روسيا تواصل التخلص من السندات الأميركية لمصلحة الذهب

فائض في ميزانيتها وتركيز على الأمن والدفاع والسياسة الاجتماعية في الإنفاق

قلصت روسيا استثماراتها في السندات الأميركية لأدنى مستوى منذ عام 2007 (أ.ف.ب)
قلصت روسيا استثماراتها في السندات الأميركية لأدنى مستوى منذ عام 2007 (أ.ف.ب)
TT

روسيا تواصل التخلص من السندات الأميركية لمصلحة الذهب

قلصت روسيا استثماراتها في السندات الأميركية لأدنى مستوى منذ عام 2007 (أ.ف.ب)
قلصت روسيا استثماراتها في السندات الأميركية لأدنى مستوى منذ عام 2007 (أ.ف.ب)

كشفت بيانات وزارة الخزانة الأميركية عن تراجع جديد بحصة روسيا في سندات الدين العام الأميركي خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، وذلك في إطار سياسة «فك الارتباط بالدولار» التي تبنتها الحكومة الروسية للحد من تأثير العقوبات على الاقتصاد الوطني.
وفي غضون ذلك، كشفت تقديرات وزارة المالية عن تنفيذ الميزانية خلال النصف الأول من العام الجاري بفائض يعادل 3.4 من الناتج المحلي الإجمالي. ويتضح من تفاصيل إنفاق الميزانية أن الإنفاق على الأمن والدفاع كان مساوياً لحجم الإنفاق في السياسة الاجتماعية.
ووفق آخر بيانات عن وزارة الخزينة الأميركية، قلصت روسيا استثماراتها في السندات الأميركية من 12.024 مليار دولار في شهر مايو (أيار) الماضي حتى 10.848 مليار دولار في شهر يونيو (حزيران). وبينما حافظت على استثماراتها في السندات طويلة الأجل بقيمة 5.296 مليار دولار مع نهاية يونيو (حزيران)، قلصت استثماراتها في السندات قصير الأجل بقدر 1.22 مليار دولار.
وسجل عام 2010 الحد الأقصى للاستثمارات الروسية في الدين العام الأميركي، وتجاوزت حينها 170 مليار دولار. ولم تطرأ تغيرات كبيرة على حجمها في السنوات التالية، إلى أن تراجعت إلى ما دون 100 مليار دولار في ربيع عام 2018. حينها، وعلى وقع عقوبات متشددة فرضتها الولايات المتحدة على عشرات الأثرياء الروس المقربين من الكرملين، قلصت روسيا استثماراتها في تلك السندات حتى 96.9 مليار دولار، ومن ثم حتى 48.7 مليار دولار في أبريل (نيسان) 2018. وفي مايو من العام ذاته، قلصت استثماراتها مجدداً حتى 14.9 مليار دولار، والآن حتى 10.848 مليار دولار، وهو أدنى مستوى منذ عام 2007.
وكانت إلفيرا نابيلونا، مديرة البنك المركزي الروسي، قد بررت تقليص الاستثمارات الروسية في السندات الأميركية بـ«إعادة توزيع حصص الاحتياطات الدولية لروسيا». وتخشى روسيا أن تتأثر استثماراتها في الدين العام الأميركي بالوضع الجيوسياسي، لا سيما توتر العلاقات مع الولايات المتحدة التي تواصل فرض عقوبات تلو الأخرى ضد روسيا، مع تحذيرات مستمرة باحتمال فرض عقوبات أكثر تشدداً. وخشية من احتمال فرض قيود عليها أو تجميدها من جانب السلطات الأميركية، بدأت روسيا تقليص استثماراتها في السندات الأميركية، في إطار سياسة «فك الارتباط بالدولار» التي تشمل التقليل من اعتماد العملة الأميركية في المدفوعات.
ومقابل تقليص حصتها في الدين الأميركي، وجهت روسيا تلك المبالغ لتعزيز حصة الذهب في احتياطياتها الدولية. وتشير التقارير الرسمية إلى أن حصة الذهب ارتفعت خلال الفترة الماضية حتى أعلى مستوى، مما تعادل قيمته 60.2 مليار دولار في الاحتياطيات الدولية لروسيا مطلع عام 2017 إلى 101.9 دولار في يوليو (تموز) الماضي.
في شأن آخر من الاقتصاد الروسي، قالت وزارة المالية إن التقديرات الأولية تشير إلى فائض في الميزانية بعد تنفيذها في النصف الأول من العام الجاري، بلغت قيمته 2.027 مليار دولار، أو ما يعادل 3.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي التفاصيل عن المرحلة منذ يناير (كانون الثاني) حتى يوليو (تموز) من العام الحالي، قالت الوزارة إن إيرادات الميزانية بلغت 11.4 تريليون روبل، أو 56.9 في المائة من إجمالي إيراداتها المعتمدة لهذا العام. واحتلت عائدات النفط والغاز الصدارة في تلك الإيرادات، وبلغت قيمتها 4.7 تريليون روبل، أو 58 في المائة من إجمالي إيرادات القطاعين المعتمدة، وفق قانون الميزانية لعام 2019. أما القطاعات الأخرى فحققت إيرادات بقيمة 6.6 تريليون روبل، أو ما يعادل 56 في المائة من إيراداتها المعتمدة للعام كله.
وبالنسبة للإنفاق من الميزانية، فقد بلغت قيمته 9.4 تريليون روبل، أو 51.6 في المائة من إجمالي الإنفاق المعتمد، وفق ميزانية 2019. وكانت الحصة الأكبر منه، وقدرها 2.8 تريليون روبل، إنفاق على السياسة الاجتماعية، ومن ثم الإنفاق على الدفاع بقيمة 1.6 تريليون، أو ما يعادل 50.2 في المائة من إجمالي الإنفاق المعتمد للعام على هذه الفقرة، ومن ثم الأمن القومي 1.02 تريليون روبل، وعلى الاقتصاد الوطني أنفقت الميزانية 1.03 تريليون روبل، و488.18 مليار روبل على التعليم، ومن ثم 379.3 مليار روبل على الرعاية الصحية.



لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن قرار مجلس الإدارة بخفض أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة للمركزي الأوروبي بمقدار 25 نقطة أساس، يستند إلى التقييم المحدث لآفاق التضخم، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. وأشارت، في المؤتمر الصحافي عقب إصدار القرار، إلى أن عملية خفض التضخم تسير وفق المسار المخطط لها.

ويتوقع موظفو البنك أن يكون متوسط التضخم الرئيسي 2.4 في المائة خلال 2024، و2.1 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة خلال 2026، و2.1 في المائة خلال 2027، عندما يبدأ العمل بنظام تداول الانبعاثات الموسّع في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للتضخم، الذي يستثني الطاقة والطعام، يتوقع الموظفون متوسطاً يبلغ 2.9 في المائة خلال 2024، و2.3 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة في كل من 2026 و2027.

وأضافت لاغارد: «يشير معظم مقاييس التضخم الأساسي إلى أن التضخم سيستقر حول هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة بشكل مستدام. وعلى الرغم من انخفاض التضخم المحلي قليلاً، فإنه لا يزال مرتفعاً. ويرجع ذلك، في الغالب، إلى أن الأجور والأسعار في بعض القطاعات لا تزال تتكيف مع الزيادة السابقة في التضخم بتأخير ملحوظ».

وتابعت: «جرى تسهيل شروط التمويل، حيث أصبح الاقتراض الجديد أقل تكلفة للشركات والأُسر تدريجياً نتيجة خفض الفائدة الأخير. لكن هذه الشروط لا تزال مشددة؛ لأن سياستنا النقدية تظل تقييدية، والفوائد المرتفعة السابقة لا تزال تؤثر على رصيد الائتمان القائم».

ويتوقع الموظفون، الآن، تعافياً اقتصادياً أبطأ من التوقعات السابقة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وعلى الرغم من تسارع النمو، خلال الربع الثالث من هذا العام، تشير المؤشرات إلى تباطؤه خلال الربع الحالي. ويتوقع الموظفون أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.7 في المائة خلال 2024، و1.1 في المائة خلال 2025، و1.4 في المائة خلال 2026، و1.3 في المائة خلال 2027.

وقالت لاغارد: «نحن ملتزمون بضمان استقرار التضخم بشكل مستدام عند هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة. سنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويعتمد على الاجتماع تلو الآخر لتحديد السياسة النقدية المناسبة. بشكل خاص، ستكون قراراتنا بشأن الفائدة مبنية على تقييمنا لآفاق التضخم في ضوء البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار معين للفائدة».

النشاط الاقتصادي

نما الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة، خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وكان النمو مدفوعاً أساساً بزيادة الاستهلاك، جزئياً نتيجة العوامل الفريدة التي عزّزت السياحة في الصيف، وبناء الشركات للمخزونات. لكن أحدث المعلومات يشير إلى فقدان الاقتصاد الزخمَ. وتشير الاستطلاعات إلى أن التصنيع لا يزال في حالة انكماش، وأن نمو الخدمات يتباطأ. وتُحجم الشركات عن زيادة الإنفاق على الاستثمار في ظل الطلب الضعيف وآفاق غير مؤكَّدة. كما أن الصادرات ضعيفة، مع مواجهة بعض الصناعات الأوروبية صعوبة في الحفاظ على قدرتها التنافسية.

ووفق لاغارد، لا تزال سوق العمل مرنة، حيث نما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وظلَّ معدل البطالة عند أدنى مستوى تاريخي له بنسبة 6.3 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي الوقت نفسه، لا يزال الطلب على العمل في تراجع، حيث انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة خلال الربع الثالث، وهو أقل بمقدار 0.8 نقطة مئوية من ذروته. وتشير الاستطلاعات أيضاً إلى تقليص خلق الوظائف في الربع الحالي.

تقييم المخاطر

أشارت لاغارد إلى أن المخاطر الاقتصادية تظل مائلة نحو الجانب السلبي، حيث يمكن أن تؤثر الاحتكاكات التجارية والتوترات الجيوسياسية على نمو منطقة اليورو، وتقلل من الصادرات وتضعف الاقتصاد العالمي. كما قد يعوق تراجع الثقة تعافي الاستهلاك والاستثمار. في المقابل، قد يتحسن النمو إذا أسهمت الظروف المالية الميسَّرة وانخفاض التضخم في تسريع التعافي المحلي.

وأضافت: «قد يرتفع التضخم إذا زادت الأجور أو الأرباح أكثر من المتوقع، كما أن التوترات الجيوسياسية قد تدفع أسعار الطاقة والشحن إلى الارتفاع، وتؤثر سلباً على التجارة العالمية. علاوة على ذلك، قد تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر. في المقابل، قد ينخفض التضخم إذا أدى انخفاض الثقة والمخاوف الجيوسياسية إلى إبطاء تعافي الاستهلاك والاستثمار، أو إذا كانت السياسة النقدية تعوق الطلب أكثر من المتوقع، أو إذا تفاقم الوضع الاقتصادي عالمياً. كما يمكن أن تزيد التوترات التجارية من عدم اليقين بشأن آفاق التضخم في منطقة اليورو».