الحوثي ينتحل صفة الحكومة اليمنية ويعين سفيراً في طهران

الشرعية عدته انتهاكاً سافراً للأعراف الدولية وقرارات مجلس الأمن

TT

الحوثي ينتحل صفة الحكومة اليمنية ويعين سفيراً في طهران

استمراراً لجماعة الحوثيين في سلوكها الانقلابي وانتحال صفة الحكومة اليمنية الشرعية، أعلنت تعيين سفير لها باسم اليمن لدى إيران، في خطوة اعتبرتها «الشرعية» انتهاكاً للأعراف الدولية وقرارات مجلس الأمن.
وأعلن المتحدث باسم الجماعة الحوثية ووزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام الشهير بلقب «فليتة» أن جماعته في صنعاء أصدرت مرسوماً جمهورياً بتعيين القيادي إبراهيم الديلمي سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى إيران، في سياق ما زعم أنه «تعزيز للعمل المؤسسي الرسمي في إطار المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ»، في إشارة إلى مجلس حكم الجماعة الانقلابي في صنعاء وحكومته غير المعترف بها دولياً.
وسارعت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية إلى تلقف خبر التعيين للقيادي الديلمي، في إشارة صريحة إلى اعتراف طهران رسمياً بحكم جماعة الحوثيين في صنعاء ومساندتها لانقلابهم ضد الحكومة الشرعية، كما جاء عبر وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا».
وتعليقاً على الخطوة، أكد راجح بادي، المتحدث باسم الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة اليمنية ستقدم مذكرة احتجاج رسمية إلى الأمم المتحدة، تؤكد رفضها الإجراء الذي قام به الحوثي والذي يمثل انتهاكاً سافراً للقوانين والأعراف الدولية ويخالف القرارات الأممية الصادرة من مجلس الأمن بشأن اليمن، وتطالب مجلس الأمن والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها تجاه ما سمته خرقاً فاضحاً للقانون الدولي. وقال بادي: «الحوثي قام بنقل العلاقة التكاملية بين الطرفين من تحت الطاولة إلى العلن، وهذا يؤكد أن الحوثيين أحد الأذرع العسكرية للحرس الثوري الإيراني».
ويعد القيادي الديلمي، المعين سفيراً لجماعته في طهران، من المنتمين إلى سلالة زعيم الميليشيات، ومن أتباع الجماعة العقائدية الذين تلقوا تعليمهم الطائفي في إيران وفي الضاحية الجنوبية، وهو نفسه مدير قناة «المسيرة» الحوثية التي يترأس مجلس إدارتها المتحدث باسم الجماعة محمد فليتة.
ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية صوراً للديلمي رفقة فليتة وقيادي آخر في الجماعة أثناء لقائهم بالمرشد الإيراني علي خامنئي ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، وخلال لقاء ثلاثي ضم وفد الجماعة مع مسؤولين إيرانيين وسفراء بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا لدى طهران.
وجاء الاعتراف من إيران بالجماعة أخيراً بعد يومين من نقل الوفد الحوثي رسالة خطية من زعيمهم الحوثي إلى المرشد الإيراني تضمنت تقديم البيعة له واعتبار حكم الملالي في طهران امتداداً للرسول الكريم والإمام علي بن أبي طالب، وفق ما ذكره الموقع الرسمي للمرشد خامنئي، وتكتمت عليه وسائل إعلام الجماعة.
ويتخذ المتحدث باسم الجماعة الحوثية فليتة من قيادات أخرى من العاصمة العمانية مسقط منطلقاً لتحركاتهم الخارجية ومساعيهم لتوسل الاعتراف الدولي بحكمهم الانقلابي.
وزعم فليتة في تغريدة له على «تويتر» أن «جماعته منفتحة على أي عاصمة عربية أو إسلامية» ترغب لتعزيز مشروعية حكم الانقلاب في اليمن.
ويرى المحلل السياسي الدكتور نجيب غلاب أن الخطوة التي قام بها الحوثي أثبتت أن إيران اتخذت من منطقة سيطرة الميليشيات معسكراً إيرانياً، واستخدمت الحوثي كتنظيم مسلح شكلته ومولته بكل ما يحتاجه من أموال وسلاح وخبراء ومرشدين لخدمة أجندتها.
ورأى أن تعيين الديلمي سفيراً لدى طهران وقول الحوثيين إنها خطوة لتعزيز العمل المؤسسي الرسمي في إطار المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ غير المعترف بها دولياً، «يشير إلى أن إيران لديها مخطط جديد لاستخدام الميليشيا الحوثية بشكل مباشر، محذراً من خطورة المرحلة القادمة».
وتوقع غلاب أن تسعى إيران في المرحلة المقبلة من خلال الإعلان عن التبادل الدبلوماسي لاستخدام ميليشيا الحوثي بشكل مباشر لتنفيذ مهام متعددة سواء في تهديد البحر الأحمر أو القيام بعمليات هجومية للدول المجاورة لليمن من خلال الطائرات والصواريخ.
وذهب إلى أن اعتراف طهران بالحوثي يعطي رسالة واضحة أن إيران دولة مشاغبة لا وظيفة لها إلا تصدير الإرهاب ودعم الحركات التخريبية في الدول العربية، موضحاً أن الاعتراف بالجماعة الحوثية التي لم تعترف بها أي دولة رسالة واضحة بأن إيران بدأت تتعامل مع سلطة الحوثي بأنها دولة معترف بها وهو مخالف للأنظمة والقوانين.
ولم تستغرب الحكومة الشرعية هذه الخطوة الحوثية، وفق ما جاء في تعليق وزير الإعلام معمر الإرياني في سلسلة تغريدات على «تويتر» حيث أشار إلى أن «التبادل الدبلوماسي بين نظام طهران وأداته في اليمن الميليشيات الحوثية، ليس مفاجئا، فهو ينقل العلاقة بين الطرفين من التنسيق وتلقي الدعم من تحت الطاولة إلى العلن»، معتبرا أن ذلك «يؤكد صحة ما تقوله الشرعية منذ البداية عن هذه العلاقة وطبيعتها وأهدافها».
وندد الوزير اليمني بهذه الخطوة التي وافقت عليها طهران، وقال إنها «تتجاوز القوانين والأعراف الدولية وتخالف قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة اليمنية»، كما أشار إلى أن «توقيت إعلانها في ظل اشتعال المنطقة على خلفية أزمة اختطاف الناقلات النفطية وأمن الملاحة في مضيق هرمز يؤكد حالة العزلة التي يعيشها نظام طهران ومساعيه لكسرها».
وأكد الإرياني على حق الحكومة اليمنية «في اتخاذ الإجراءات اللازمة ورفع مذكرة احتجاج رسمية إلى الأمم المتحدة إزاء هذا التطور» الذي قال إنه «يمثل انتهاكا سافراً للقوانين والأعراف الدولية».
وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي بموقف حازم حيال استمرار التدخلات الإيرانية في اليمن وسياساتها المزعزعة للأمن والاستقرار.
وكانت الميليشيات الحوثية عينت في 2016 القيادي الحزبي الموالي لها نايف القانص سفيراً لها في دمشق، في أول قرار من نوعه من الانقلاب على الشرعية، قبل أن تقوم أخيراً بتعيين ناشطة بريطانية من أصل يمني تدعى أم كلثوم السيد باعلوي والمعروفة في بريطانيا باسم «كيم شريف» مندوبة للجماعة لدى الأمم المتحدة. وهو القرار الذي لم تعترف به المنظمة الدولية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.