قبل موعد الخروج

ستيفن باركلي يوقّع أمس قانوناً يقضي بإنهاء سيادة القوانين الأوروبية في بريطانيا بعد بريكست (رويترز)
ستيفن باركلي يوقّع أمس قانوناً يقضي بإنهاء سيادة القوانين الأوروبية في بريطانيا بعد بريكست (رويترز)
TT

بريطانيا تلغي سيادة القوانين الأوروبية على أراضيها... وجونسون إلى برلين بحثاً عن اختراق

ستيفن باركلي يوقّع أمس قانوناً يقضي بإنهاء سيادة القوانين الأوروبية في بريطانيا بعد بريكست (رويترز)
ستيفن باركلي يوقّع أمس قانوناً يقضي بإنهاء سيادة القوانين الأوروبية في بريطانيا بعد بريكست (رويترز)

يبدأ رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، الأربعاء، جولة أوروبية هي الأولى له منذ توليه رئاسة الحكومة البريطانية، التي أعلنت أمس أنها أمرت بإلغاء قانون قائم منذ عقود يفعّل عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
ووسط تزايد المخاوف من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق في غضون شهرين ونصف شهر، أكدت رئاسة الحكومة البريطانية أن جونسون سيتوّجه الأربعاء إلى برلين لإجراء محادثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والخميس إلى باريس لعقد مباحثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
والمحادثات التي سيجريها جونسون قبيل قمة مجموعة السبع، التي تبدأ السبت في منتجع بياريتس في جنوب فرنسا، وتستمر يومين، هي الأولى له خارج بريطانيا منذ توليه رئاسة الحكومة خلفاً لتيريزا ماي الشهر الماضي.
ومن المتوقّع أن يمارس جونسون ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي لدفعه إلى إعادة التفاوض حول شروط بريكست، وأن يحذّر في المقابل من أن التكتل يواجه احتمال خروج غير منظّم لبريطانيا في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، الموعد المقرر لدخول بريكست حيّز التنفيذ، في حال لم توافق بروكسل على إعادة التفاوض.
ورفض القادة الأوروبيون مراراً وتكراراً إعادة التفاوض على الاتفاق الذي أبرمته ماي مع بروكسل والذي رفضه البرلمان البريطاني 3 مرات، وذلك على الرغم من تهديدات جونسون بأن بلاده ستخرج في هذه الحال من الاتحاد من دونه.
وفيما يبدو إعلاناً عن نواياها، أعلنت لندن أمس أنها أمرت بإلغاء قانون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي المعمول به منذ 46 عاماً، والذي يعطي قوانين التكتل السيادة على القوانين البريطانية. والقرار الذي وقّعه الجمعة وزير بريكست ستيف باركلي يدخل حيّز التنفيذ في 31 أكتوبر. وقال باركلي في بيان: «إنها لحظة تاريخية نستعيد فيها السيطرة على قوانيننا من بروكسل». وتابع: «إنها رسالة واضحة إلى شعب هذا البلد، مفادها أن لا عودة إلى الوراء، سننفذ وعدنا بالخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر، مهما كانت الظروف، بناء على التوجيهات التي أعطيت لنا في 2016».
وصوّت البريطانيون في استفتاء أجري في عام 2016 على الخروج من الاتحاد الأوروبي بغالبية 52 في المائة.
إلا أن «السيناريو الأسوأ» لتداعيات خروج بريطانيا دون اتفاق أثار مخاوف البريطانيين، بعدما سرّبت أمس صحيفة «صنداي تايمز» وثيقة حكومية رسمية لعملية «المطرقة الصفراء»، التي تتوقع أن تواجه بريطانيا نقصاً في المواد الغذائية والوقود والأدوية وفوضى في مرافئها، في حال بريكست بلا اتفاق.
وتفيد الوثيقة أنه سيُفرض شكل من الحدود في جزيرة إيرلندا. وقالت الصحيفة إن الوثيقة التي تم تسريبها وأعدتها وزارة مكتب رئاسة الحكومة خلال الشهر الحالي، تتحدث عن التداعيات المحتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
وتفيد الوثيقة أن الازدحام يمكن أن يؤثر على توزيع الوقود، بينما قد لا يكون 85 في المائة من الشاحنات التي تستخدم الموانئ الرئيسية في أوروبا جاهزاً للجمارك الفرنسية. وقالت الصحيفة إن توافر الطعام الطازج سيتراجع، والأسعار يمكن أن ترتفع.
