كتلة «النهضة» في البرلمان زكّت 5 مرشحين لرئاسة تونس

حمادي الجبالي القيادي المستقيل من «الحركة» حصل على أعلى أصوات مرشحيها

TT

كتلة «النهضة» في البرلمان زكّت 5 مرشحين لرئاسة تونس

كشفت قائمة التزكيات التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن حركة «النهضة» منحت تزكيات برلمانية لـ5 مرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة منتصف الشهر المقبل. وأظهرت القائمة الأولية للمترشحين لرئاسة تونس أن نواب كتلة حركة «النهضة» في البرلمان، البالغ عددهم 68 نائباً، كانوا من بين أكثر النواب المزكين للمترشحين، وتوزعت أصواتهم على 5 مترشحين، هم: عبد الفتاح مورو، المرشح الرسمي لحركة «النهضة»، الذي حصل على 17 تزكية، فيما حصل كلٌ من حمادي الجبالي القيادي المستقيل من «النهضة»، وحاتم بولبيار القيادي في «النهضة»، وإلياس الفخفاخ رئيس حزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات»، والمنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق، الذي دعمت حركة «النهضة» ترشحه في انتخابات 2014، على 11 تزكية برلمانية من نواب «النهضة».
ونتيجة لهذه المعطيات التي نشرتها الهيئة الانتخابية في إطار حق النفاذ إلى المعلومات، اتهمها منافسوها بالسعي إلى تشتيت الأصوات في انتظار الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، كما أشاروا إلى أن مركز اهتمام «النهضة» ليس كرسي الرئاسة بل عدد المقاعد التي ستحصل عليها في البرلمان المقبل، لذلك رشحت رئيسها راشد الغنوشي على رأس قائمة انتخابية برلمانية في دائرة تونس الأولى، في محاولة لاقتلاع مقاعد برلمانية أكثر، وتمكين رئيس الحركة من الفوز ودخوله البرلمان في انتظار إعداده لرئاسة البرلمان المقبل خلال خمس سنوات تمتد من 2020 حتى 2024.
في السياق ذاته، حاولت كتل برلمانية أخرى الضغط من أجل ترشيح أسماء مؤيدة لتوجهاتها السياسية، وكانت حركة «تحيا تونس» وحركة «نداء تونس» من أكثر الكتل البرلمانية التي دعمت مترشحين مؤيدين لها، أو على صلة بها، لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. يذكر أن قانون الانتخابات في تونس يمنع تزكية نائب برلماني لأكثر من مترشح واحد لرئاسة البلاد. وقال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن قائمة التزكيات قد ركزت على التوجهات السياسية والآيديولوجية للمترشحين لكرسي الرئاسة، فحركة «النهضة»، على سبيل المثال، قدمت دعمها للأسماء القريبة منها، مثل حمادي الجبالي الذي يبقى «ابن الحركة» على الرغم من مغادرتها، ومنصف المرزوقي حليفها السياسي أبان انتخابات 2011، كما شكلت مع حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» و«التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات»، الذي أسسه مصطفى بن جعفر ويرأسه حالياً إلياس الفخافاخ، تحالف «الترويكا» الذي حكم تونس، لذلك لا تعتبر هذه التزكيات مفاجئة.
وتسعى حركة «النهضة» إلى تسجيل حضورها في المنافسات الرئاسية، لكنها لا تعطيها الأولوية المطلقة في نظام رئاسي معدل. وفي حال فوز مرشحها عبد الفتاح مورو، وصعد إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، فإن تلك الورقة ستفاوض من خلالها بقية الأطراف السياسية من أجل الحصول على منافع سياسية، وهي بذلك لا تسعى إلى الهيمنة على المشهد السياسي، لأن ذلك ليس من مصلحتها خلال هذه المرحلة على الأقل. ولعبت كتلتا «الائتلاف الوطني» التابعة لحركة «تحيا تونس»، وبدرجة أقل كتلة «نداء تونس»، إضافة إلى كتلة حركة «النهضة»، دوراً فاعلاً في منح «صكوك التزكية» للمترشحين. وتمكنت هذه الكتل الثلاث من منح معظم التزكيات لـ8 مترشحين من مجموع 11 حصلوا على تزكيات برلمانية، فيما استثنت من هذا الدعم كل من منجي الرحوي القيادي اليساري، وسلمى اللومي رئيسة حزب «أمل تونس» المنشق عن حزب «النداء»، وسليم الرياحي الذي أسس حزب «الاتحاد الوطني الحر» قبل أن يندمج مع حزب «النداء»، ثم ينسلخ عنه مجدداً ليشكل حزب «الوطن الجديد».
في غضون ذلك، أثارت نسبة المشاركة الضعيفة للأمنيين والعسكريين في الانتخابات البلدية الجزئية في منطقة السرس من ولاية محافظة الكاف (شمال غربي تونس) مخاوف من انعكاس هذه الظاهرة على الحملات الانتخابية المقبلة. وأكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 33 في المائة، كما توجه إلى مكتب الاقتراع الوحيد 3 ناخبين من الأمن والجيش من مجموع 90 مسجلين في القوائم الانتخابية. وتتنافس في هذه الانتخابات قائمتان حزبيتان تمثلان حركة «النهضة» وحركة «تحيا تونس» إلى جانب قائمتين مستقلتين.
من ناحية أخرى، أكد نبيل بافون رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، على أن الهيئة تحرص على الحصول على الحبر الانتخابي خلال الأيام القليلة المقبلة كي يتم توزيعه على جميع فروع الهيئة في الدوائر الانتخابية، مشيراً إلى أن الأمر يسير بالشكل المطلوب بتعاون دولي، وأن هذا الحبر الانتخابي سيكون في شكل هبة من قبل المنظمة الدولية للنظم الانتخابية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».