تونس: 10 «مستقلين» يطعنون في القائمة الأولية للمرشحين للانتخابات الرئاسية

تمثل 4 «تيارات سياسية» متباينة السياسات والتوجهات

TT

تونس: 10 «مستقلين» يطعنون في القائمة الأولية للمرشحين للانتخابات الرئاسية

قدم 10 مرشحين مستقلين للانتخابات الرئاسية، التي ستجري في تونس منتصف الشهر المقبل، طعوناً لدى المحكمة الإدارية المختصة في قضايا خرق القانون وتجاوز السلطة، اعتراضاً على القائمة الأولية التي أعدتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول المرشحين للاقتراع الرئاسي. وشملت قائمة المعترضين على إسقاط أسمائهم من القائمة الأولية للمرشحين الذين سيخوضون السباق الانتخابي، كلاً من فتحية معاود، ومليكة الزديني، والبحري الجلاصي، ولزهر الغزلاني. بالإضافة إلى الصحبي براهم، ومروان بن عمر، ومحمد الأوسط العياري، وليلى الهمامي، ومحمد الهادي بن حسن ومحمد صالح الجنادي، وكلهم من المترشحين المستقلين لخوض الاستحقاق الرئاسي.
وحددت المحكمة الإدارية بداية الأسبوع المقبل موعداً لجلسات المرافعة، مبرزةً أن الإعلام بتواريخ النطق بالحكم القضائي، الذي سيكون قابلاً للاستئناف بخصوص الطعون المذكورة، سيتم عند ختم جلسات المرافعة.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت قبول ملف 26 مرشحاً للانتخابات الرئاسية، بصفة أولية، في انتظار البت النهائي في قائمة المترشحين في 31 من أغسطس (آب) الحالي. وبلغ عدد الذين قدموا ملفات ترشحهم في البداية 97 مرشحاً. غير أن هيئة الانتخابات أسقطت 71 ملفاً بسبب عدم استجابتها للشروط القانونية، خصوصاً في الجانب المتعلق بالتزكية البرلمانية (10 نواب)، أو التزكية الشعبية (10 آلاف ناخب من 10 دوائر انتخابية مختلفة).
ونتيجة لكثرة الترشيحات، خصوصاً من الأسماء المستقلة، أو التي تنتمي إلى نفس التيار السياسي، دعا منير الشرفي، المحلّل السياسي التونسي، كلاً من: المرشح عبد الكريم الزبيدي، ومهدي جمعة، وسلمى اللومي، ومحمد عبو، وسعيد العايدي، وإلياس الفخفاخ، ومحسن مرزوق، والمنجي الرحوي، إلى تنظيم انتخابات أولية فيما بينهم، والإبقاء على مرشح واحد، على أن ينسحب البقية من السباق الرئاسي لفائدته، ودعمه ضد بقية المرشحين. وفسر الشرفي هذا الاقتراح بإمكانية تشتت أصوات الناخبين، وتسليم رئاسة الجمهورية لأطراف أخرى متهمة بـ«الرجعية والفساد وقلة الكفاءة»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، ونظراً إلى تفاوت حظوظ المرشحين وصعوبة دعم تيار سياسي معين ضد بقية التيارات الأخرى، أشار عدد من المتابعين للشأن السياسي المحلي، ومن بينهم صلاح الدين الجورشي، إلى أن المرشح عبد الكريم الزبيدي بات يتمتع «بوزن انتخابي مفاجئ»، خصوصاً أنه ينهل من نفس الفكر الوسطي والحداثي الذي ينتمي إليه يوسف الشاهد، رئيس الحكومة الحالية، وهو ما سيجعل المنافسة بينهما حماسية وقوية في انتظار الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.
وبخصوص وضع التيار اليساري في تونس وحظوظ مرشحيه، قال الجورشي «إنه مقسم، حيث قدم أكثر من مرشح»، في إشارة إلى المنافسة الحادة المنتظرة بين حمة الهمامي والمنجي الرحوي على تزعم اليسار، مؤكداً أنه «لا حظوظ لأي مرشح للصعود إلى الدور الثاني»، واعتبر أن أحزاب اليسار في تونس تتنافس فيما بينها على مرحلة ما بعد الانتخابات، على حد قوله.
في المقابل، أكد الجورشي أن عبد الفتاح مورو، مرشح حركة النهضة (إسلامية) مدرك لكل المعطيات الإقليمية، ولإمكانية اتهام حركته بـ«التغول السياسي» في حال فوزها بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وربما ترؤسها الحكومة المقبلة، ولذلك «يحاول أن يكون مرناً لدرء أي مخاوف» على حد تعبيره.
وكشفت القائمة الأولية للمرشحين للانتخابات الرئاسية وجود أربعة «تيارات سياسية»، ممثلة ضمن الأسماء المرشحة، تشمل التيار الإسلامي الممثل خصوصاً في مرشح «النهضة» عبد الفتاح مورو، وممثلي التيار الحداثي، وأهمهم عبد الكريم الزبيدي، ومرشحين عن التيار الليبرالي، وأغلبهم من قيادات حزب النداء المنقسم على نفسه، ويمثلهم يوسف الشاهد في المقام الأول. أما التيار الدستوري المرتبط بنظامي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي فتمثله عبير موسي، المترشحة عن الحزب الدستوري الحر.
وفي المحصلة يمكن حصر المنافسة بين تيارين أساسيين: الأول محافظ تمثله حركة النهضة، والثاني إصلاحي يشمل مختلف الأحزاب الحداثية، وهما يمثلان أساس المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 15 من سبتمبر (أيلول) المقبل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.