وقالت الصحيفة إن التقرير الذي أعدته وزارة شؤون مجلس الوزراء حدّدت الآثار الأكثر ترجيحاً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وليس أسوأ السيناريوهات. لكن مايكل غوف، الوزير المسؤول عن تنسيق الاستعدادات للخروج دون اتفاق، رفض ذلك قائلاً إن الوثائق تمثل «السيناريو الأسوأ»، وإن الحكومة سرّعت وتيرة التخطيط للخروج في الأسابيع الثلاثة الأخيرة.
وأضافت الصحيفة في استعراضها لأهم ما جاء في الوثيقة، أن الحكومة تعتقد أيضاً أنه من المرجح إقامة حواجز بين آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، إذ ستثبت الخطط الحالية لتجنب عمليات التفتيش الموسعة أنها غير قابلة للاستمرار.
وقالت الصحيفة إن الملف الذي «أعدته وزارة شؤون مجلس الوزراء هذا الشهر، باسم (العملية «يلو هامر» أي المطرقة الصفراء)... أعطى لمحة نادرة عن التخطيط السري الذي تقوم به الحكومة لتجنب انهيار كارثي للبنية التحتية للبلاد». وأضافت أن «الملف الذي يحمل تصنيف رسمي - حساس، بما يعني أن الاطلاع عليه يتطلب تصريحاً أمنياً، مهم للغاية، لأنه أكثر التقييمات شمولاً لمدى استعداد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق».
وردّ غوف عبر «تويتر» على أحد الصحافيين الذين كتبوا المقال، قائلاً: «(يلوهامر) هو السيناريو الأسوأ... اتُخذت خطوات كبيرة للغاية في الأسابيع الثلاثة الماضية لتسريع وتيرة التخطيط للخروج من الاتحاد الأوروبي».
من جهته، قال وزير الطاقة كواسي كورتن، لمحطة «سكاي نيوز» لدى سؤاله عن وثائق «يلو هامر»: «أعتقد أن هناك كثيراً من نشر الذعر... وكثيراً من الناس يلعبون على وتر (مشروع الخوف)... علينا أن نستعد (للخروج) دون اتفاق». وتابع قائلاً: «سنكون مستعدين تماماً للانسحاب دون اتفاق في 31 أكتوبر».
بدورها، قالت حكومة منطقة جبل طارق، التابعة لبريطانيا، إن التحذيرات الواردة في الوثائق بخصوص قدرتها على التأقلم، مع خروج البلاد من التكتل دون اتفاق، خاطئة وعفا عليها الزمن.
وقال رئيس وزراء جبل طارق، فابيان بيكاردو، في بيان: «لقد تعاملنا مع كل المسائل المتعلقة بتدفق البضائع والمواد الغذائية والمخلفات والأدوية وحركة تنقل الأفراد والمركبات عبر الحدود».
يأتي ذلك في وقت يتعرّض فيه جونسون لضغوط متزايدة، من أجل استدعاء النواب من عطلتهم الصيفية، ليتمكن البرلمان من مناقشة بريكست. ووجّه أكثر من 100 نائب بريطاني رسالة، نشرت أمس، إلى جونسون من أجل مطالبته بدعوة البرلمان إلى الانعقاد بشكل دائم حتى 31 أكتوبر، الموعد المحدد لمغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي. وتنتهي العطلة الصيفية للبرلمان في 3 سبتمبر (أيلول).
وكتب النواب في رسالتهم، التي وقّعها نواب وقادة أحزاب معارضة لا يريدون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو يأملون في تجنب بريكست من دون اتفاق، أن «بلدنا على حافة أزمة اقتصادية، ونحن نسير باتجاه خروج بريطانيا من دون اتفاق». وأضافوا في الرسالة: «نحن أمام حالة طوارئ وطنية، ويجب استدعاء البرلمان للانعقاد على الفور».
ويفترض أن يتوقف البرلمان مجدداً بعد فترة وجيزة من عودته، مع عقد الأحزاب الكبرى مؤتمراتها السنوية خلال سبتمبر. ويسعى جيريمي كوربن زعيم حزب العمّال المعارض، للدعوة إلى التصويت على حجب الثقة عن المحافظ جونسون، فور عودة البرلمان للانعقاد. ويأمل كوربن، إذا نجح في الإطاحة بجونسون، أن يصبح رئيساً للوزراء بالوكالة، ليطلب بصفته هذه تأجيلاً جديداً لموعد مغادرة بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تجنّب خروجها من دون اتفاق، ثم يدعو إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
وقال كوربن، السبت، إنّ «ما نحتاج إليه هو حكومة مستعدّة للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي حتى لا يكون لدينا خروج كارثي في 31 أكتوبر». وأضاف أنه «من الواضح أنّ الحكومة (برئاسة جونسون) لا تريد أن تفعل ذلك».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».